خبر نتنياهو: اللغز غير المحلول..هآرتس

الساعة 08:52 ص|16 يناير 2011

بقلم: جدعون ليفي

بنيامين نتنياهو شخص يثير الانطباع. فهو رجل العالم الكبير، وصوته عميق ومقنع، وهو فصيح الكلام مُنمقه، ومثقف وهذا مؤكد اذا قيس بأكثر الساسة حوله. وبنيامين نتنياهو ايضا رجل شجاع، في ماضيه على الأقل. ففي الوقت الذي كنا نخشى فيه ضابط انضباطنا، وقف ازاء رصاص العدو، يجتاز حدودا محظورة ويشارك في نشاطات مجهولة. لهذا فان لغز مهانته صارخ، وسر استخذائه مُدوٍ لا حل لهما.

        لا حل لسؤال كيف أصبح شخص شارك في عملية سفانا في شبابه، شخصا تطارده المخاوف الباطلة الكثيرة جدا في نضجه؛ وكيف يمتليء شخص تحدى اريئيل شارون بالرعب من افيغدور ليبرمان الذي يُذله مرة بعد اخرى؛ وكيف أضاع شخص عرف كيف يشق طريقه مرتين الى رئاسة الحكومة، ساعته الاولى وهو يضيع الثانية الآن على نحو لا يقل إدهاشا؛ وكيف يُضيع شخص عرضت له فرصة ذهبية لترك أثر وإحداث انطباع أو أن يدخل التاريخ الذي يحب جدا ان يقتبس منه كوالده، كيف يضيع ذلك مرة بعد اخرى على مثل هذا النحو الآثم.

        ماذا يعتقد الآن وهو يتبوأ مقعده في أواخر فرصته الثانية أن يخلف وراءه؟ ماذا سيُتذكر له؟ السوبر تانكر؟ أإصلاح الشرفات؟ من اجل ماذا كان يحتاج الى هذا الجهد كله للوصول مرتين الى أعلى اذا لم يترك شيئا سوى المدة الضائعة التي تولاها؟.

        نسمع الآن من فمه بواسطة متحدثين باسمه في وسائل الاعلام أن التغيير المأمول سيأتي قريبا. انتظروا لحظة اخرى، أو مئة يوم آخر، سيُحسم الامر وسيتبين فجأة نتنياهو بكامل مجده وعظمته. خطبة واحدة اخرى وحسبُنا وسيأتي الخلاص بعدها: وسترون سياسيا آخر، وسياسة اخرى ونتنياهو "الجديد"، وبيبي من الطراز الثاني الذي وُعدنا به منذ زمن ويشتمل ذلك على تنازلات "مدهشة" وإظهار شجاعة "مفرطة".

        في اثناء ذلك ينشرون الكلام من حنجرته وهو ما يزال يكتم سره لكن "اشخاصا اجانب" التقاهم، أصبحوا على ثقة بأنه "يشتغل بشيء ما. ويقرأ الخريطة، ويعلم أن زمانه محدود ويحاول احراز هدف.. لا شك في أن بنيامين نتنياهو يبذل جهدا كبيرا للمفاجأة. تتوقع تطورات في الاسابيع القريبة" ("الايام المئة الاخيرة"، آري شبيط، صحيفة "هآرتس"، 13/1). هذه سخافات كبيرة، وتضليلات عظيمة. لم يكن ولذلك لن يكون. فالنمر، ومن المؤكد انه اذا كان نمرا عجوزا، فلن يستطيع تغيير جلده؛ ما لم يُحرز في السنتين الاوليين لن يُحرز أبدا فيما بعد. أُضيعت خطبة عبثا ولن تُجدي الثانية.

        هلّم نفترض ان ليس الحديث عن خوف، وان نتنياهو يؤمن ببساطة بكامل قلبه ان الوضع الراهن يُحسن لاسرائيل، ولهذا يُبدي عجزا كهذا. لكن كيف نفسر استخذاءه ازاء التطورات الخطرة في الداخل، وازاء هجمات ليبرمان وأشباهه الهوجاء على الديمقراطية؟ هل يؤمن بهذا ايضا؟ انه مُربى في امريكا وهو يعلم انه لا توجد ديمقراطية كهذه. فماذا عنده يقوله في هذا؟ لقد اكتفى بالدفاع عن رفاقه في الليكود. حسن يا بيبي. لم توجد كلمة واحدة عن منظمات حقوق الانسان التي سيتم اخراجها بعد قليل خارج القانون. أي مهانة. كم كان سلوكه مَهينا ازاء العائلات الثكلى بسبب الحريق. وماذا عنده ليقوله في أداء وزير خارجيته؟ أأنه يزيد اسرائيل مشايعة؟ هل يؤمن بهذا ايضا؟ وإن لم يكن كذلك فأين هو؟.

        أفكان يستطيع أن يسدد نظره الى الموت كما يقولون في مطار بيروت قبل 42 سنة وأن يفجر هناك 14 طائرة ركاب – أكان للجندي نتنياهو قدر كاف من الشجاعة لفعل هذا؛ ويخاف إذ أصبح رئيس حكومة من حارس حانات سابق. لن يصعب تخيل كيف كان شارون سيعامل ليبرمان، الذي ما كان ليصبح وزير خارجية.

        يدعو القلب الى تصديق الواعدين. فربما يحدث شيء مع كل ذلك. وأن ليس كل شيء ضائعا وان رئيس الحكومة سيتنبه حقا في آخر لحظة ويفعل شيئا ما لترك أثر ما. سنلتقي بعد مئة يوم أو مئة اسبوع أو مئة شهر.