خبر لن ينكسر الوحش ..رياض خالد الأشقر

الساعة 09:33 ص|16 يناير 2011

لن ينكسر الوحش ..رياض خالد الأشقر

مختص في شئون الأسرى ومدير الدائرة الإعلامية بوزارة الأسرى والمحررين

 

منذ 32 عاماً ، لا زال الوحش يربض في سجون الاحتلال صامداً شامخاً ، رغم القيد والمرض اللذان لو اجتمعا على أقوى إنسان على الأرض لرفع الراية البيضاء منذ زمن بعيد ، ولكن الوحش لم يتراجع قيد أنملة ، ولم يفقد الأمل في الحرية والانعتاق من العبودية .

 

انه الأسير "أكرم عبد العزيز منصور " الملقب بالوحش ثالث أقدم أسير في العالم ، والمعتقل منذ 1979 ، تنقل في كل السجون الذي بناها الاحتلال ليجعل منها مقابر للأحياء ، ومقاتل للآمال والأحلام ، خاض مع الأسرى كل مواطن العزة والكرامة خلف القضبان من احتجاجات وإضرابات وثورات ومعارك ، كان سلاح الأسرى فيها الوحيد قوة الإرادة والعزيمة والإيمان، وشهد مع الأسرى كل حملات التنكيل والقمع والتفتيش ، وخلال عشرات السنين من الآسر خرج اجيالاً متعاقبة رباها على حب الوطن والتضحية بالغالي والنفيس من اجل الأقصى والمقدسات واستعاده الحقوق المسلوبة .

 

يعيش الوحش هذه الأيام ظروفاً صحية صعبة ، بعد إهمال علاجه بشكل مقصود لسنوات طويلة ، فرحلة العذاب والمعاناة القاسية بدأت منذ اعتقاله ، وتعرضه للتعذيب الشديد والضرب حيث أصيبت أذنه حينها بثقب لم تفلح ثلاثة عمليات جراحية من إغلاقه فبقى خفيف السمع فيها ، إلى أن تساقطت أسنانه ولم يتم عرضه على طبيب متخصص ، او زراعة أسنان جديدة له ، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد ، بل أصيب بضغط الدم المزمن ، وحساسية من بعض أصناف الطعام ، وبدأت صحته في التدهور أكثر تحت سمع وبصر إدارات السجون المختلفة التي طافها جميعاً بظروفها البائسة التي تفتقر إلى أدنى مقومات الرعاية الصحية ، إلى أن وصل الأمر به إلى ظهور ورم غريب في رأسه ، يشتبه أن يكون ورم سرطاني ، وتتكتم إدارة السجن على طبيعة هذا الورم الذي يسبب له حالات إغماء وغياب للوعي تستمر لساعات مع فقدان للذاكرة بشكل جزئي،إضافة إلى ارتخاء تام في الأطراف وأوجاع شديدة في الرأس ،وأصبح غير قادراً على النوم ، ولا تزال ترفض سلطات الاحتلال إجراء تحاليل حقيقية له ، وتعالجه فقط بالمسكنات ، وتماطل في نقله إلى مستشفى سجن الرملة لمتابعة حالته.

 

عانى الوحش خلال سنوات اعتقاله الثانية والثلاثون أصنافاً من العذاب والمعاناة والقهر والظلم، ولكن أقساها كان فقدان والده ووالدته وشقيقته دون أن يتمكن من وداعهم ولو بنظرة ، مما زاد من صبره وصموده واستعصائه على الكسر ، ورفع وتيرة المناعة لديه ضد الاستسلام والخضوع لإرادة السجان.

 

"الوحش" هو نموذج يتكرر مع كل الأسرى القدامى في سجون الاحتلال، الذين يسعى الاحتلال إلى كسر إرادتهم ، ووهن عزائمهم ، ويتعمد تركهم للأمراض تفتك في أجسادهم الضعيفة ،لأنه يعتبرهم خطراً على وجوده ، لذلك رفض إطلاق سراحهم ضمن أياً من صفقات التبادل أو حسن النوايا ، ويعتبر إذلالهم وكسرهم هو رسالة إلى كل الأسرى بل إلى الفلسطينيين جميعاً ، لان  الشعب الفلسطيني يعتبرهم رموزاً وقادة، وهم الشرارة الأولى التي أنارت طريق المقاومة للأجيال القادمة .

 

 ولكن هل ينكسر الوحش أو إخوانه الأسرى سواء القدامى أو الجدد ، من موقعي كمتابع لقضية الأسرى ، اجزم بان ذلك لم ولن يحدث ، وسيبقى أسرانا شوكه في حلق الاحتلال، وصخرة تتحطم عليها كل مخططاته الشيطانية، ولكن هذا الآمر ليس منوط بالأسرى وحدهم ، بل يحتاج منا إلى مساندة ودعم متواصل لكي نبقى نسقى شجرة الصمود والأمل في نفوسهم ،واختم هنا بكلمة للوحش يقول فيها "  نعيش العذاب والآلام والمرض ولكن كحركة أسيرة وجزء من هذا الشعب يتجدد الأمل لدينا يوميا لإيماننا أن قيادتنا ومناضلي شعبنا وفصائلنا  لن يتخلوا عنا ، وما مواقفهم فى هذه القضية إلا  دليل على ذلك ورسالة واضحة على أهمية وقدسية قضية الأسرى ، وان هذه السجون لن تدوم للأبد".