خبر التصعيد على غزة والمستوى الثاني من الأهداف!! ..سلامة معروف

الساعة 09:38 ص|17 يناير 2011

التصعيد على غزة والمستوى الثاني من الأهداف!! ..سلامة معروف

في تطور لافت لما يشهده قطاع غزة من تصعيد للتهديدات الصهيونية بحقه، نقلت بعض وسائل الإعلام عن مصادر أوروبية وصهيونية قولها أن حركة حماس تلقت في الأيام الأخيرة وعبر إحدى الدول العربية تحذيرا شديد اللهجة من دولة الكيان، باستخدام ما أسمته المصادر بالمستوى الثاني من بنك الأهداف، وهو استهداف عناصر قيادية في الحركة، في حال استمر إطلاق الصواريخ على التجمعات الاستيطانية والمغتصبات المحيطة بقطاع غزة، وأضافت تلك المصادر أن "إسرائيل" طالبت في تحذيرها بأن تنشط حماس في محاولاتها ضبط الحدود، كما جرى الحديث عن رسائل مصرية وقطرية نقلت إلى الحكومة وحركة حماس، مفادها أن عدوانا "إسرائيليا" كبيرا على غرار ما قامت به قبل عامين خلال معركة الفرقان، قد بات وشيكا.

 

المتتبع لوسائل الإعلام المحلية و"الإسرائيلية" والعربية مؤخرا، يلمس نبرة أعلى من التهديدات الصهيونية المتزايدة تجاه قطاع غزة، يرافقها تحذيرات عربية وإقليمية من حجم وطبيعة العدوان، ومطالبات ونصائح بضرورة سحب الذرائع "الإسرائيلية" المحتملة، هذه الأجواء التي تخيم على غزة حاليا في ذكرى الحرب، تشبه إلى حد كبير الأجواء التي سبقت عدوان 2008 -2009، من تصعيد عسكري على الأرض وتهديدات متكررة من قادة العدو باختلاف مستوياتهم، حيث يحاولون إظهارنا وكأننا نحن من نسعى للتصعيد وأنها أي "إسرائيل" مضطرة لحماية مواطنيها من الخطر الذي يتهددهم، وكل هذه التهديدات التي عبرت عنها العديد من القيادات السياسة والعسكرية "الإسرائيلية"، جاءت تحت مظلة القضاء على "حكم حماس" التي تنظر إليها إسرائيل باعتبارها خطرا استراتيجيا عليها، بحسب ما سربته وثائق ويكليكس، كما تتزامن مع وصول عملية التسوية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي تحت الرعاية الأمريكية إلى طريق مسدود.

 

حملة التسخين والتحريض "إسرائيليا" على قطاع غزة ليست وليدة اليوم، بل هي ممتدة ولم تنقطع منذ أن وضعت الحرب على غزة أوزارها، فيما بدا للمهتمين والمتابعين أنه إقرارا من الاحتلال بفشل حربه الأخيرة في تحقيق أهدافها، واستعدادا منه لجولة قريبة قادمة من صراع الإرادات مع الشعب الفلسطيني ومقاومته في غزة، وإذا كان المشهد داخل دولة الاحتلال وتصريحات قياداته يعكس حالة التوافق ضد غزة، وكأن الخارطة السياسية داخل الاحتلال لم تجد ما تتفق عليه ويخرجها من ورطتها الداخلية والخارجية في ظل الائتلاف الهش، وبعد أن شوهت مجازر غزة الصورة التي حرصت "إسرائيل" أن ترسمها لنفسها بوصفها الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، وأفقدتها العديد من حلفائها، فبدأت التصريحات تتوالى من المستوى العسكري والسياسي والأمني.  

 

ففي الوقت الذي هدد رئيس وزراء الاحتلال بتوجيه ضربات عسكرية شديدة ضد قطاع غزة بقوله "يوجد وضع يتصاعد من جانب قطاع غزة ضد إسرائيل، وسنضطر إلى التعبير عن رأي حيال ذلك"، فإن نائبه سيلفان شالوم قال :"ليس من المستبعد أن يخوض الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية جديدة تشبه عملية الرصاص المصبوب"، مبينا أن جميع الاحتمالات واردة بالحسبان، أما وزير الحرب إيهود فقال:" إن التنظيمات الفلسطينية المسلحة في غزة لن تبقى تختبر قواتنا ومقدرتنا على الرد، وسيعانى الجانب الفلسطيني إذا استمروا في إحداث توترات"، وكذلك قال رئيس أركان جيش الاحتلال غابي أشكنازي "أن المعركة المقبلة التي سيُضطر الجيش لخوضها ستكون أيضاً في قطاع غزة" مضيفا "إن هذه الأوضاع قد تكون هشة وقابلة للاشتعال" ، جملة التصريحات الصهيونية تصب كلها في اتجاه واحد وهو القناعة لديهم بأنه لا يوجد أي سبيل لتغيير الأوضاع في قطاع غزة سوى بانهيار حكم حركة حماس هناك.

 

لذا قد يلجأ العدو لشن حرب أو عدوان واسع على قطاع غزة لاستعادة هيبته وصورته التي كسرت في لبنان وغزة، أو في محاولة منه للهروب إلى الأمام سياسيا وداخليا، تأكيدا للقول بأن "إسرائيل" غالبا ما تتخلص من أزماتها الداخلية بإراقة الدماء الفلسطينية، أو لاستعادة قدرة الردع بالرد على إطلاق الصواريخ، وإرضاء الجبهة الداخلية وطمأنتها بأن حكومتهم قادرة على ضبط الوضع، وأيا كانت طبيعة النوايا العدوانية "الإسرائيلية" تجاه قطاع غزة، فلابد لها أن تعلم أن المعادلة قد تغيرت كثيرا، وأن غزة ما قبل عدوان "الرصاص المصبوب" ليست ذاتها بعده، كما أن الظروف التي خاضت فيها "إسرائيل" الحرب على غزة لم تعد هي نفس الظروف حاليا، ولتعلم أن تهديداتها لم تعد تخيفنا.

 

فغزة اليوم أضحت تمتلك تجربة ثرية في مواجهة العدوان، كما باتت مقاومتها أشد بأسا وقوة، وأكثر إيمانا وتنظيما وثباتا على حقها، في حين أن اقتلاع حركة حماس لم يعد ممكنا من قطاع غزة بعد أن وطنت أركانها، وثبتت مبادئها في قلوب المواطنين، قبل أن تثبت أقدامها في تراب قطاع غزة، وأوجدت حالة من الاندماج بينها وبين المواطنين يصعب القضاء عليها، وحسنا فعلت حركة حماس عندما دعت لاجتماع الفصائل الفلسطينية في غزة لتدارس التصعيد، وتقدير الموقف بشكل جماعي وتوافقي لحماية الشعب الفلسطيني، وسحب أي ذريعة من يد الاحتلال، ولتعلم "إسرائيل" أن الحركة التي دفعت دماء قادتها قربانا للقدس وتعبيدا للطريق نحو الأقصى، لا ترهبها التهديدات بالقتل والاغتيال لقادتها، ولتعلم أيضا أنها إذا عولت على تبرير الهجوم ضد غزة بالدفاع عن النفس، فإن هذا الموقف لم يعد يشكل أي ضمانة لها في العالم، خصوصا بعد أن نجح الموقف السياسي الفلسطيني التوافقي في تفريغ أي تبرير "إسرائيلي" للهجوم على غزة من أي معنى.