خبر من التالي في الدور؟ -معاريف

الساعة 09:24 ص|24 يناير 2011

من التالي في الدور؟ -معاريف

بقلم: عميت كوهين

 (المضمون: في مصر قد تخرج الجماهير الى الشوارع اذا ما أنزل الحكم ابن مبارك ليحكمه. في الجزائر لا يزالون يلعقون جراح الحرب الاهلية، وفي السودان توجد على شفا ثورة - المصدر).

¬¬السرعة التي انهارت فيها تونس وانصراف الرئيس زين العابدين بن علي، الذي كان شخصية قديمة وراسخة في اوساط الزعماء العرب، اثارت موجة من المخاوف في القصور العربية. ثورة الياسمين، انتفاضة وحركة احتجاج وغضب، اصبحت تهديدا ملموسا على حكمهم. حركات المعارضة، الشباب والقوى الليبرالية من جهة والاسلاميون من الجهة الاخرى تلقوا حقنة طاقة.

اذا كان ممكنا هنا، قالوا، فلماذا ليس عندنا؟ مظاهرات، احراقات ذاتية والكثير جدا من الحماسة غمرت هذا الاسبوع شوارع القاهرة، عمان والجزائر.

مصر: احباط من الوضع السياسي

        اربعة مواطنين مصريين احرقوا انفسهم في اثناء الاسبوع الماضي. خطوة يأس، احتجاج، محاكاة لشيء ما فعله محمد بو عزيزي الذي اطلق اشارة الثورة في تونس. المظاهرات في القاهرة لم تكن عنيفة مثلما في تونس وفي الجزائر ولكن مطالب المتظاهرين كانت حازمة. "طائرة بن علي تنتظرك"، هتفوا للرئيس مبارك، مشيرين اليه الى أنه حان لمغادرة مصر مثلما فعل ذلك الرئيس التونسي.

        حكم حسني مبارك استمر ثلاثة عقود. فقد صعد الى السلطة في تشرين الاول 1981، في اعقاب اغتيال انور السادات. منذئذ ثبت مبارك مكانته كحاكم فرد لا جدال فيه لمصر. وقد نجا من عدة محاولات اغتيال وعدد لا يحصى من مظاهرة المعارضة، التي تصدرتها منظمة الاخوان المسلمين. وبالذات الحالة الصحية لمبارك، التي هزلت، حسب التقارير المختلفة كفيلة بان تؤثر قريبا على طبيعة النظام.

        الاقتصاد في مصر ليس قويا، ولكن خلافا لتونس اساس الاحباط في مصر ينبع من الوضع السياسي. في الانتخابات الاخيرة للبرلمان ابعد الاخوان المسلمون مكللين بالعار، في ما يبدو كحملة تزوير منظمة ومنسقة. وفي السنة القادمة من المتوقع انتخابات للرئاسة. مبارك اعلن بانه يعتزم التنافس مرة اخرى، ولكن التخوف الاكبر للمعارضة هو أن ينزل مبارك الى الحكم ابنه جمال. هذه الخطوة، التي تحظى بمعارضة شديدة، من شأنها ان تخرج عشرات الالاف الى الشوارع. ومع ذلك، فاجهزة الامن في مصر – الشرطة، المخابرات والاستخبارات – قوية وخبيرة ومتجذرة جيدا في داخل المعارضة. هذه الاجهزة ستعمل بتصميم على التأكد من أن نظام مبارك لن يسقط قبل الاوان.

        الجزائر – لا يكرهون الرئيس

        جار تونس من الغرب كان اول من تلقى عدوى موجة الاحتجاج. الاف الشبان خرجوا الى شوارع الجزائر العاصمة وفي السياق ايضا في مدن اخرى. هذه المظاهرات بدأت بعد ان أعلنت الحكومة عن رفع اسعار الحليب، السكر والطحين. وارتدت المظاهرات طابعا عنيفا وفي سياقها هاجم المتظاهرون قوات الامن واشعلوا النار في محطات للشرطة ومبان عامة.

        الجزائر شهدت في الماضي محاولات انقلاب وسفك دماء داخلية. في العام 1991 اجريت في الدولة انتخابات بمشاركة التيار الاسلامي. حزب الجبهة الاسلامية فاز في الانتخابات ولكنه اكتشف ان الجيش غير مستعد لان يقبل ارادة الناخب. فالغيت الانتخابات وعقب ذلك بدأت حرب اهلية مضرجة بالدماء استمرت قرابة عقد من الزمان وجبت حياة قرابة مائة الف انسان. الجزائر، كما يجدر بالذكر، لن تعيد نفسها بسرعة الى ذات الوضع.

        منذ العام 1999 يحكم في الجزائر عبدالعزيز بوتفليقة، الذي يتنافس في الانتخابات للرئاسة كمرشح وحيد بدعم الجيش. في الانتخابات الاخيرة اثار بوتفليقة غضب المعارضة بعد أن عدل الدستور كي يتمكن من التنافس للمرة الثالثة على التوالي. وردا على ذلك قاطعت المعارضة الانتخابات وبوتفليقة، المرشح الذاتي انتخب مرة اخرى. ولكن رغم انعدام الرضى من خطوات بوتفليقة، من تقليص الحقوق ومن الوضع الاقتصادي المتهالك، فان الجزائر لا تكره الرئيس مثلما كرهت تونس بن علي.

        في اثناء الاحداث الاخيرة ايضا لم تنجح منظمات المعارضة والاتحادات المهنية، المتماثلة مع التيار الاسلامي بالعمل بشكل منظم، بحيث تفرض تهديدا حقيقيا على النظام.

        الاردن: الاخوان المسلمون ملجمون

        الاف المتظاهرين الذين تجمعوا هذا الاسبوع امام مبنى البرلمان في عمان، حافظوا على كرامة الملك. في ظل معطيات بطالة من منزلتين ووضع اقتصادي عسير، دعا المتظاهرون الى اقالة رئيس الوزراء سمير الرفاعي. أما الملك عبدالله فلم يجرؤ احد على ذكره. صحيح حتى الان، حتى عندما يتصاعد الغضب في الشوارع، يبقى البيت الملكي الهاشمي مثابة حظر شبه ديني (تابو). فواضح للجميع بان محاولة المس بشرعية الحكم ستؤدي الى رد فعل حاد، لا هوادة فيه، من جانب الجيش واجهزة الامن الموالية لعبدالله.

        الملك عبدالله توجه في العام 1999 بعد وفاة أبيه، الملك حسين. ومنذ ذلك الحين لم يشهد حكمه صدمات خاصة. الاخوان المسلمون، الذين هم المعارضة الاساس، بقوا ملجمين وتحت السيطرة. السكان الفلسطينيون وان كانوا لا يتمتعون بحقوق سياسية كاملة الا ان وضعهم الاقتصادي ليس سيئا. التهديد الوحيد المتبقي هو الارهاب الاسلامي، ذاك الذي يستمد الهامه من القاعدة.

        ومع ذلك، فعلى مدى السنين وقعت سلسلة من الاحداث الموضعية بسبب عدم رضى السكان. قبل نحو شهرين مثلا، قمعت قوات الامن مظاهرات عنيفة جاءت احتجاجا على نتائج الانتخابات للسلطات المحلية. الدرس من تونس هو ان احداث كهذه، تبدأ في مدينة بعيدة، من شأنها أن تخرج بسرعة عن السيطرة. لعل هذا هو السبب أن الحكومة الاردنية صادقت الان على رزمة دعم حكومي بمبلغ 225 مليون دولار، للاثبات بانها لا تصم اذانها عن صرخة المواطن الصغير.

        ليبيا: الزعيم الاقدم في العالم

        حاكم ليبيا معمر القذافي كان الزعيم العربي الوحيد الذي تناول رسميا الثورة في تونس. ولكن بينما أعربت دول عربية اخرى عن عطفها تجاه الشعب التونسي، أغلب الظن في محاولة لمصالحة الرأي العام المحلي، اختار القذافي الوقوف الى جانب الرئيس المطاح به. فقد اتهم القذافي التونسيين بهدم دولتهم بايديهم، وادعى بانهم لن يجدوا حاكما افضل من بن علي.

        الطاغية الليبي هو زعيم الدولة الاقدم في العالم، والذي يحكم ليبيا منذ العام 1969. وبالمقارنة معه، فان تونس هي عرش الديمقراطية والليبرالية. ولكن رغم الحكم المركزي غياب المعارضة او الصحافة الحرة، ففي السنوات الاخيرة وجدت شهادات، قليلة وليست دوما موثوقة، على أن انعدام الرضى يصبح احتجاجا، وان كان طفيفا. منذ بدأت الاحداث في تونس، غمر الـ يو تيوب افلام لمواطنين ليبيين في الشوارع، يتظاهرون ويعربون عن التأييد للشعب التونسي. ومع ذلك فان هذه المشاهد، مهما كانت غير مسبوقة، بعيدة عن ان تصبح حركة احتجاج او حتى خطوة عفوية تهدد حكم القذافي.

        السودان: دولة في وضع متفجر

        كانت هناك ايام كان فيها الرئيس السوداني عمر البشير ورجل الدين الكبير للدولة حسن الترابي، حليفين. معا أدارا الدولة بروح الاسلام المتطرف. الخصومة التي بدأت بين الرجلين في السنوات الاخيرة بلغت ذروة جديدة، حول احداث تونس. الترابي، اليوم رجل معارضة صرف، اعتقلته السلطات بعد أن استغل مظاهرات الغضب في السودان كي يبعث برسالة تهديد للرئيس. "ما حصل في تونس هو تذكير"، قال الترابي، "هذا سيحصل في السودان ايضا. والا، فسيكون هنا سفك دماء".

        في هذه الايام يجرى في جنوب السودان استفتاء شعبي، سيقرر اذا كان الجنوب سينشق عن حكم البشير. الرئيس المتهم بجرائم حرب وعد باحترام النتائج. ولكن عندما تكون احتياطات النفط للدولة موجودة في منطقة الجنوب، ليس مؤكدا على الاطلاق اذا كان البشير سيفي بكلمته. مهما يكن من أمر فان السودان، تقريبا مثلما هو دوما، يوجد مرة اخرى في وضع قابل للانفجار، على شفا حرب أهلية.