خبر حقيبة أكاذيب الجيش الإسرائيلي- هآرتس

الساعة 09:30 ص|09 يناير 2011

 

حقيبة أكاذيب الجيش الإسرائيلي- هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: الاكاذيب التي ينشرها الجيش الاسرائيلي عن موت جواهر أبو رحمة باطلة ومُفتراة - المصدر).

        ماتت جواهر أبو رحمة نازفة. وقفت إزاء متظاهري الجدار في قريتها، واستنشقت الكميات الكبيرة على نحو خاص من الغاز التي نثرها جنود الجيش في ذلك اليوم، وانهارت وماتت بعد ذلك ببضع ساعات في المستشفى في رام الله. هذه حقائق ثابتة. كان يجب على الجيش الاسرائيلي أن يُصدر فورا اعلان أسف لموت المتظاهرة وأن يحقق في الاستعمال المفرط لوسائل تفريق المظاهرات في بلعين التي قتلت عبثا شقيق جواهر، باسم. أُصيب بقنبلة غاز وُجهت الى صدره مباشرة قبل نحو من سنتين ونصف. بدل هذا بدأ الجيش اشاعة طائفة من الأكاذيب، والاختلاقات والافتراءات، من أفواه ضباط لم يتجرأوا على تعريف أنفسهم. بعد تحقيق موت جواهر كان يجب تحقيق كيف يتجرأ الجيش على التضليل على هذا النحو. فربما يهم هذا المجتمع الاسرائيلي أكثر من موت متظاهرة.

        بدأ الأمر بالاعلان الاول من متحدث الجيش الاسرائيلي الذي تحدث عن مظاهرة "غير قانونية". أغير قانونية، يا للهول؟ أفسلب الاراضي لبناء المستوطنات الضخمة وإثراء أصحاب العقارات المُريبين قانوني؛ والاستخفاف المتواصل لجهاز الأمن بقرارات محكمة العدل العليا التي قضت بأنه ينبغي نقل مسار الجدار قانوني؛ أفقتل باسم قانوني؛ أما المظاهرة وحدها فهي غير قانونية. لماذا هي غير قانونية؟ أليس من حق الفلسطينيين والنشطاء في مقاومة الاحتلال أن يتظاهروا؟ أي مظاهرات يمكن ان تكون أكثر شرعية من مظاهرات فلاحين يحتجون على سرقة اراضيهم – المظاهرات التي أفضت الى قرار محكمة العدل العليا؟ كيف يستطيع الفلسطينيون التظاهر بمقتضى القانون؟ ولماذا يعرف الجيش والشرطة تفريق مظاهرات المستوطنين الشاغبين والعنيفين بلا قتلى ويصبح تفريق مظاهرات الفلسطينيين فقط، وليس هذا لاول مرة، قاتلا؟.

        لكن هذا غير كاف. فمن غد مقتل جواهر بدأ الجيش الاسرائيلي يُشيع الاكاذيب. ليس واضحا لماذا جند نفسه لهذه المعركة خاصة، فبعد يوم من موت جواهر قتل جنود الجيش على عمد شابا يحمل زجاجة عند حاجز بكعوت، ولم تنشب أي اعمال شغب آنئذ. ما الذي لم يُشعه الجيش عن جواهر البائسة؟ قيل انها ماتت في بيتها موتا طبيعيا لا في المستشفى. لكنه ثبت انها ماتت في المستشفى. وعندما تأكدوا في الجيش ان هذه الفرية غير ناجحة أوجدوا افتراءات اخرى وحقيبة مليئة بالأكاذيب. لم تكن جواهر في المظاهرة فلا صور لها. كانت تنظر من بعيد على مبعدة مائة متر واختنقت من الدخان.

        وأشياء اخرى من حقيبة الجيش الاسرائيلي: كانت جواهر مصابة بالسرطان لا مجرد سرطان بل سرطان الدم. وقفت في المظاهرة وتهاوت وماتت فجأة من سرطان الدم. من أين أخذوا هذا؟ ربما لأن أباها مات من سرطان الدم قبل نحو من خمس سنين. الدم؟ قال الجيش الاسرائيلي بواسطة دعائييه في وسائل الاعلام إن جنازتها كانت "غريبة"، وأن وجهها كان "مغطى" وكان جسمها ملفوفا بالقماش "المُشرب بالدم" (أربما قطعت أوردتها؟)، لم يُبد أحد القماش ولا الوجه المغطى، بحيث لا يعلم سوى الله ما أهمية ذلك، لكن ليكن. حسبُنا ان يقول الجيش سرطان دم وقماش دم، كي يغزو جيش محللي اليمين وسائل الاعلام ويُذيع افتراءاته.

        راقبت جواهر المظاهرة، واستنشقت الغاز، وانهارت، ونُقلت في سيارة اسعاف في حال صعبة، وماتت من الغد في المستشفى ولم تكن مصابة على حد علمنا بأي سرطان دم. اشتكت في المدة الاخيرة من فقدان التوازن وقضى طبيب بأن الحديث عن التهاب في الأذن الوسطى. لم تُجرَ جراحة، ولطخت افتراءات ماضيها الطبي كرامة الميتة وعائلتها. وحتى لو تناولت أدوية كما أذاع الجيش الاسرائيلي، أفلم تمت إثر الغاز الذي استنشقته؟.

        حسن أن نعلم أن موت جواهر يجثم على ضمير الجيش. وهكذا يجب أن يكون. ويجب أن يجثم على ضميره ايضا جميع المتظاهرين الفلسطينيين لمقاومة الجدار الواحد والعشرين الذين قُتلوا على مر السنين ومعهم عشرات النشطاء الذين جُرحوا وفيهم طالبة جامعة امريكية فقدت عينها في الصيف. لكن السبيل الى مجابهة ضمير غير هاديء يجب ان تكون الكشف عن الحقيقة لا الاكاذيب. وليعلم متحدث الجيش الاسرائيلي الجديد أن ليس الجيش الاسرائيلي وزير دعاية في نظام ظلامي.