خبر مسيرة في القدس.. هآرتس

الساعة 09:18 ص|19 يناير 2011

بقلم: الوف بن

(المضمون: اذا لم يبادر نتنياهو الفلسطينيين بخطة أو مبادرة تصد سعيهم الى اعلان استقلال دولتهم فسيُحرج حرجا كبيرا في القريب - المصدر).

سيخرجون من بيوتهم الى حرارة صيف القدس، ويسيرون في شارع صلاح الدين الى سور البلدة القديم. خمسون فلسطينيا ثم مئة ومئتان وألف، وعشرة آلاف. يسيرون ويصرخون "الاستقلال". لا تأييدا لكتلة اهود باراك الحزبية الجديدة بل لابعاد اسرائيل عن المناطق وراء الخط الاخضر وانشاء دولة فلسطينية فيها، كما أبعد المتظاهرون في تونس الحاكم زين الدين بن علي. كيف سترد اسرائيل؟ هل ستطلق النار على المتظاهرين وتقتلهم بازاء آلات تصوير من العالم كله؟ هذه كارثة على الصورة. هل تسجن آلافا بسبب مظاهرة غير قانونية؟ ليس هذا عمليا. هل تتهم السلطة الفلسطينية؟ ليس هذا ذا صلة. وماذا يكون اذا استمر المتظاهرون في السير يوما بعد آخر مؤيدين بالمشايعة الدولية؟.

هذا السيناريو – الذي سماه الباحثان شاؤول مشعل ودورون ماتسا "انتفاضة بيضاء" – قد يتحقق في آب – ايلول، حينما يحين الأجل الذي سماه الفلسطينيون للاعلان عن دولتهم المستقلة. يطوق محمود عباس وسلام فياض بنيامين نتنياهو. إن المسار المشترك الذي بادرا اليه وهو بناء مؤسسات الى جانب الاعتراف الدولي، يعزل اسرائيل ويعرضها على أنها رافضة سلام تصر على التمسك بالمستوطنات.

أخذ العالم يعتاد بالتدريج على فكرة ان تنضم فلسطين الى عائلة الأمم في الصيف القريب. هذا ما وعد به الرئيس براك اوباما في خطابه في الجمعية العامة للامم المتحدة الأخير، وهذا ما وعدت به وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في خطابها في منتدى "سبان"، ("الدولة الفلسطينية التي سيتم احرازها بالتفاوض غير ممتنعة"). وهذا ما تعد به دول امريكا اللاتينية، وروسيا الآن ايضا – عضوة الرباعية ومجلس الامن. سيكون تدويل اذا لم يوجد تفاوض.

سيكون عمق خيبة الأمل كعلو التوقعات الفلسطينية عندما يحل ايلول ويقترب الاستقلال. عندما أُضيع الأجل المسمى السابق للتسوية الدائمة في 13 ايلول 2000، نشبت الانتفاضة بعد اسبوعين ونصف. أعد الفلسطينيون هذه المرة الدعم الدولي مسبقا واذا سلكوا سلوكا حكيما من جهتهم فسيمتنعون عن تفجير حافلات ويحصرون العناية في احتجاج شوارع. كما في بلعين لكن في شرقي القدس.

ان دعاوى نتنياهو المضادة ان الفلسطينيين مذنبون بافشال التفاوض تُستقبل بعدم تصديق. فعباس يروي للجميع انه نقل الى نتنياهو اقتراح سلام مفصلا في جميع القضايا الجوهرية ولم يرد رئيس الحكومة. وفي العالم يصدقونه. إن "معركة الصد الدبلوماسية" التي تقوم بها اسرائيل في مواجهة الاعتراف بفلسطين حظيت بنجاح جزئي: فقد عبّر مجلس النواب الامريكي والاتحاد الاوروبي عن معارضة اعلان استقلال من طرف واحد. لكن الموقف الاسرائيلي أخذ يضعف، مع كل دولة تعترف بفلسطين في حدود 1967.

يرد نتنياهو بالتحصن في مواقعه. فقد أبعد وزراء العمل العُصاة عن حكومته، واختار ائتلافا يمينيا لاظهار "ثبات مصمِّم" في مجابهة الضغط الدولي. والحيلة الدعائية الهزيلة التي صدرت عن ديوانه وكأن الوزراء المُبعدين مذنبون بالجمود السياسي، داحضة حتى بحسب معاييره. أبوجي هرتسوغ وافيشاي برفرمان، وهما السياسيان الفاشلان اللذان خسرا عالمهما بالتردد في ترك الحكومة، أحبطا السلام؟ أهما، لا رفض نتنياهو تجميد المستوطنات والتباحث في الحدود؟.

يوجد الآن لنتنياهو عدة امكانيات عمل في محاولة احباط استقلال فلسطين. وكلها سيء. أصبح من المتأخر عرض خطة سياسية تقنع أحدا ما في العالم، وتحظى بتأييد الائتلاف اليميني. يستطيع مهاجمة ايران أو التوجه الى انتخابات مبكرة. والمخاطرة في الحالتين عظيمة والمشكلة ستؤجل فقط. يستطيع ان يضعضع سلطة عباس بخطوات مجازاة وعلى رأسها صفقة اعادة جلعاد شليط التي يُحرر بها نشطاء حماس الى الضفة الغربية. سيضر هذا بالسلطة لكنه سيعرض اسرائيل للخطر ايضا. ويستطيع أن يعترف بمبادرة منه بدولة فلسطينية في الحدود القائمة وينفصل عنها قدر المستطاع ويعرض عليها اجراء تفاوض.

إن الصيف المقترب يستدعي لنتنياهو تحديا سياسيا معقدا لا مثيل له. سيحتاج الى جميع مواهب الاحتيال التي أظهرها مع اهود باراك في تفكيك حزب العمل للالتفاف على عباس ومنع مجابهة مع الفلسطينيين. اذا ترك المبادرة في أيديهم فسيضطر الى مجابهة مسيرة استقلالهم في القدس.