خبر قصة الشرطية التي تسببت بإندلاع الثورة التونسية

الساعة 09:59 م|19 يناير 2011

قصة الشرطية التي تسببت باندلاع الثورة التونسية

فلسطين اليوم-وكالات

بعد مرور 30 يوماً على انتحار الشاب التونسي محمد بوعزيزى، الذي يوصف بأنه «مفجّر الثورة التونسية».. بجسده المحترق تسبب في تغيير مستقبل وطن بكامله في ما سُمى «انتفاضة الياسمين».. جسده المحترق أشعل غضب الشعب التونسى فانطلق في مظاهرات عارمة من مدينة إلى مدينة ومن محافظة إلى أخيرة حتى أجبر رئيس البلاد على الفرار.

 

وكشف شقيق البوعزيزي، سالم،  في حوار مع صحيفة "المصري اليوم" التفاصيل الدقيقة التي أدت بمحمد إلى إضرام النار بنفسه، في ما يلي نص الحوار:

 

لماذا أقدم محمد على إحراق نفسه؟

 

ــ أخي تعرض إلى ظلم لم يعرف الرأي العام تفاصيله بعد، فالتغطية الإعلامية بدأت من يوم ١٧ ديسمبر الماضي فقط، لكن شقيقي محمد كان يعاني منذ ٧ سنوات من قهر أعوان البلدية، بقيادة فادية حمدى، وموظف آخر يدعى صابر. كانا يصادران بضاعته من الخضروات مرتين في الأسبوع.

 

لماذا لجأ إلى بيع الخضروات رغم أنه كان حاصلا على مؤهل علمى جيد؟

 

ــ أخى ليس جامعيا كما يتردد. لقد انقطع عن التعليم حين بلغ البكالوريا لأجل أختي ليلى ولأجل أمي، هو من مواليد ٢٩ مارس ١٩٨٤، واسمه الحقيقى فى بطاقة التعريف الوطنية طارق بوعزيزي، واسم شهرته «محمد بسبوس». وهذا الاسم رافقه منذ كان طفلا لأنه حنون جدا وقريب من كل أفراد العائلة، ولأنه كذلك ضحى بدراسته الجامعية للإنفاق على شقيقته ليلى فى كلية الآداب ولإعالة أمي. نحن عائلة بسيطة وفقيرة ليست لدينا أملاك سوى قوتنا اليومي.

 

لنعد إلى يوم الحادث.. ما الذى حدث بالتفصيل؟

 

- كالعادة حضرت فادية حمدي وهى آنسة تبلغ من العمر ٣٥ سنة مع مساعدها صابر وصادرت بموجب محضر بلدي بضاعة شقيقي، فاتصل محمد بخالي الصيدلاني ليستنجد به. وفعلا تدخل خالي واسترجع له المحجوزات، لكن بعد ١٠ دقائق عادوا مجددا وصادروا الخضار، وحين حاول محمد الحديث مع فادية صفعته على خده، وسدد له صابر عدة ركلات، ولم يكتفيا بذلك بل ضرباه على أنفه حتى انفجر بالدم عندما حاول اللحاق بهما فى مقر البلدية، فصعد إلى مكتب الكاتب العام للبلدية ليتقدم بشكاية، لكنه رد عليه قائلاً «يا مسخ متكلمنيش»، (بالتونسية تعنى يا قذر لا تحدثني).

 

وهل قابله المحافظ؟

 

- لا.. رفض المحافظ استقباله أو سماعه، فخرج للشارع بعد أن احترق من الداخل يصرخ من شدة الغيظ، ثم أحضر البترول الأزرق وأضرم في نفسه النار وفي الوقت الذى كان يحترق فيه كان حارس المحافظة يضحك.. حتى أنبوب الإطفاء بمقر المحافظة كان فارغا عندما أخرجوه فى محاولة لإنقاده.

 

إذن اهانة هذه الموظفة له هي التي أججت فكرة الانتحار لديه.. أليس كذلك؟

 

- معروف في قبيلة الهمامة أن الذي تضربه امرأة نلبسه فستاناً.

 

هل الصور التى توزع وتنشر حقيقية؟

 

- نعم حقيقية من صور محمد.

 

هل تتابعون ما يكتب عنه فى الإنترنت والصحافة العربية والعالمية؟

 

- نعم بكل تأكيد ودقة.

 

هل أنصفكم الإعلام التونسي؟

 

- بصراحة لا... كتبوا عن محمد فقط ليقولوا إن الرئيس بن علي زاره فى المستشفى.

 

هل تكلم محمد بعد الحادث؟

 

- أبدا كان تحت التنفس الاصطناعى ولا يتحرك.

 

رأينا والدتك فى قصر قرطاج مع بن علي كيف تم ذلك؟

 

- كنت برفقة أخي فى المستشفى، وكانت الحراسة مشددة على كل تحركاتى حتى عندما أخرج لشراء السجائر يرافقنى «عون» ـ أى شرطي ـ واتصلت بي شقيقتي وأبلغتني أن سائق المحافظة حضر إلى منزلنا فى «سيدي بوزيد» وقال إنه جاء خصيصا ليوصل أمى إلى العاصمة لتطمئن على حال محمد. وبوصول الوالدة وشقيقتي إلى المستشفى طلبوا منا ركوب السيارة مجددا وانطلقت بنا إلى قصر قرطاج ولم نكن نعلم وجهتنا.

 

هل قابلت الرئيس المخلوع؟

 

- لا، والدتي وشقيقتي قابلتاه، أنا التقيت بعض مستشاريه.

 

من هم وماذا قالوا لك؟

 

- لا أعرفهم، قالوا لا تخف سنرسل محمد للعلاج فى فرنسا.

 

وماذا قال بن على لوالدتك؟

 

- قال لها «لقد زرت محمد بالمستشفى، إنه ابني أنا الآن وسأهتم بأمر علاجه فى فرنسا» وهدّأها.

 

سمعت أن أحد أفراد عائلة «الطرابلسية» اتصل بك وحاول تهديدك هل هذا صحيح؟

 

- لم يكن تهديدا مباشرا، لقد حضر إلى مستشفى الحروق البليغة فى «بن عروس» بالعاصمة تونس شخص ما زلت أحتفظ برقم جواله، قال إنه المحاسب عماد الطرابلسى وعرض عليّ المساعدة المادية، كما اتصل بي أيضا أكثر من مرة، وفى كل اتصال كان يقول لى إنه أسف كثيرا لما حصل لمحمد وكان يكرر استعداده المادي لأي مساعدة أو مبلغ أطلبه، وفى نهاية كل اتصال يقول إنه خارج تونس ويطلب مني تهدئة الناس. وعشية وفاة محمد، يوم الثلاثاء ٤ يناير ٢٠١١، حضرت جماعة عماد وطلبوا مني التنازل عن جثة أخي ليتولوا هم إخراجه ودفنه ليلا مقابل أرقام خيالية، لكنى رفضت بشدة وساندني الطاقم الطبي الذى لم يدخر جهدا فى العناية ومحاولة إنقاد شقيقي.

 

  اليوم وبعد مرور شهر على انتحار محمد كيف ترى صدى الحدث الذي يتحدث عنه العالم كله؟

 

- أعتز بوطنيتي ووطنية «بسبوس» رحمه الله وأقول له كم أنا سعيد بك.

 

ووالدتك؟

 

- أمى لا يهمها ما يتردد خارج بيتها مع تقديرها للجميع ولكل من تعاطف معنا، هى تقول: «شمعة داري وولدي اللي يخدم علي راح».

 

 

ما الذى تنوي فعله الآن لاسترجاع حق محمد؟

 

- أريد ملاحقة «فادية» ومحاكمتها أمام الرأى العام الدولي، لن أتركها تفلت مني، وحارس المحافظة الذى كان يتفرج على أخي يُشوي ويضحك، ورئيس البلدية، والكاتب العام للبلدية، والمحافظ، هؤلاء جميعا صادروا أحلام أخي في الحياة.. ومن خلال صحيفتكم أدعو المحامين الشرفاء في تونس وكل البلاد العربية والعالم إلى تشكيل لجنة ومساعدتى.