خبر ذعر الناس في غزة ..مصطفى إبراهيم

الساعة 08:00 ص|05 يناير 2011

ذعر الناس في غزة ..مصطفى إبراهيم

الناس في فلسطين خاصة في قطاع غزة مازالوا يعيشون الصدمة، وتلقوا أخبار جريمة تفجير كنيسة الإسكندرية وسقوط عدد من القتلى والجرحى بخوف وذعر شديدين لاعتبارات كثيرة منها خصوصية العلاقة التاريخية مع مصر، وأشياء أخرى، وعبروا عن حزنهم وغضبهم من فداحة الجريمة التي لم تميز بين مسيحي ومسلم، وتهدد السلم الأهلي وفكرة التعايش والتسامح السائدة في مصر.

 

وقامت جميع القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني باستنكار الجريمة، وعزوا أنفسهم في الشهداء قبل أن يعزو الشعب المصري في مصابهم.

 

لكن المفاجئ لدينا في قطاع غزة أنه في اليوم الذي أصدرت فيه جماعة الدعوة السلفية في الإسكندرية بياناً تدين فيه تفجير كنيسة الإسكندرية، واعتبرته مفتاح شر على البلاد والعباد وما سيعود بالمفاسد على المجتمع كله وفتح الباب لاتهام المسلمين، صدر بيانا آخراً في مدينة غزة عن تنظيم قاعدة الجهاد في ارض الرباط، جاء فيه "نستنكر ما قد أصدرته المحكمة المدنية بغزة بالحكم علي أحد الإخوة المسلمين بالإعدام وذلك لقيامه بقتل شخص صليبي وما يدعونه بأنه ينتمي إلي الطائفة النصرانية أو انه كتابي، ونوجه رسالتنا في هذا البيان إلى الصليبيين بعامة وإلى من هم في غزة بخاصة بأنهم خرجوا من عقد الذمة مع المسلمين".

 

وحذر البيان الحكومة في غزة من تنفيذ حكم الإعدام بحق المتهم المسلم بقتل المواطن الغزي المسيحي، وأن تنفيذ الحكم ستكون عواقبه وخيمة على الطائفة المسيحية في قطاع غزة.

 

خوف الناس في القطاع نابع من خطورة البيان الصادر عن تنظيم قاعدة الجهاد، والذي يفهم منه أن مؤيداً لجريمة الإسكندرية، ومهددا في الوقت ذاته الأشقاء المسيحيين في قطاع غزة، الذين هم مواطنين فلسطينيين أصيلين، ولم نشعر في غزة في أي يوم من الأيام أنهم أقلية كما يحاول البعض وصفهم بأنهم وافدين من الخارج وتوطنوا في غزة.

 

البيان الصادر خطير جدا ويدق ناقوس الخطر ليس لدينا في غزة فقط، ويدعوا ليس للتحريض على المسيحيين بل إلى استهدافهم، وإفراغ غزة منهم، فعدد المسيحيين في قطاع غزة في تناقص كبير، وغادر القطاع عدد غير قليل منهم خوفا على حياتهم بعد مقتل الشاب رامي عياد قبل عامين، وتعرض المسيحيين وبعض المؤسسات لاعتداءات عدة، ولم يحكم أي من الذين قاموا بتلك الاعتداءات بحقهم.

 

فالعنف ضد المسيحيين في تزايد، واذا لم نقف جميعاً في مواجهة ذلك سيطال باقي فئات المجتمع الفلسطيني وليس المسيحيين فحسب، فكلنا في القطاع نتحمل مسؤولية تلك الاعتداءات، وإفراغ القطاع منهم وكأننا نتخلى عنهم ونساعد في ذلك، فالتهديد جديد قديم للمسيحيين عندما يتم اعتبارهم خارجين عن عقد الذمة مع المسلمين كما وصفهم البيان.

 

نحن نتحمل المسؤولية في أننا غذينا وساهمنا من خلال تربيتنا المدرسية والإسلامية الخاطئة بتغذية العنف والتشدد والتطرف، واستهداف المسلمين والمسيحيين وتهديهم، نتحمل المسؤولية عندما تحدثنا للعالم بان غزة هي وكر للقاعدة منذ عدة سنوات، وغذت ذلك بعض الأطراف في الأجهزة الأمنية الفلسطينية، ودعمت بعض الجماعات الإسلامية المتطرفة بطريقة مباشرة وغير مباشرة انتقاما من حماس، وليس حبا في تلك الجماعات.

 

وتتحمل المسؤولية حركة حماس وحكومتها من خلال مسؤوليتها عن حفظ الأمن وتوفيره للمواطنين، وعدم إنفاذ القانون بحق من ارتكبوا جرائم بحق الناس عامة سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين، كما يتحمل المسؤولية المجتمع الدولي في صمته ومشاركته في الجرائم المستمرة التي ترتكبها دولة الاحتلال من استمرار العدوان وفرض الحصار على القطاع غزة، ما يعزز من العنف والتشدد لدى فئات كبيرة من الشباب.

 

نتحمل المسؤولية في استمرار الانقسام وزيادة حدة العنف، في ظل استمرار الاحتلال والحصار، وزيادة نسب الفقر والبطالة وحالة الإحباط العام والتشرذم وتفرغ طرفي الانقسام للردح السياسي وتبادل الاتهامات، والمجتمع الفلسطيني ينهار من دون أن نتحرك لوقف هذا العبث بمصيرنا، فمن حق الناس في غزة أن يذعروا من ما يجري في فلسطين وفي غزة على وجه الخصوص.