خبر تونس نموذجاً..مصطفى إبراهيم

الساعة 09:45 م|14 يناير 2011

تونس نموذجاً..مصطفى إبراهيم

 

هذا أسلوب الجلاد والمستبد والديكتاتور والفاسدين، الهرب، أراد أن يخدع الناس بإقالة وزرائه، ويمدد ولايته سنوات إضافية، هذا أسلوب المستبد الذي ظن انه سوف يفلت من العقاب، وان الناس سيظلون للأبد عبيد و جوعى، محرمون من الحرية والكرامة، تضاعفت لديه شهوة السلطة، وحب الذات على حساب الفقراء، أصبحت الديكتاتورية سياسة ونهجاً وأسلوباً في الحكم والتعامل مع الناس وحقوقهم وحرياتهم.

 

هذا هو الديكتاتور الذي زور التاريخ، وشكل نموذجا للدولة الفاسدة والمستبدة، أقام دولة بوليسية لقمع الناس وزجهم في السجون، لم يحترم القضاء، قمع الأحزاب والحريات بحجة محاربة "الإرهاب"، سرق خيرات البلاد وسلمها لزوجته وعائلته، والسراق واللصوص، أوصل الناس للعيش على الكفاف، حرم الناس من الكلام والتعبير وحرية الصحافة، أشاع الخوف بين الناس.

 

عزز من سيطرته على الدولة ومؤسساتها، و مقدرات الناس والبلاد، احتقر الشعب التونسي وحرياتهم العامة، ومبادئ حقوق الإنسان، حاول الهرب من المسؤولية، ومن الدم النازف الطاهر من أجساد الجوعى والعاطلين عن العمل، قتل الشباب بدم بارد دفاعا عن سلطته المستبدة.

 

أراد أن يبقى في السلطة الى الأبد، لم يحترم القانون، ظن أن من نصبوه رئيساً وعززوا من حكمه القمعي لمحاربة "الإرهاب" أنهم سوف ينقذوه من حكم الشعب، الغرب الذي يفاخر بالديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والدفاع عن الحريات العامة هم من ساهموا في إطالة عمره، عليهم أن يدركوا أن لا يتعاملوا مع الشعوب العربية على أنهم قطعان يقادوا للذبح.

 

أقام سلطة من الوهم، سقطت ورقة التوت عنه، لم يهرب لوحده، ساعدوه على الهرب من حكم الشعب، تذرع بالكذب لمحاربة "الإرهابيين المزعومين" المعارضين لحكمه، لم يضبط الغرب سلوكه وتصرفاته تجاه شعبه، بل ساعدوه في ذلك، أجبر معارضيه والمطالبين بالحرية والكرامة على مغادرة وطنهم، حولهم الى لاجئين سياسيين، لم يكتفي بذلك، حول التونسيين لضحايا، وحشيته كانت ظاهرة لم يخفيها بل عززها بالقتل والقمع، وتوسيع السجون.

 

خلال أيام ظهر الذعر والخوف، على دولة القمع والاستبداد أصبحت سلطته عارية أمام جموع التونسيين، لم ينفعه الحديث عن التغيير وإقالة الحكومة والتغيير الموعود، لم يقنع ذلك التونسيين، وانه لن يبقى رئيسا للأبد، هرب من النيران التي اشتعلت في أجساد الشبان المطالبين بالعمل، والذين أشعلوا الشرارة الاولى لرحيل المستبد.

 

لم يستطع انتظار الغضب العارم، المذبحة عجلت من هروبه، لم تعد لديه قدرة على الاحتمال، أسلوب المستبد الهرب من غضب الناس والفقراء، والمتعطشين للحرية والحق في العمل والمسكن والعيش الكريم، والمؤمنين بالحرية والكرامة والعدالة والصدق.

 

لم ينفعه الغرب الذي عزز من حكمه، ربما نصحوه بالهرب، جرائمه يجب ألا تسقط، ألا تمر جرائمه بلا عقاب، يجب على الشعب التونسي وقواه الحرة أن تستمر في الدفاع عن حقوقها وحريتها والانجاز التاريخي الذي حققته بهروب الديكتاتور وإجباره على التنازل عن السلطة، يجب أن يكون عبره لغيره من المستبدين والجلادين في العالم العربي، وان يكون ما جرى في تونس قدوة للأحزاب العربية عامة، والفلسطينية خاصة أن التغيير جاء من الشباب المغيبين والمضطهدين.

 

يجب علينا تعرية الغرب الذي عزز من حكم هؤلاء المستبدين، يجب أن نعرف أننا على حق، ونمتلك الارداة والقوة على التغيير، ونستطيع إدارة بلادنا من دون محاور وتدخلات غربية، وان لا نحول بلادنا الى وكالات أمنية للحفاظ على أنظمة مستبدة تحكم الناس بالحديد والنار.

 

تونس ستكون نموذجاً في أي دولة عربية، وعلى الحكام العرب الاستفادة من درس تونس، وعدم التذرع بالمصلحة العليا للبلاد لتعزيز أركان حكمهم المستبد، عليهم الإدراك أن ما جرى في تونس ربما يجري لديهم في أي وقت، عليهم المعرفة أن لا وقت محدد للشعوب للتحرك، عليهم تعزيز مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان واحترامها.

 

على الأحزاب العربية عامة والفلسطينية خاصة أن تقنع الشباب، وتعمل على استمالتهم والعمل معهم، واستيعابهم لأنهم الشعلة والشرارة الاولى في أي تحرك، عليهم التغيير في برامجهم وأهدافهم واستقطاب الشباب والعمل معهم، وإعطائهم الفرصة في القيادة وتحمل المسؤولية.

 

أما نحن كفلسطينيين فمن غير المعقول أن يتم التعامل معنا كحالة أمنية، وعلينا الإدراك أن عقارب الساعة قد ترجع للوراء في إي لحظة وفي أي وقت، لذا علينا الاستفادة من نموج تونس، وإنهاء الانقسام، وتعزيز الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، للاستفادة من جهود الشباب في دحر الاحتلال.