خبر على غرار تونس ..احتجاجات فلسطينية على غلاء المعيشة

الساعة 07:17 م|14 يناير 2011

على غرار تونس ..احتجاجات فلسطينية على غلاء المعيشة

فلسطين اليوم- الجزيرة نت

يعيش المسن الفلسطيني محمد الحلاحلة (أبو كاسترو) على مخصص شهري لا يتجاوز 1200 شيكل (أقل من 300 دولار). وفي ظل إعلان الحكومة الفلسطينية رفع أسعار المحروقات ورزمة من المواد الغذائية الأساسية، أصبح غير قادر على تأمين الحد الأدنى من متطلبات عائلته الصغيرة. 

 

وأبو كاسترو (84 عاما) الوالد لثلاث بنات، اثنتان منهن في الجامعة، كان واحدا من مقاتلي الثورة الفلسطينية لأكثر من عقد، واعتقل لدى الاحتلال الإسرائيلي لفترة جاوزت سبع سنوات، في حين تعرض منزله للهدم من قبل الاحتلال مرتين متتاليتين.

 

وكان الرجل المسن الذي حضر من مدينة الخليل جنوبا، واحدا من حشد فلسطيني كبير انطلق في اعتصامات جماهيرية وسط رام الله بالضفة الغربية، مطالبا حكومة سلام فياض بالتراجع عن رفع الأسعار وإنصاف الفئات المسحوقة والعاطلين عن العمل وغير القادرين على تأمين قوتهم اليومي.

 

وحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فقد سجل جدول غلاء المعيشة لأسعار المستهلك الفلسطيني ارتفاعا بنسبة 3.75% خلال العام 2010 مقارنة مع العام السابق.

 

وعزا الجهاز ذلك إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشروبات والتبغ وأسعار المساكن وخدمات التعليم، إلى جانب ارتفاع أسعار الأقمشة والملابس والأحذية.

 

وفيما سجلت المواد الغذائية الرئيسية ارتفاعا في السعر بنسبة 3.40%، قفزت نسبة الارتفاع في أسعار السكن إلى 5.12%، وسجلت الخدمات التعليمية ارتفاعا وصل إلى ما نسبته 6.0%. وكان قطاع النقل والمواصلات آخر الخدمات التي تعرضت للارتفاع بنسبة قاربت 3%.

 

وفي حين حذرت الجماهير التي انطلقت في فعاليات مختلفة بالضفة الغربية من انتفاضة شعبية ضد سياسات الحكومة الاقتصادية على غرار ما يجري في تونس والجزائر، طالبت القوى الوطنية والقطاعات الشعبية بوقف ما وصفتها بسياسة إفقار الفقراء.

 

 

أبو كاسترو في حشد فلسطيني كبير انطلق في اعتصامات جماهيرية وسط رام الله (الجزيرة نت)

الضرائب والأجور

وطالب الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني بسام الصالحي، والذي شرع في سلسلة فعاليات احتجاجية ضد الغلاء، بإلغاء ضريبة القيمة المضافة عن السلع الأساسية كالدواء والماء والمحروقات والسكر والأرز والكهرباء.

 

وأوضح الصالحي للجزيرة نت أن هذه الضريبة جائرة ووضعت في عهد الاحتلال لتأخذ بالاعتبار واقع الاقتصاد الإسرائيلي أكثر من واقع الاقتصاد الفلسطيني.

 

ووجه الصالحي تساؤلا للحكومة قائلا "ما المعنى أن يدفع المواطن الذي لا يملك ثمن الدواء ضريبة مقدارها 18% عند شرائه أية منتج طبي، ومن لا يملك ثمن الكهرباء يدفع 17% من قيمة فاتورته ضريبة مضافة؟".

 

الارتفاع عالمي

ورغم الاحتجاجات الشعبية الواسعة قال وكيل وزارة الاقتصاد الفلسطيني عبد الحفيظ نوفل إن مؤشر غلاء المعيشة ليس مخيفا ولا يشير إلى ارتفاع كبير في الأسعار بشكل يخلق أزمة.

 

لكن نوفل فسر للجزيرة نت الارتفاع الحاصل في السلع للمستهلك الفلسطيني بأنه يأتي متجانسا مع الارتفاع التدريجي لأسعار السلع عالميا، مشيرا إلى الإنذار الذي وجهته منظمة الغذاء العالمي (فاو) بشأن أزمة عالمية مرتقبة فيما يتعلق بأسعار المنتجات الغذائية خاصة ذات الأصل الحيواني والمرتبط أيضا بالإنتاج الزراعي.

 

وقال نوفل إن هذا الارتفاع تعزز خاصة بعد موسم الجفاف العالمي والفيضانات التي تجتاح أستراليا والحرائق التي حدثت في روسيا والأزمة الغذائية العالمية.

 

وبينما عقدت الهيئات المختصة في السلطة الفلسطينية اجتماعا طارئا الأربعاء لبحث تداعيات رفع الأسعار، وخاصة المحروقات وما تبعها من رفع خدمات المواصلات، قال نوفل إن لجنة مشتركة من عدة وزارات رفعت توصية للحكومة بإعادة النظر في الرسوم الجديدة، إلى جانب تخفيض أسعار خدمة نقل أسطوانات الغاز.

 

وتحدث نوفل عن سلسلة إجراءات من المقرر أن تشرع فيها الحكومة على المدى القريب والمتوسط والبعيد، أولها مكافحة محاولات احتكار السلع من قبل كبار التجار.

 

وكشف نوفل عن توجه فلسطيني للسماح بدخول المنتجات الزراعية المنتجة بوفرة في قطاع غزة إلى الضفة الغربية لينعكس ذلك إيجابا على اقتصاد غزة الزراعي ويخفف من أسعارها في الضفة.

 

وأوضح وكيل وزارة الاقتصاد أن هذا التوجه الذي قطعت السلطة شوطا طويلا في نقاشه مع الجانب الإسرائيلي، يشكل بالتحديد منتجات الخضار والفاكهة.

 

ضريبة القيمة المضافة

وفيما يتعلق بمطالب تخفيض ضريبة القيمة المضافة على الخدمات والسلع الأساسية، استبعد وكيل وزارة الاقتصاد أن تتخذ الحكومة إجراء من هذا النوع، موضحا أن السلطة تعتمد في دخلها الوحيد على إيرادات الضرائب.

لكن المسؤول الفلسطيني استبعد أن تواجه الحكومة احتجاجات شعبية واسعة على غرار تلك التي اجتاحت بعض الدول العربية، مجددا التأكيد على أن الأسعار تحت السيطرة.

 

وشدد الصالحي على ضرورة وضع حد أدنى للأجور، مشيرا إلى أن آلاف العاملين في مؤسسات وشركات اقتصادية كبرى "تقدم على أنها رافعة للاقتصاد الوطني وتعفى من الضرائب" يحصلون على رواتب لا تتعدى 300 دولار فقط.

 

 

وقال إن خضوع الحكومة لسياسات البنك الدولي الاقتصادية ووصفاته يؤدي بشكل كبير إلى زيادة غنى الأغنياء فيما تعمق هذه السياسة فقر الفقراء وتدفعهم إلى الهجرة خارج البلاد في ظل تدني أجورهم أو عدم توفر فرص عمل لغالبيتهم.

 

وشدد الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني على ضرورة تحمل الحكومة والمؤسسات الاقتصادية الكبرى مسؤولياتها الاجتماعية وتوسيعها لتحسين أوضاع أسر آلاف الشهداء والمعتقلين والجرحى والأيتام والأرامل والمسنين.

 

وفي هذه الأثناء، أكد الصالحي أن غياب رقابة المجلس التشريعي على الحكومة في الضفة الغربية جراء استمرار الانقسام السياسي أطلق يد الأخيرة دون حسيب للتحكم في قوت المواطن.