خبر محظور على حزب العمل أن ينسحب- معاريف

الساعة 09:04 ص|10 يناير 2011

محظور على حزب العمل أن ينسحب- معاريف

بقلم: اودي منور

 (المضمون: معنى انسحاب حزب العمل هو ترك مستقبلنا السياسي في يد من رغم اعلانهم عن دولتين، إلا انهم عمليا يدفعون الى الأمام دولة واحدة فقط، وفيها شعبان مستقبلهما مسجل بأحرف من الدم، باللبنانية، بالعراقية – الكردية، وبالمصرية – القبطية - المصدر).

        قبل نحو سنتين جرت انتخابات كانت الأكثر غرابة التي تشهدها اسرائيل. فمع انه منذ العام 2001 أُلغي الانتخاب المباشر، وقف الجمهور مرة اخرى أمام المعضلة الشخصية: "تسيبي أم بيبي". وهكذا وجد أنفسهم كثير من اليساريين يصوتون خلافا لضميرهم ونيتهم. صدمة النتائج لم تنقض منذ ذلك الحين. الادعاء وكأن "اليسار انهار" أصبح امرا مسلما به، رغم ان كل الساحة السياسية في اسرائيل تقريبا وقفت خلف المبدأ الأعلى للسياسة المابايية: تقسيم البلاد وبناء الأمة. وها هو اليوم الليكود ايضا، كديما وليبرمان يعلنون صراحة عن مبدأ الدولتين. ومن هنا، فان من تكبد هزيمة تاريخية فادحة وانهار تماما هو بالذات اليمين الراديكالي لرجال القبعات المحبوكة ومؤيدوهم القلائل.

        على مسألة كيف يمكن أن نشرح هذه المفارقة المشوقة يجب ان نجيب في فرصة اخرى. لا ريب ان الجواب يرتبط بصعوبة فهم طبيعة السياسة، إذ خلافا لما هو دارج في عدة محطات اذاعية قطرية، فان تحليل السياسة ليس استمرارا لتحليل كرة القدم، واذا ما قارنا الامر بمجالات اخرى، فان الفيزياء بالذات يمكنها ان تكون مصدر إلهام، وذلك لانه في السياسة وفي الفيزياء لا يوجد فراغ. في كل لحظة معينة، بالتالي، توجد معضلة على جدول الاعمال، مثل "الانسحاب أم عدم الانسحاب". وحسب تحليل كرة القدم، هذا القرار يُفسر بتعابير الفشل أو الانتصار، الربح أو الخسارة، مقاعد أكثر أو مقاعد أقل. أما حسب "تفسير الفيزياء" فالفراغ الذي سيخلفه وراءه حزب العمل في الحكومة لن يملأه بالذات اعضاء ميرتس، بل رجال اليمين المتطرف.

        ومن هنا، اذا لم تكن السياسة نوعا آخر من الرياضة، فان نقطة العناية بالنسبة للحسم السياسي هي الواقع الذي في وسطه تقف منذ مائة عام مسألة العلاقات بين اليهود والعرب. الجواب الذي تبين بأنه اخلاقي وأكثر عملية، كان جواب حركة العمل، بمعنى: السعي الى حل وسط مع العالم العربي في ظل الحرص على الأمن للوجود الجماعي اليهودي، وادارة سياسة اقتصادية – اجتماعية لبناء الأمة انطلاقا من الفهم بأن الاقتصاد العادل هو ايضا عنصر أمني وسياسي. دليل واضح على مدى صحة هذا الفهم هو الانتقاد الذي يتلقاه من كل صوب. إذ انه من مؤشراته العملية هو ان كل الاطراف تبقى بنصف طموحها في يدها.

        اذا كان ثمة شيء ما في اليسار قد انهار بالفعل في العقد الاخير فهو الايمان الاعمى بالصلة التلقائية بين النوايا (السلام الآن)، الشعارات (شرق اوسط جديد) وخلاص السلام كرمشة عين. الفهم بأن ليست هكذا هي الامور هو من ناحية اليمين أنباء طيبة وذلك لانه يتبين ظاهرا بأن "لا يوجد مع من يمكن الحديث". من زاوية النظر هذه، الاحاديث في اليمين عن حل الدولتين ستتضح كأحبولة اعلامية. بالضبط مثل "السلام الآن" من شأن الجمهور ان يكتشف بأن "خطاب بار ايلان" ايضا هو مجرد شعار فارغ.

        بالمقابل، الجهة الوحيدة التي تواصل العمل باتجاه الفصل السياسي، فيما أن سياستها الأمنية تُعد ايضا أساسا لبناء أمة فلسطينية في الضفة، هي حزب العمل. ومن تلقاء ذاته الجواب على سؤال الانسحاب أم عدمه. عدم الانسحاب. لان معناه هو ترك مستقبلنا السياسي في يد من رغم اعلانهم عن دولتين، إلا انهم عمليا يدفعون الى الأمام دولة واحدة فقط، وفيها شعبان مستقبلهما مسجل بأحرف من الدم، باللبنانية، بالعراقية – الكردية، وبالمصرية – القبطية.