خبر صوت اليأس- هآرتس

الساعة 09:08 ص|12 يناير 2011

صوت اليأس- هآرتس

بقلم: ابيرما غولان

(المضمون: الاكاديميون الاسرائيليون الذين يقطعون مع كلية اريئيل بحجة أنها في ارض محتلة يتوجهون في الحقيقة الى خارج اسرائيل لينفوا عن انفسهم المشاركة في الاحتلال وهذا مقلق وغير مريح لانهم هم خاصة من يجب عليهم التوجه الى الجمهور الاسرائيلي نفسه لمحاولة تغييره - المصدر).

        وقع أناس اكاديميا من جميع المجالات ولا سيما في العلوم الدقيقة، في الاسبوع الماضي على اعلان ينص على انهم غير مستعدين للمشاركة بأي نشاط اكاديمي يتم في كلية اريئيل. وتعليل ذلك أن اريئيل مستوطنة غير قانونية في ارض محتلة، تزهو الى جانب بلدات فلسطينية تعاني ظروف عيش أصعب من ان تحتمل ومسلوبة حقوق الانسان الأساسية.

        اجل، كان مجيء كلية اريئيل ووجودها بالخطيئة. وقد التفت على القانون مثل كل مشروع الاستيطان، والتفت في هذه الحال على مجلس التعليم العالي الذي عارض اقامتها لاسباب اكاديمية واضحة، وعلى حساب الكعكة الاكاديمية المُحلاة، وبمساعدة وزير الدفاع اهود باراك تم ايجاد مكانة خاصة لها باعتبارها: "مركزا جامعيا".

        والى ذلك، وبرغم ان اليمين أسرع الى الصاق صفة التنديد المعتادة بالموقعين على الاعلان – الهاذين والمفصولين والمتطرفين – يُبين النظر في القائمة انه برغم ان فريقا منهم موجودون في البرج العاجي العلمي ويشغلون انفسهم بنظريات مجردة (وهذا أمر ينبغي ألا يُعاب عليهم بطبيعة الامر) – فان أكثرهم يعرف المجتمع الاسرائيلي من قريب بل يعمل عن مشاركة والتزام عميقين.

        وبرغم كل ذلك، يثير الاعلان عدم الارتياح. لانه بخلاف الممثلين الذين اضطرتهم المسارح الى التمثيل في اريئيل، لا يُجبر هؤلاء الاكاديميين أحد على التدريس هناك – وهم الذين يُعدون في الصف الاول الأكثر إجلالا من أهل العلم والثقافة في اسرائيل. أما الذين يضطرون الى فعل ذلك فهم المُعدون لاجازات الدكتوراة، والباحثون والمدربون الذين ينتقلون الى هناك بسبب عدم وجود حصص في جامعة بار ايلان، وآخرون يحتاجون الى وظيفة كالاحتياج الى الهواء للتنفس، وعرضت عليهم اريئيل عملا مغريا.

        مثل الازواج الشابة من الذين انتقلوا الى المستوطنات "غير الايديولوجية"، لانه يوجد فيها وحدها شقق وقروض سكنية مريحة وخدمات جيدة أرخص من تلك الفاسدة داخل الخط الاخضر، أصبح هؤلاء الاكاديميون الصغار الشأن ضحايا سياسة اسرائيل، ومن المفهوم لذلك انهم لا يستطيعون التوقيع على الاعلان.

        ولما كان الامر كذلك، فان هذا اعلان كلامي بلا سعر، وفي هذا ضعفه. بيد انه ينبع من هذا الضعف ضعف آخر أكثر اثارة للأسف من الاول. لانه لما كان الموقعون عليه هم اولئك الأكثر تعرضا لتهديدات القطيعة مع الجامعات في اسرائيل من قبل نظرائهم في الخارج، فانه يبدو ان الاعلان موجه الى الخارج أكثر من ان يكون موجها الى الجمهور في اسرائيل، أي الى المقاطِعين ليقولوا لسنا مشاركين في الاحتلال ولا في المستوطنات. وبعبارة اخرى، نحن من "الأخيار" لا من "الأشرار".

        هذا مؤسف لانهم هم خاصة الذين يلتقون في المؤتمرات الدولية نشطاء الـ "بي.دي.اس" (القطيعة والرفض والعقوبات من اجل فلسطين)، هم الذين يبادرون الى قطيعة مع الاكاديميا الاسرائيلية، ويعرفون جيدا ماهية القطيعة. بالنسبة للمقاطعين، فان مجرد وجود دولة اسرائيل داخل اسرائيل غير شرعي ولهذا فان "المركز الجامعي" في اريئيل شيء لا يؤبه له لا فرق بينه وبين الجامعة العبرية على جبل المشارف، كما انه لا يوجد أي فرق بين "استعمار" نهاية القرن التاسع عشر وبين "احتلال" 1948 و1967.

        في الوجه الآخر للقطعة النقدية نفسها، يزعم المستوطنون في الحقيقة الشيء نفسه وذلك ان اريئيل هي "رأس حربة" الصهيونية، مثل "سور وبرج"، ومن يزعم ان المستوطنات غير شرعية يشمل بذلك بالضرورة حنيتا ورمات افيف ايضا. ان هذا التشويش الخطر الذي أصبح سياسة الحكومة هو أحد العوامل المركزية لرفض اسرائيل في السنين الاخيرة. ونشك في ان يكون أكثر الموقعين على الاعلان معنيين به، لانه يسحب البساط تماما من تحت قدمي اسرائيل عامة وفي ضمن ذلك هم وعملهم.

        غير ان الصوت الذي يعلو من اعلانهم هو صوت اليأس المر. يأس اولئك الذين ما عادوا يؤمنون بأن اسرائيل نفسها ستستطيع التنبه والتغير، ويتجهون خارجا الى العالم. وهذا مصدر عدم الارتياح الذي يثيره الاعلان. لانه يمكن ويجب على هؤلاء الاشخاص المشفقين حقا على مصير اسرائيل وصورتها أن نتوقع ألا يقنطوا؛ وألا يكفوا عن توجيه الجهود الى الداخل، الى المجتمع الذي يعيشون فيه. لانه برغم الحاضر الكئيب جدا، فان التغيير اذا حدث وعندما يحدث لا يمكن ان يأتي إلا من هذه الجماعة وبمساعدتها.