خبر من الخائن الحقيقي -يديعوت

الساعة 09:07 ص|13 يناير 2011

من الخائن الحقيقي -يديعوت

بقلم: اليكس فيشمان

صعد لبنان أمس الى مسلك عنيف. انتهى عهد الترتيبات. الحوار بين القوى الداخلية اللبنانية في مسألة المحكمة الدولية في اغتيال الحريري تحطم. ضعضعة استقرار النظام في لبنان وتصعيد التوتر بين القوى السياسية في داخله تلزم اسرائيل بيقظة استثنائية على الحدود الشمالية. وهذا بالفعل ما يحصل.

من هنا فصاعدا ينبغي التعاطي مع لبنان كبرميل متفجرات من شأنه ان ينفجر وان يطلق الشظايا في كل صوب. في لبنان، مثلما في لبنان، من شأن التطورات ان تكون سريعة وغير متوقعة وان تخرج عن السيطرة. منذ الان رفع حزب الله مستوى تواجده العسكري في بيروت. من الجهة الاخرى، يقف مؤيدو الحريري بمن فيهم متحمسون مسلحون من شأنهم ان يأخذوا المبادرة ويفتحوا النار.

تقديرات الوضع التي اجريت في اسرائيل في اثناء الاسابيع الاخيرة قبيل نشر لائحة الاتهام ضد قتلة الحريري، بما في ذلك أمس، قد قضت بان ليس لحزب الله أي مصلحة في تحطيم الاواني في الحدود الشمالية: الردع الاسرائيلي لا يزال ساري المفعول. والايرانيون لم يصدروا، وعلى ما يبدو لن يصدروا أيضا، ضوء أخضر وبشكل عام، انتباه حزب الله مركز على بيروت وعلى المواجهة الداخلية العنيفة المحتملة مع الحكومة المؤقتة للحريري في حالة رفض هذه الاستقالة طوعا.

ومع ذلك، دوما تحتمل أوضاع يسخن فيها حزب الله، من خلال محافل ارهابية اخرى، الحدود مع اسرائيل. مثلا، تدخل دولي، مادي، في صيانة حكومة الحريري، من شأنه أن يخلق لدى احد ما في حزب الله فكرة ان اشعال الحدود الشمالية ستردع محافل غربية كفرنسا مثلا من ارسال قوات الى لبنان. وفي الايام الاخيرة فقط وصل الى الجيش اللبناني، من فرنسا ثلاثين مدفعا من عيار 155ملم يفترض أن تعزز القوات الموالية لنظام الحريري وتعبر عن التزام فرنسا بحماية النظام الحالي. كما ان ظهور قوة بحرية غربية ما امام شواطىء بيروت من شأنه أن يفسر لدى قادة حزب الله كتهديد يستدعي الرد في شكل نار صاروخية او عملية برية في شمالي اسرائيل ينفذها أحد أجنحة الجهاد الاسلامي او احدى الفصائل الفلسطينية العاملة في لبنان.

الخروج الرمزي لوزراء حزب الله من حكومة الحريري، وتحولها الى حكومة انتقالية، ظهر في السيناريوهات المحتملة التي طرحت في تقديرات الوضع في اسرائيل – ولكن ليس كتقدير باحتمالية عالية. فمن اكتوى بالنار سيحذر من البرد. لبنان غير مستقر هو لبنان غير متوقع. من عمق الخندق، امتار عديدة الى قلب الارض هناك يجلس اليوم نصرالله، قد تطوف قرارات لا تستوي مع تقديرات الوضع في اسرائيل، وعليه فينبغي الحفاظ على التحفز العالي في الحدود الشمالية في الاسابيع القريبة القادمة.

الصورة التي ترتسم الان في لبنان هي صورة جملة ضغوط يمارسها حزب الله من شأنها أن تتدهور الى العنف وهدفها دفع حكومة الحريري الانتقالية الى الانهيار واقامة حكومة اخرى بسرعة تقطع كل صلة بالمحكمة الدولية وترفض قبول استنتاجاتها. هذا السباق، لمنظمة حزب الله نحو تطهير اسمها باساليب المافيا هو سباق ضد الزمن، وذلك لان لجنة التحقيق رفعت نتائجها واسماء القتلة كفيلة بان تنشر في مدى بضعة ايام حتى ثلاثة اشهر.

لا يمكن لاحد أن يتنبأ بدقة. وبالمناسبة، بعد يوم من اغتيال رفيق الحريري أعلن نصرالله: "رفيق هو شهيد لبنان، وطني كبير. من قتله هو خائن للبنان". بعد أن تنشر الاسماء سيكون من الصعب عليه أن يشرح من هنا الخائن.

المفاجأة الاكبر حتى الان، كما يعترف كل الخبراء هي صمود الحريري. فالجميع تنبأوا بان الدول الغربية والحريري سيتنازلون في نهاية المطاف عن عرض استنتاجات المحكمة كما كان مخططا، على أن يستمر الاستقرار في لبنان.

ناهيك عن أن حزب الله لم يخفِ نواياه في الدخول في مواجهة عسكرية مع حكومة الحريري اذا ما اشاروا اليه والى رجاله كمسؤولين عن اغتيال الزعيم اللبناني. فقد حذر نصرالله، وأجرى حزب الله مناورات عسكرية للسيطرة على مناطق مختلفة في لبنان، ولكن الحريري لم يتراجع. علائم الازمة القريبة طلت منذ عدة ايام عندما لم يقبل السعوديون الحل الوسط السوري الذي تحدث عن صد قرار المحكمة عن الحريري.

الحريري، من جهته، صرح قبل بضعة ايام في الولايات المتحدة بان حزب الله لم يلتزم بالاتفاقات التي كانت بينهم بشأن نشر قرار المحكمة. كان هذا تلميحا بالقطيعة بينه وبين حزب الله والتي أدت بسرعة الى استقالة وزراء حزب الله من حكومته وانهيارها.

في واقع الامر، الشخصيات المركزية في حركة 14 اذار، تحالف مؤيدي الحريري، كانت أكثر تصميما من رئيس الوزراء نفسه ولم تسمح له بالتنازل. قبل بضعة اشهر، عندما ذهب الى الرئيس السوري كي يعانقه ويتبادل معه القبلات تحت ضغط السعوديين، نال الانتقاد من مقربيه.

مؤيدو الحريري يعرفون ان ليس بوسعهم التصدي لجيش حزب الله الذي هو الجهة الاقوى في لبنان. كما أن هناك تخوف معقول في أن الجيش اللبناني فور بدء المواجهة، سيتفكك الى عناصر طائفية ولن يقف الى جانب الحكومة الشرعية. رجال 14 اذار يحذرون من الفوضى المرتقبة في لبنان والتي من شأنها أن تجسد الكابوس الاكبر لديهم: عودة الجيش السوري الى لبنان. وهم ينظرون بعيون تعبة نحو الحدود الجنوبية: لعله من هناك يأتي الخلاص فتدخل اسرائيل في مواجهة عسكرية مع حزب الله. لقد سبق ان كنا في هذا الفيلم ولا يوجد احتمال في أن يكرر نفسه.

المؤكد هو أنه في الايام القريبة القادمة سنرى بالذات الاتراك في المحيط، واردوغان الذي يحاول كسب عالمه بدور المخلص الذي ينقذ لبنان من نفسه.