خبر والدة الأسير المقدسي طه لاتزال تنتظر أمنيتها الوحيدة

الساعة 08:51 ص|18 يناير 2011

والدة الأسير المقدسي طه لاتزال تنتظر أمنيتها الوحيدة

فلسطين اليوم- القدس المحتلة

إن كنت تسأل عنهم، فهم حماة وطن مازلنا نبحث عنه، وان سألت عن أعمارهم، فأعمارهم تتساوى مع عمر جراحك النازفة.

أحلامهم تتمحور حول حرية أرضهم وشعبهم، فان تحرر الوطن والشعب تحرروا هم أيضاً، واستنشقوا نسيم الكرامة بعيدا عن تلك القضبان التي تغتصب سنين شبابهم، وتسرق فرحة عائلاتهم.

منذ 24 عاما، لم تفارقها صورته لحظة، فقد وضعتها داخل قلادة صنعها بيديه في داخل سجنه، وأرسلها لها هدية تواسيها أثناء بعده عنها، ورغم ظروفها الصحية السيئة فإنها تتكئ على عكازتها وتنطلق لتستقل سيارة الإسعاف التي تنقلها لزيارته، فهي لا تشعر بالطمأنينة إذا تأخرت عن زيارته مرة واحدة.

الحاجة المقدسية "أم خالد" أمضت العقود الماضية على بوابات السجون الإسرائيلية التي سرقت من كل أفراد أسرتها بمن فيهم زوجها وكريمتها سنوات من أعمارهم، ومع دخول نجلها الأسير المقدسي خالد محمد شفيق طه (46 عاما) عامه الرابع والعشرين في ظلمة السجون، فإنها لم تفقد الأمل برؤيته حرا، وقالت والدته: "في كل صلاة أؤديها في المسجد الأقصى أراه عائدا ليشاركني إياها، ومهما شطبوا اسمه من صفقات التبادل فانا فخورة بابني البطل واشعر أن حريته قريبة رغما عن انف الاحتلال".

 

تجربة عاشها الجميع

وفي ذكرى اعتقال شقيقه خالد التي تصادف اليوم، استحضر سمير (36 عاما) الكثير من صور المعاناة التي عايشها جراء استهداف السلطات الإسرائيلية لأسرته، وقال: "اعتقلت وشقيقي خالد، وقضيت أنا ثمانية أعوام في السجن، منها أربعة في نفس السجن مع شقيقي وأحيانا كنا في نفس الغرفة، وبعد اعتقالنا بأربعة أعوام اعتقل والدي "أبو خالد" (56 عاما), وشقيقي مأمون وقضى كل منهما ستة أعوام ونصف."

وأضاف: "كما اعتقلت شقيقتي ثائرة لمدة عام ونصف، علما أن عمي هو الشهيد علي طه الذي استشهد في مطار اللد عام 1972. السلطات الإسرائيلية فرضت علينا حياة قاسية ووالدتي قضت حياتها في زيارتنا والتواصل معنا ورعايتنا، وبحمد الله صبرت وتعدنا دوما أنها ستبقى صامدة كما يوصيها خالد دوما حتى يعانقها بلا قضبان."

واستذكر سمير مراحل طفولته وشقيقه قائلا : "في البلدة القديمة في القدس، ولد شقيقي بتاريخ 24-5-1965، ومع كل يوم يمضي كانت تبرز عليه معالم الانتماء للوطن وشعبه، وفي مرحلة مبكرة التحق بصفوف حركة "فتح" في أوائل الثمانينات بشكل سري وشارك في عددٍ من عمليّاتها ضدّ قوات الاحتلال، ومع انطلاق الانتفاضة الأولى لم يتردد عن تأدية واجبه النضالي والوطني، فلاحقته قوات الاحتلال حتى كان اعتقاله الأخير في 18-1-1988 بعدما اقتحمت قوات الاحتلال منزلنا."

وأضاف: "فور اعتقاله اقتادوه للتحقيق الذي استمر أكثر من شهرين، وحرمنا من زيارته ونتيجة الضرب المستمر خاصة على رأسه تدهورت صحته وأصيب بارتخاءٍ في الأعصاب وآلامٍ في الأذنين ومشكلةٍ في السمع، إضافة إلى معاناته من التهاب رئوي، وبعد فترة حكم بالسجن مدى الحياة، بتهمة الانتماء لحركة (فتح) والمشاركة في عمليّات فدائية."

وأوضح: "رغم سوء حالته الصحية لم يتلق خالد العلاج وتعرض للعزل والعقاب وتنقل بين كافة السجون حتى استقر به الحال في سجن جلبوع".

أما خالد فتحدى واقع الاعتقال المأساوي، ولم يتوقف عن تأدية دوره وواجبه الوطني، فأصبح من قادة الحركة الأسيرة وعمداء الأسرى وأنهى الثانوية العامة أثناء وجوده في السجن، وواصل تثقيف نفسه وتطوير فكره متحديا اليأس والإحباط.

 

أمنيات الحرية

شكل رفض الإفراج المتتالي عن خالد صدمات متتالية لعائلته وخاصة والدته ووالده، وقال سمير: "كانت أمي الأكثر تأثرا بيننا، فرغم صبرها وقوتها ورباطة جأشها، حل بها المرض وأجرت عمليتين في العمود الفقري، وثلاث عمليات قسطرة في القلب، ولم تعرف طعم الفرح منذ اعتقال خالد ورغم زواج اغلبنا إلا أن أمي كانت دائمة البكاء، فأمنيتها الوحيدة أن تعيش حتى ترى شقيقي عريسا وتفرح بزفافه وهي أمنيتنا جميعا".

تقطع صوت "أم خالد" وهي تصف مشاعرها وابنها بعيد عنها للعام الرابع والعشرين، وقالت: "في كل مناسبة نتأمل عودته، منذ كان عمري 38 عاما وأنا ازور السجون، لكن وجع وألم غياب خالد كان اكبر واقسي، ورغم تردي حالتي الصحية إلا إنني مصرة على زيارته، ولن أتوقف عنها أبدا حتى يتحرر".

أما الحاج "أبو خالد" الذي تجاوز العقد السابع، فقال في ذكرى اعتقال ابنه: "أتمنى له الإفراج هو وجميع الأسرى, أنا ووالدته تجاوزنا السبعين عاما وهو منذ 24 عاما يقبع في الأسر، أين هي العدالة وحقوق الإنسان، ونحن نناشد الجميع أن يحققوا الفرحة التي قضينا العمر ننتظرها وهي حرية خالد وزفافه في أزقة البلدة القديمة التي لو نطقت جدرانها لبكت حزنا وألما لغيابه".