خبر مات منذ زمن بعيد- يديعوت

الساعة 09:00 ص|18 يناير 2011

مات منذ زمن بعيد- يديعوت

بقلم: عاموس كرميل

الحزب الذي أقام الدولة لم يمت أمس. لثلاثة اسباب. أولا، لانه لا يستحق أي حزب، على مدى كل تاريخ المشروع الصهيوني، هذا اللقب. ثانيا، لان حزب العمل وُلد هذا الاسبوع قبل 43 سنة – أي بعد نحو 20 سنة من قيام الدولة – وعلى أي حال لم يكن بوسعه ادعاء اللقب المذكور. ثالثا، لان حزب العمل لم يمت أمس، بل مات أكثر من مرة واحدة قبل ذلك. في صياغة اخرى، ليس لان اهود باراك رفع عليه البلطة بل لان قوة الحياة ضاعت لهذا الحزب قبل أن يُنتخب ليقف على رأسه – ليس فقط في المرة الثانية، في حزيران 2007، بل حتى في المرة الاولى، في حزيران 1997.

لا ريب ان باراك موقع على ما حصل لحزب العمل أمس. بدونه ما كان سيقع الانفجار مثلما وقع، وسلوكه السياسي الى جانب بنيته الشخصية أديا دورا مركزيا في نشوب الجلبة وتعززها على نار عالية. ولكن وضع العمل الميئوس منه كان قبله. فهو لم يتسلم حزبا في وضع جيد وبدأ يهدمه بمنهاجية، بل وقف على رأس كيان سياسي شائخ بعض من جذوره المبايية – الجيدة التي بينها – ضاعت منه قبل وقت طويل من انخراطه فيه، وقسم آخر منها بقي ملتصقا به ولكنه لم يكف عن إثارة العفن، الخمول والنبذ الانتخابي.

حزب العمل الذي لم ينجح اهود باراك في ترميمه بدأ ينزلق في المنحدر منذ يوم تأسيسه، في 21 كانون الثاني 1968. في ذاك الوقت كان له 54 نائبا انتُخبوا في الكنيست السابعة عن الاحزاب الثلاثة التي كان يتشكل منها. منهم جاء، ضمن آخرين، رئيس الوزراء، وزير الدفاع، وزير المالية، وزير الخارجية، وزير التعليم، وزير العدل ومن وقف على رأس الهستدروت والمنظومة الاقتصادية الهائلة التابعة له.

عندما انتقلت قيادة الحزب هذه الى باراك، تبقى من كل هؤلاء 34 نائبا في المعارضة، مع بعض من المتسلقين على ظهر تاريخهم الجماعي – ودون عضو حيوي يقبع في أساس قوتهم في الماضي. سجل العمل تضمن في حينه تورط قيادته في حرب يوم الغفران بثمنها الباهظ. وكان في السجل إياه مظاهر الفساد التي سبقت التحول في 1977. وكان الشقاق الذي لا يتوقف والذي لا يتسم باللياقة بين بيرس ورابين. وكان تفويت الفرصة الكبرى في انتخابات 1984 (التي لم ينجح فيها الحزب، بجلوسه في المعارضة، في استغلال شظايا حرب لبنان الاولى والتضخم المالي الهائل كي يمسك بدفة الحكم). وكان ايضا التحول الفكري نحو نهج ميرتس في 1993 وكذا انهيار الهستدروت وشركة العمال – كنتيجة محتمة لعدم القدرة على التأقلم مع التحولات الكبرى في المجتمع الاسرائيلي وفي اقتصاده.

كل هذا، وليس فقط الثقة الجماهيرية الهائلة التي مُنحت لباراك في الانتخابات لرئاسة الوزراء في 1999، كان جزءا لا يتجزأ من الواقع الذي بدأ فيه هذا الرجل في قيادة حزبه تبعا لقيوده وصفاته الخاصة. كل هذا، وكذا المعايير الدارجة في حزب العمل بالنسبة للديمقراطية الداخلية، التي ثارت المرة تلو الاخرى عليه – وكذا على من حل محله في القيادة وفي التدهور بين انسحابه الى اشغاله الخاصة في 2001 وعودته الى "رئاسة معسكر السلام"، على حد تعبيره، في 2007. والدليل هو ان شمعون بيرس، بنيامين بن اليعيزر، عميرام متسناع وعمير بيرتس لم ينجحوا في إحياء جثة حزب العمل حتى عندما كان اهود باراك خارج الصورة. دليل آخر هو انه الآن ايضا لا يصدر عن هذه الجثة سوى استجابة هزيلة.

"انسحاب باراك يخلق فرصة حقيقية لاحياء حزب العمل كحركة مع طريق وقيم"، قال أمس افيشاي برفرمان، الذي لم يتنازل عن كرسيه في الحكومة الى أن أُجبر على الاستقالة. لماذا يبدو ان الفرصة الحقيقية لانبعاث كهذا لم تنتظر أبدا انسحاب فارس وحيد؟.