خبر ذنب باراك -هآرتس

الساعة 11:17 ص|05 يناير 2011

ذنب باراك -هآرتس

بقلم: أبيرما غولان

        (المضمون: اسرائيل سائرة نحو التحول الى دولة عنصرية فاشية. كان باراك وحزب العمل يستطيعان وقف ذلك لو عملا بحسب ما تقتضيه مباديء هذا الحزب لكنهما تخليا واحتال باراك على الجميع - المصدر).

        استغرق الامر الامريكيين زمنا ما، لكنهم أدركوا في نهاية الامر ان اهود باراك يضللهم. كانوا يستطيعون سؤالنا. منذ اللحظة التي تبين فيها انه يستعمل حزب العمل المتضائل خشبة قفز وانه وجماعة منافقيه يجلسون في الحكومة، عرفنا انه لن يُزيحه من هناك ألف رجل اطفاء.

        ما فهمته الادارة الامريكية مهم، لكن أهم منه الكارثة التي جلبها باراك على اسرائيل. لانه منذ اللحظة التي تخلى فيها عن انشاء معارضة واعادة بناء اليسار وانضم الى حكومة يمين متطرفة، منح تحريض افيغدور ليبرمان تبييضا غير مشروط، وعنصرية ايلي يشاي ورفْض بنيامين نتنياهو والسباعية السلام.

        في الاسبوع الماضي تسامى على نفسه. قال (متأخرا) عن رسالة الحاخامين "موجة خطرة من التحريض العنصري"، وكأنه عالم اجتماع ينظر جانبا. بيد أن تصور شموئيل الياهو واسحق شبيرا (الذي يوزع الآن في الجيش الاسرائيلي منشورات تحريض تدعو المحاربين الى عدم رحمة أعدائهم) وآخرين ليس تجديدا. التجديد هو في الدعم الذي تمنحهم إياه حكومة نتنياهو – ليبرمان – باراك، لهم ولأفعالهم.

        ما الفرق في الحقيقة بين رسائل الحاخامين وبين التصريحات في الحكومة؟ البارزان على نحو خاص هما ليبرمان ويشاي، لكن نتنياهو، في خطبة التحريض على اللاجئين، لم يتخلف عنهما ومثله ايضا يعقوب نئمان الذي يجر اضطهاد المواطن (ولا سيما المواطِنة) بيد المؤسسة الارثوذكسية الى حضيض لم يسبق له مثيل ويبذل جهدا عظيما لتدمير جهاز القضاء. وكذلك آخرون كل واحد في مجاله.

        لا يستطيع باراك ان يزعم انه لا يرى هذا التدهور. سوّغ انضمامه الى الحكومة بأنه سيزيدها اعتدالا، لكن تعاونه المتحمس يساعدها فقط على الغُلو في المسار المُدمر، الذي يُنشيء واقعا سيكون من الصعب جدا تغييره. ونشك أن ينشأ في السنين القريبة هنا زعيم يستطيع فعل هذا، ولا سيما بازاء الهوادة العقائدية، وفي ظل كنيست تفقد اخلاقيتها.

        لهذا الواقع اسم معلوم، لكن يدور حوله جدل كلامي وكأنه لا جوهره الأساس. كيف تقارنوا؟! يصيحون بكل من يتجرأ على أن يصف ما يحدث هنا بأنه فاشية؛ كراهية العرب والمهاجرين تنبع من خوف وجودي، ولسنا مثل الالمان والايطاليين والافارقة الجنوبيين والايرانيين والعصابة اليونانية.

        يكفينا الواقع بلا مقارنات اذا، ولما كان هذا صعب الهضم، فان الدوائر التي تُعد ليبرالية تُبدع حبات تحلية. مثل الايمان بأن ليبرمان هو جذر المشكلة وان المشكلة ستختفي باختفائه ايضا. هذا تفكير داحض. فقد يكون ليبرمان اول من استجمع القوة بمساعدة شعارات كانت محظورة ذات مرة لكنه ما كان لينجح لولا أن الوقت مناسب.

        أضعفت حكومات اليمين على الدوام النسيج الاجتماعي ومكانة المواطن. إن انتقاض الاجهزة الذي برز بروزا خاصا في حرب لبنان الثانية وفي الحريق في الكرمل، لكنه يُعبر عنه كل يوم في التربية والصحة والرفاهة (التي تزهو في المستوطنات وتنحل داخل الخط الاخضر)، أحدث فوضى مريحة للتلاعب. وفي مقابلة ذلك يشجع الطريق السياسي المسدود، واستمرار الاحتلال الذي لا تشويش عليه والنماء الاقتصادي صلفا كارثيا: أي نمو مجيد! وكم يوجد من الغاز الطبيعي في البحر! من يحتاج السلام! من يهمه العالم؟.

        هذا المزيج الذي مُزج فيه ضعف الضحية المذعور مع الصلف والذي حل محل بقايا التعاطف الانساني فيه عنصرية تمايزية، قد لا يكون مماثلا لظواهر تاريخية اخرى لكنه مصنوع من المواد "الصحيحة". طُرح في الشبكة العنكبوتية في المدة الاخيرة ترجمة ممتازة لمقالة رجل علوم السياسة الامريكي لورنس بريت، التي تعد 14 شيئا تميز النظم الفاشية. والقراء مدعوون لأن يفحصوا بحسبها عن الواقع في اسرائيل.

        هذه مسيرة لا يقودها شخص واحد. حتى لو أُرسل ليبرمان الى الجلاء في سيبيريا، فسيرفع من يحل محله ولا يهم من أي حزب صوته بنفس الصراخ المؤذي للآذان. في هذا الواقع، أصبحت الحاجة الى بديل سليم مسألة حياة وموت. كان مفتاح البديل في يد باراك لكنه وهو الذي يتنكر بلباس من يتابع نهج رابين، احتال على الجميع. وقد ساعد في ذهن صاف أعكر الموجات في تاريخ الدولة على أن تصبح طوفانا يعرض وجودها للخطر.