خبر اليوم التالي لم ننتصر - يديعوت

الساعة 08:52 ص|31 أغسطس 2014

بقلم: دانييل فريدمان

وزير العدل الاسبق

الثلاثي الذي قاد حملة الجرف الصامد تكبد عناء الشرح لنا – وقد احتجنا الى شرح جذري لانه يبدو أننا لم نفهم – باننا انتصرنا انتصارا عظيما وان حماس ضربت بشدة. وهذا بلا ريب تفسير ابداعي، مجال لاسرائيل فيه اختصاص مميز. المشكلة هي أنه عندما تلطم الحقائق البينة للعيان وجه هذا التفسير، يظهر بانه منقطع عن الواقع.

        الحقيقة الاساس هي أن حماس لم تصمد فقط خمسين يوما من القتال، بل واصلت اطلاق النار بوتيرة مجنونة حتى آخر يوم من القتال، مما كان بالنسبة لنا أحد المآسي الاكبر في هذا القتال. في ضوء ذلك كيف يمكن الادعاء بان حماس ضربت أو تضررت قدرتها القتالية؟

        وتضاف الى ذلك الحقائق في أنه في هذه الحملة تكبدت اسرائيل خسائر بمعدل يفوق بكثير خسائرها في الحملات السابقة في القطاع ولحق بها ضرر اقتصادي هائل سيمر زمن طويل الى أن تنتعش منه. عمليا، واضح أن النتائج العسكرية في الرصاص المصبوب، والتي جرت في عهد حكومة اولمرت كانت افضل بلا قياس من تلك التي في الحملة الحالية وان علاقات القوى العسكرية تغيرت منذئذ في طالح اسرائيل.

        يروون لنا بان بنى حماس التحتية تضررت. هذه ايضا حجة غير مقنعة. فحماس ستملأ بالتدريج مخزونها من الصواريخ مثلما ستجدد اسرائيل مخزونها من القنابل. كما أن الانفاق التي فجرت يمكن لحماس أن تحفرها من جديد. فالبنية الاساسية لحماس، والتي تشكل مصدر قوتها، هي حكمها في القطاع. وهذا الحكم بقي في يدها.

        ولكن هذه الحملة تختلف عن سابقاتها في كل ما يتعلق بحجم الاضرار المادية التي لحقت بالقطاع. فشبكات الكهرباء والمياه تضررت، والعديد من المنازل هدمت وعشرات الاف السكان ليس لهم  مكان يعودون اليه. لا يعني الامر انه لم يكن لذلك مبرر. فالمستشفى الذي تطلق النار منه يصبح هدفا عسكريا. وهكذا ايضا الشقة التي تستخدم فوهة نفق والبرج الذي تنزل فيه قيادة حماس. ولكن النتيجة هي ان سكان غزة (الى جانب سكاننا في غلاف غزة) اصبحوا الضحايا الاساسيين للحملة، والسؤال هو كيف سيؤثر الامر على سلوك حماس في المستقبل.

        من جهة اخرى تستخدم حماس المدنيين والمنشآت المدنية كدرع بشري وكقاعدة لاعمالها، بل انها تحقق تفوقا في كل اصابة لهم تستخدمها لغرض الدعاية. ومن جهة اخرى فانها هي الحاكم الدكتاتوري في القطاع. وحكمها لا يتعلق بالارادة الطيبة للغزيين ومضمون بقوة الارهاب وفرض الرعب.

        ولكن موقف السلطات الدكتاتورية من سكانها ليس موحدا. فثمة من يتجاهل السكان بلا حدود، مثلما تفعل الدكتاتورية في كوريا الشمالية، وتوجد دكتاتوريات تبدي مراعاة اكبر لاحتياجات السكان.

        يحتمل ان يكون حزب الله (الذي في يده حكم جزئي فقط)، ينتمي الى هذا التصنيف، ويحتمل جدا أن يكون الفهم الذي تسلل اليه في أن حتى حادثة حدودية "صغيرة" من شأنها أن تجر اشتعالا يضرب السكان الذين تحت حكمه، هو أحد العوامل التي حققت الهدوء النسبي في أعقاب حرب لبنان الثانية.

        يحتمل أن تكون حماس تنتمي الى تصنيف مشابه والمنظومة الاجتماعية والثقافية التي في اطارها تعمل تلزمها بالمراعاة، وان كانت جزئية، للسكان الذين تحت إمرتها. في مثل هذه الحالة سيتبين لها بان تكتيك استخدام المدنيين ومنشآتهم كدروع حية، والتي ثبتت حتى الان بانها ناجعة جدا من زاوية نظرها، يعمل كالسهم المرتد وثمنه باهظ اكثر مما تبدي حماس الاستعداد لتحمله.

        اذا كان هذا هو الحال، يحتمل أن تكون النتائج القاسية للجرف الصامد على سكان غزة بالنسبة لحماس عاملا كابحا للجماح في المستقبل، على الاقل لفترة زمنية اطول من تلك التي اعتدنا عليها في الماضي.