خبر هزات: الشرق الاوسط ورؤيا اوباما.. اسرائيل اليوم

الساعة 09:14 ص|19 يناير 2011

بقلم: زلمان شوفال

(المضمون: الواقع العكر في الشرق الاوسط يضع الولايات المتحدة أمام معاضل سياسية شديدة ومعقدة – بل وعاجلة – وذلك لان الامور قد تتطور بسرعة اكثر مما اعتقد أو خطط أي كان - المصدر).

في الأسس التي تقوم عليها السياسة الامريكية في الشرق الاوسط هناك شقوق آخذة في الظهور. فهل الثورة التي عصفت بتونس ستنتشر الى أماكن اخرى ايضا. الى الجزائر؟ الى المغرب؟ والى أين سيتدحرج لبنان؟ والى اين سيقود تقرير اغتيال الحريري.

والهزات لا تتوقف هنا. في افغانستان تتواصل الحرب دون أن يظهر في الافق نصر قريب لقوات الناتو على طالبان والقاعدة. وفي الباكستان المجاورة، مع القنبلة النووية التي لديها، تتكاثر المؤشرات على عدم استقرار الحكم وتعاظم العناصر الاسلامية المتطرفة. وذلك رغم الوسائل الهائلة التي تدفع بها واشنطن نحو هذه الدولة وجيشها. في العراق، وان كانت تشكلت أخيرا حكومة، الا انه من المشكوك فيه أن تكون عناصرها الرئيسة تستمد الهامها السياسي من أمريكا. يبدو أن ايران مؤثرة أكثر. واذا بتنا في ايران – فسنرى أن احمدي نجاد وآيات الله يواصلون خداع امريكا في الموضوع النووي. حتى ولو بالوتيرة الحالية، وبفضل العقوبات والوسائل الاخرى التي تستخدم ضدها، ستصل طهران الى القنبلة بعد أربع سنوات فقط، يجدر بالذكر ان 2015 هي ايضا خلف الزاوية. وفي هذه الاثناء سوريا أيضا تواصل تضليل واشنطن. وليس بدون نجاح.

كل هذا يثبت مرة اخرى سخافة النظرية المنتشرة جدا في الغرب، بما في ذلك في بعض المحافل في الولايات المتحدة، وكأن النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني هو السبب الرئيس، او حتى الواحد والوحيد، لعدم الاستقرار ولكل باقي المشاكل في الشرق الاوسط.  إذ في الواقع يتبين انه مثلما في الماضي فان اسرائيل لا تزال جزيرة الاستقرار شبه الوحيدة في الشرق الاوسط.

ادارة اوباما، في سنتيها الاولتين، ركزت جهودها السياسية والاعلامية في الموضوع الاسرائيلي – الفلسطيني لدرجة تجاهلها عن وعي أو عن غير وعي للمؤشرات الواضحة للهزة الارضية المقتربة في اماكن اخرى. ويكاد يكون في كل قاطع وقاطع، فان سياسة الانفتاح والتقرب نحو العالم الاسلامي والعربي باءت بالفشل. واليد التي مدها الرئيس اوباما نحو العرب في "خطاب القاهرة" الشهير بقيت معلقة في الهواء.

الواقع العكر في الشرق الاوسط يضع الولايات المتحدة أمام معاضل سياسية شديدة ومعقدة – بل وعاجلة – وذلك لان الامور قد تتطور بسرعة اكثر مما اعتقد أو خطط أي كان. فهل المجريات ستؤثر ايضا على مصر؟ هل الاستقرار السلطوي في السعودية مضمون؟ ماذا سيكون في الاردن؟ على أي حال، يتعين على الادارة الامريكية ان تقرر بسرعة شديدة سلم اولوياتها في الشرق الاوسط والخيارات الحقيقية التي توجد تحت تصرفها.

اذا ما سار أسيرا خلف مدرسة اشخاص مثل زبغنييف بججنسكي، مستشار الرئيس كارتر وبرانت سكوكروفت، مستشار بوش الاب – وكلاهما يؤمنان بان الطريق الى الشرق الاوسط بـأسره تمر في القدس، أي انه بدون حل النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني لن تحل المشاكل التي تقف الولايات المتحدة امامها في المنطقة بأسرها – فان من شأن اوباما أن يقرر خطوات تحول أمريكا من وسيط نزيه الى من يحاول املاء تسوية. دون ان نتطرق هذه اللحظة الى مسألة اذا كان لمثل هذه الخطوة احتمال بالنجاح وماذا ستكون آثارها من ناحية اسرائيل – واضح ان الامر سيأتي على حساب المشاكل الاكثر اشتعالا في المنطقة التي تمتد من شمالي افريقيا وحتى وسط آسيا.

واشنطن بالفعل تتردد. في الاونة الاخيرة علم (وهذا كان قبل الاحداث في تونسي وفي لبنان) بان ادارة اوباما بدأت في هذا الشأن من جولة مشاورات مع عدد من المحافل الخارجية. كما علم بتشكيل فريقين يضم احدهما صمويل بيرغر وستيف هيدلي مستشاري الامن القومي للرئيسين كلينتون و بوش الابن والثاني برئاسة مارتين اينديك السفير الامريكي السابق في اسرائيل وبعد ذلك مساعد مادلين اولبرايت. وقد بدأ الفريقان بعملهما. فريق اينديك التقى الاسبوع الماضي دنيس روس وبانفراد التقى بشخصيات اسرائيلية وفلسطينية. ولعل الاسابيع القادمة تبين الى أي اتجاه تنوي ادارة اوباما السير في شؤون الشرق الاوسط.

ولعل هذا الوضع الانتقالي بالذات من ناحية سياسية سيمنح اسرائيل امكانية وحافز لطرح مبادرات خاصة بها.