خبر حالة السودان: هل ستُقسّم الدولة؟- إسرائيل اليوم

الساعة 09:29 ص|03 يناير 2011

حالة السودان: هل ستُقسّم الدولة؟- إسرائيل اليوم

بقلم: يوسي بيلين

 (المضمون: واضح أن لا حل آخر لانقاذ السودان من الوضع الفظيع الذي علق فيه في السنوات الاخيرة، ولكن أحدا لا يمكنه أن يعرف اذا كان هذا الحل بوسعه ان ينقذه. في هذه الاثناء ينتظر الجميع التصويت يوم الاحد القادم، على أمل أن تتمكن دولة مريضة بانشقاقها من ان تولد دولتين معافتين - المصدر).

        هذا لا يحصل كل يوم. السودان، الدولة الاكبر في افريقيا (2.5 مليون كم مربع!)، توشك على ان تقرر الاسبوع القادم، في 9 كانون الثاني، اذا كانت ستنشق الى دولتين. وهذه نتيجة اتفاق من العام 2005 بين الشمال والجنوب، والحسم سيتم في استفتاء شعبي يُجريه قريبا سكان الجنوب. كلما اقتربت لحظة الاستفتاء تتعاظم الشكوك، سواء حول مجرد انعقاده وبالأساس بشأن احتمال تطبيق نتائجه (الواضحة مسبقا: اغلبية هائلة من مواطني الجنوب سيؤيدون دون تحفظ الانفصال عن الشمال).

        وعند كتابة هذه السطور ايضا يجد كثيرون صعوبة في التصديق بأن حكومة السودان، التي لا تُشتهر بفضل شرعيتها أو خطواتها الديمقراطية، ستسمح للجنوب بالسير في طريقه، فقط لان الاغلبية الجنوبية قررت ذلك.

        على ألا تظنوا بأن الحديث يدور عن قطعة بلاد هامشية. المساحة التي ستفك ارتباطها عن الدولة الهائلة هذه هي بحجم فرنسا. عاصمة الجنوب هي مدينة تسمى جوبا، وحقيقة انها لا توجد بين الأهداف السياحية لديكم تنبع، ضمن امور اخرى، لانه لا يوجد فيها تقريبا أي شيء. الشمال أكثر تطورا بكثير (نسبيا بالطبع)، والخرطوم العاصمة، تشبه، أكثر بكثير، مدينة حقيقية. غير أن مقدرات النفط في الدولة توجد بالذات في الجنوب؛ اليوم يصل ثلثاها الى الشمال، وثلث فقط يعود، بالانابيب، الى الجنوب، من مصافي البترول في الشمال. آمال الجنوب هي التغيير الكبير لحجم الكميات، والتمويل من خلال النفط لتنمية المنطقة المهملة في جنوب السودان.

        لا توجد أي طرق ويكاد لا يكون هناك مستشفيات ولا توجد وسائل اعلام مناسبة تستحق اسمها أو بنى تحتية غيرها. نحو نصف السكان، ولا سيما النساء، لا يعرفون القراءة والكتابة، وجهاز التعليم ينتمي الى عهد تاريخي آخر. سنوات من الحروب الوحشية والاستخفاف بحياة الناس ورفاههم فعلت فعلها. في الجنوب تسكن اغلبية المسيحيين الذين يعيشون في السودان (يدور الحديث عن مسيحيين أقباط يشكلون نحو 8 في المائة من نحو 30 مليون مواطن فيه)، وكذا قبائل للوثنيين، الى جانب مسلمين، الذين يسكن معظمهم في الشمال.

        أكثر من 5.5 مليون من سكان الجنوب ينتظرون مصيرهم. وهم يعرفون بأن الادارة الامريكية وعدت الرئيس عمر البشير – المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية على دوره في قتل الشعب في دارفور – في انه اذا ما احترم نتائج الاستفتاء الشعبي ولم يعمل بعنف، فسيُشطب السودان من قائمة الدول الارهابية لدى الولايات المتحدة، والذي يلعب فيها دور النجم منذ 17 سنة. وهم لا يعرفون اذا كان زعيمهم، سالبا كير، يمكنه ان يقود الدولة الجديدة نحو اعادة بناء حقيقي، بمعونة المحافل الدولية (التي تخشى الاقتراب من السودان الذي قُتل فيه نحو 2 مليون مواطنا في الحروب الأهلية في الجيل الأخير). ولا حتى اذا كان بوسعه ان يملأ الفراغ الذي خلقه موت سلفه، الأبرز منه، جون غرانغ، الذي قُتل في حادثة طيران في 2005.

        واضح أن لا حل آخر لانقاذ السودان من الوضع الفظيع الذي علق فيه في السنوات الاخيرة، ولكن أحدا لا يمكنه أن يعرف اذا كان هذا الحل بوسعه ان ينقذه. في هذه الاثناء ينتظر الجميع التصويت يوم الاحد القادم، على أمل أن تتمكن دولة مريضة بانشقاقها من ان تولد دولتين معافتين. الكثير من علامات الاستفهام، عدم الوضوح، المخاوف والفضول الدولي قُبيل الحسم.