خبر مثلث مختلف الأضلاع -يديعوت

الساعة 09:23 ص|03 يناير 2011

مثلث مختلف الأضلاع -يديعوت

بقلم: سمدار بيري

(المضمون: في هذه الاثناء لا يكف الحريري عن الطيران. فهو واثق بالأماني أكثر في طائرته الخاصة، وألطف بكثير البروز في خارج البلاد. فكيف، بحق الجحيم، يمكن اعداد العجّة وإبقاء البيض سليما؟ - المصدر).

        خُذوا قلما وورقة وارسموا بخطوط فظة مثلث الحكم المتعذر في لبنان: في الرأس، رئيس مسيحي ماروني. في الضلع الأيمن، رئيس وزراء مسلم سني. وفي الزاوية من اليسار، رئيس برلمان ابن الطائفة الشيعية. كما ان رئيس الاركان سيكون دوما والى الأبد ابن الطائفة المارونية، التابعة مباشرة الى الرئيس.

        احصاء سكاني بعيد، قبل 67 (!) سنة هو الذي قرر بنية مثلث القوى وأنظمة الحكم، حسب صورة الوضع في تلك الايام. منذ ذلك الحين، انقلبت الخريطة رأسا على عقب. المارونيون، الذين قُتلوا أو هربوا من لبنان بسبب الحروب الأهلية، فقدوا الاغلبية في صالح الشيعة. التحول بارز للعيان – ولكن لا أحد يعتزم اجراء تعديلات. كل تغيير سيؤدي الى انفجار.

        سعد الحريري، رئيس الحكومة المشلولة منذ قرابة سنة، ملياردير مدلل، متعلق بالآخرين (السعودية وفرنسا) وعديم الكاريزما تماما، يمسك بالمفاتيح. لو كان مكانه ثعلب سياسي داهية، لكان يحتمل ألا يكون الوضع في غاية التفجر وما كانت حياته لتكون معلقة بشعرة.

        في كل اجمال للأحداث في الآونة الاخيرة يبدو ان الحريري هو رجل السنة الشاحب، الذي يحتاج الى أن يختار الآن بين نموذجين متصادمين: ان يستنفد العدالة حتى النهاية – بمعنى أن يُسمي بأسمائهم قتلة أبيه قبل خمس سنوات في بيروت، رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري – أو أن يسير الى الهدوء الداخلي وأن يتنكر للوائح الاتهام ضد المصفين من حزب الله وضد مُرسليهم في قيادة الاجهزة في دمشق. نصر الله، مثلا، يوصي الحريري بأن يُسمي المحكمة الدولية بأنها "مؤامرة صهيونية" ويُنهي الأمر. ولكن الحريري يصمت. مهما قرر، في كل الاحوال فانه سيخرج في صورة سيئة، والكرسي الذي أخذه لنفسه في مكتب رئيس الوزراء سيواصل الاهتزاز.

        سطحيا، فريق التحقيق الدولي يحافظ على الاوراق قريبا جدا من الصدر للقاضي دانييل بلمر. لا يفترض بأحد أن يعرف ماذا يوجد في لوائح الاتهام. ولكن الحريري يمكنه أن يردد الأسماء حتى لو أيقظوه في منتصف النوم، وما يعرفه، يعرفوه عندنا ايضا. لقد سبق لنصر الله أن حرص على تخبئة القتلة. لن تكون مفاجآت صاخبة. ينبغي فقط نقل التقرير الى الامين العام للامم المتحدة في نيويورك – ودحرجة القنبلة.

        ولكن رجل السنة الحريري يواصل التردد. من جهة، طبيعي فقط أن يصر على تصفية الحساب مع مُصفي أبيه ويمنع حزب الله من مواصلة العربدة. ومن جهة اخرى، الرئيس ورئيس الاركان أوضحا بأن ليس هناك من يُسلم القتلة، وليس هناك من يتطوع للتورط مع سوريا، مع طهران ومع الفم المُهدِّد لنصر الله.

        في هذه الاثناء لا يكف الحريري عن الطيران. فهو واثق بالأماني أكثر في طائرته الخاصة، وألطف بكثير البروز في خارج البلاد. فكيف، بحق الجحيم، يمكن اعداد العجّة وابقاء البيض سليما؟ من سيحافظ على لبنان حين يهجم حزب الله على الشارع؟ من سيضمن له ألا يكون الضحية التالية؟ في السيناريو الأكثر تفاؤلا سيبقى على قيد الحياة ولكنه سيطير من منصبه. اذا أصريت، شرح له احمدي نجاد، بشار الاسد ونصر الله، فانك ستكون من أوقع المصيبة الأكبر على لبنان. وعلى نفسك ايضا.

        من الصباح، يمكن للوائح اتهام المحكمة الدولية أن تصدر الى الهواء في كل لحظة. الصيغة التي تصاغ الآن خلف الكواليس ستضغط على الحريري للتنكر للتقرير، للاعلان، مثلما سبق أن أعلن رئيسه، بأنه لا يعتزم التعاون، وجعل لجنة التحقيق التي طبخها لنفسه نمرا من ورق.

        وإلا، فان النمر سيعربد دون حدود. في المرحلة الاولى، معارك شوارع ضد مثلث القوة. في المرحلة التالية، الجيش السوري والحرس الثوري الايراني يدخلان الى لبنان، لتهدئة الاضطرابات. وعندها ستشتعل عندنا أضواء كبيرة.