خبر الويل للاحتفال- هآرتس

الساعة 09:32 ص|02 يناير 2011

 

الويل للاحتفال- هآرتس

بقلم: تسفي برئيل

(المضمون: ادعاء أن تأثيم الرئيس السابق قصاب يدل على أن المجتمع الاسرائيلي ما زال لا يستوعب ولا يدرك أن الناس جميعا الكبير والصغير والعظيم والفقير متساوون أمام القانون وأن هذه قيمة ديمقراطية أساسية - المصدر).

        "هذا يوم عيد للديمقراطية"، انتشى الكليشيه منذ اللحظة التي سُمعت فيها التفصيلات الاولى لقرار الحكم في محاكمة قصاب. "هذه ساعة تسامٍ"، لخص المدعي العام للدولة، الى جانب الأسى الذي عبر عنه بطبيعة الامر لأن هذا حدث لرئيس دولة سابق.

        يمكن أن نلخص هذا على نحو مختلف ايضا: فثم مغتصب وكاذب قد حوكم ولا يهم الحديث عن رئيس أم عن عامل اجنبي. بيد انه عندما يحاكم رئيس يكون ذلك "احتفالا للديمقراطية". وهنا يكمن الفشل. قيل، وسيُقال ويُتعلم كثيرا عن السلوك القضائي وعن الصفقة القضائية التي تم رفضها وعن عمل وسائل الاعلام قبل تقديم لائحة الاتهام بكثير وفي زمن المحاكمة وبعدها، لكن يُخيل الينا أن تعريف قرار الحكم خاصة بأنه عيد للديمقراطية يثير سؤالا هو: ماذا كان يحدث لو قبلت المحكمة رواية قصاب. أكان ذلك عيدا للديمقراطية ايضا؟ نشك. ليس التصفيق لمجرد وجود المحاكمة بل لمشهد الشنق. كلما زاد الرضى عن التأثيم شهد على عدم ثقة الجمهور بامكانية أن تتجرأ محكمة في اسرائيل على تأثيم رئيس دولة. ما زالت المحكمة تُرى انها تنتمي الى النخبة وانها تحافظ جيدا على اعضائها، وعندما تؤثم رئيسا تكون الدهشة عظيمة. ليس هذا تصورا يميز ديمقراطية حقيقية بل دولة من العالم الثالث. وهو يُذكّر بالتعجب والاجلال اللذين تثيرهما محكمة في بوليفيا عندما تؤثم تاجر مخدرات كبيرا. وفي الدول الديمقراطية لا تثور أي دهشة لأن محكمة تجرأت على تأثيم قادة دولة. ففي هذه الدول اعتاد القادة المتهمون الاستقالة قبل أن يُحاكموا. فمجرد الشُبهة إهانة كبيرة للجمهور.

        يتبين أن المساواة أمام القانون – وهي قيمة يجب ألا تثير العجب في دولة ديمقراطية، يتبين انها شيء نادر يثير التأثر الى درجة ان المدعي العام للدولة ذكر هذا المبدأ باعتباره السبب الرئيس لـ "احتفال الديمقراطية". اذا كان يوجد شخص يجب ان تكون هذه القيمة عنده مفهومة من تلقاء ذاتها فهو المدعي العام للدولة، لكن يبدو انه يدرك أي دولة يعيش فيها ايضا.

        لا تُقاس المساواة أمام القانون باستعداد المحكمة للمحاكمة بحسب نفس المعايير لكل من يمثل أمامها من الاغنياء والفقراء والرجال والنساء والمواطنين والغرباء. فالمساواة أمام القانون تعني أن قانونا واحدا ينطبق على الجميع، وأنه اذا قرر القانون أن يفرق بين مواطن وآخر فيجب أن يكون هذا التفريق للأحسن. لتعزيز حقوق المُعاني، والمعوق ومن تعوزه القدرة الاقتصادية. إن كتاب القوانين الاسرائيلي وكذلك بتأكيد قوانين التمييز الجديدة، بعيدة عن جواب طلب المساواة أمام القانون. لن يُساعد تأثيم قصاب على ترسيخ ثقافة المساواة.

        وهنا تُبين الجملة قيمة اخرى مزينة أدركتها المحكمة في ظاهر الامر. وهي هذه المرة تخص النساء: فستعلم النساء منذ الآن انهن يستطعن الشكوى على أرباب عملهن وسائر أصحاب المناصب من التحرش الجنسي وأن يربحن الحكم. هذه بشرى خير حقا. يبلغون في اسرائيل عن نحو من 18 اغتصابا لكل مائة ألف من المواطنين. والوضع في النرويج وآيسلنده وبريطانيا والولايات المتحدة اسوأ، لكن لماذا تُرى هذه الدول أكثر ديمقراطية من اسرائيل؟ لان مكانة المرأة فيها لا تُقاس بحسب حالات الاغتصاب وتأثيم المغتصِبين بل بحسب مستوى دخلهن وقدرتهن على التقدم في العمل وقوانين تُسوي بين مكانة المرأة ومكانة الرجل. ففي بريطانيا والولايات المتحدة أو في نيوزلنده والسويد، حيث نسبة اعمال الاغتصاب 53 لكل مائة ألف – لا يتجرأ حكماء الشرع أو أناس الحياة العامة على أن يُحذروا علنا النساء من الاقتراب من الأقليات، ولن يُفهم ألبتة شعار يقضي بأن "نساء السويد للسويديين". لكن هذه هي السويد.

        الآن منذ فاز المجتمع الاسرائيلي ببطاقة عضوية في جماعة الدول الديمقراطية تستطيع أن تستمر في حياتها العادية. أن يستخف بأوامر المحكمة العليا عندما يُريحه ذلك، وأن يمنع اللقاءات بين المحامين والسجناء الأمنيين، وأن يمنع المواطنين العرب من السكن في بلدات يهودية ويحافظ على فروق الأجور بين النساء والرجال. أليس هذا ديمقراطيا؟ آه، لكن لنا بطاقة بل كان ثمة احتفال. ألم تسمعوا بالمغتصِب الذي قمنا بتأثيمه؟.