خبر خبير أمني مصري: لا تعاون أمني مع « إسرائيل »

الساعة 08:41 ص|01 يناير 2011

خبير أمني مصري:  لا تعاون أمني مع "إسرائيل"

فلسطين اليوم-وكالات

توالت في الفترات الأخيرة سقوط الكثير من شبكات التجسس الإسرائيلية والكشف عن تفاصيل عمليات قذرة نفذتها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وفي مقدمتها الموساد، من بينها الصفعة القوية التي تلقاها الموساد على يد الأجهزة الأمنية في دبي من خلال الكشف بدقة عن تفاصيل عملية اغتيال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس محمود المبحوح، والكشف عن شبكة التجسس الإسرائيلية العاملة في قطاع الاتصالات اللبنانية، والعديد من شبكات التجسس التي أسقطتها المخابرات المصرية كان أخرها الكشف عن شبكة التجسس في مجال الاتصالات أيضا والتي تتكون من مصري وإسرائيليين، وتم تفكيكها في بداياتها.

 

للتعرف على حقيقة الصراع الاستخباراتي بين الموساد وأجهزة المخابرات العربية، التقت صحيفة «البيان» الإماراتية مع اللواء سامح سيف اليزل رئيس مركز الجمهورية للدراسات والأبحاث الأمنية والسياسية، وصاحب الخبرة الطويلة في العمل المخابراتي.

 

في القاهرة أعلن عن سقوط شبكة إسرائيلية للتجسس في مجال الاتصالات وقيل أن هناك شبكة أخرى تم القبض عليها تتجسس على كبار رجال الدولة، وكانت لبنان قد أعلنت من قبل عن إسقاط شبكة تجسس مماثلة، ومنذ أيام تولى رئاسة الموساد الإسرائيلي مدير له خلفية بقطاع الاتصالات، فهل هذا يعني أن هناك توجها معينا للمخابرات الإسرائيلية؟

 

تعيين مدير للموساد الإسرائيلي ذي خلفية في مجال الاتصالات قد يكون مصادفة، فليس من الضروري أن يكون رئيس المخابرات حرفيا، في شأن من شئون العمل السري، إلا أن إسرائيل تهتم في السنوات الأخيرة كثيرا بقطاع الاتصالات، وظهر ذلك في القبض على شبكة للتجسس تعمل لحساب إسرائيل بقطاع الاتصالات اللبناني، وايضا من خلال الشبكة التي تم القبض عليها مؤخرا في مصر، من خلال التعليمات التي أعطيت للمتهم الأول في القضية طارق عبد الرازق حسن، بالإعلان عن طلب مهندسين اتصالات في كل من مصر وسوريا ولبنان، في محاولة لترشيح بعض منهم للعمل لصالح الموساد.

 

قد يكون السبب في ذلك هو سهولة الحصول على كم كبير وهائل من المعلومات من خلال مراقبة تليفونات بعض المسئولين أو الأشخاص المستهدفين مع استمرارية هذا الفيض من المعلومات، طالما لم يتم اكتشاف الأسلوب الذي تم اختراق شبكة الاتصالات من خلاله.

 

سبب حرص إسرائيل على اختراق شبكات الاتصالات على الرغم من امتلاكها لعدد ليس بقليل من أقمار التجسس، تمكنها من الحصول على ما تريد من معلومات؟

 

الأقمار الصناعية مزودة بكاميرات مراقبة نهارية وليلية، تستطيع تصوير الأهداف الصغيرة بدقة متناهية لأجزاء تصل إلى 50 سنتيمترا على الأرض، إلا أنها لا تستطيع الدخول إلى الخزائن السرية، أو المستندات الموجودة داخل الأدراج أو الدواليب، وأيضا المعلومات الموجودة في عقول البشر أو أجهزة الكمبيوتر، من هنا لا يمكن الاستغناء عن وظيفة الجاسوس الذي يقوم بتوفير هذه المعلومات بأساليب التجسس المعروفة، وبالتالي سيظل عمل الجاسوس قائما طالما تواجدت البشرية على الأرض، مهما تطورت الأساليب التكنولوجية المختلفة.

 

ما هو تقييمك لمحاولة قيام الموساد الإسرائيلية بتشكيل شبكة تجسس في مصر للعمل في مجال الاتصالات والتي أعلن عن إسقاطها مؤخرا؟

 

ما تم من جانب الموساد تجاه المتهم طارق عبد الرازق حسن، هو إجراء روتيني بحت ليس فيه أي إبداع أو جديد من حيث تقنية العمل المخابراتي، حيث تقدم المتهم خلال تواجده بالصين بعرض نفسه عن طريق إرسال رسالة إلكترونية إلى موقع الموساد، ذاكرا فيها استعداده للتعاون والعمل معه، وحيث أن المتهم حاصل على دبلوم متوسط ولم يستكمل تعليمه الجامعي قام الموساد بتكليفه بأعمال تتفق مع درجة تعليمه، وإمكانياته الذهنية والثقافية ومن هنا لم يتم تكليفه بعمل فني ذو مستوى عال تقنيا، وإنما تم تكليفه بشكل أساسي بمحاولة الحصول على مرشحين في مجال الاتصالات في كل من مصر وسوريا ولبنان، إضافة إلى إنشاء موقع على عنوان ايميل في هونج كونج خاص بسوريا فقط يطلب فيه مصدرين للحلويات الشامية وزيت الزيتون، وذلك حتى يتمكن من الحصول على بيانات لأفراد وشركات في سوريا يمكنه ترشيحهم لضابط المخابرات الإسرائيلي أبو فادي باعتباره الضابط المسؤول عن العمل في النشاط المخابراتي عن سوريا، خلاف ضابط المخابرات الإسرائيلي جوزيف ديمور الضابط المسئول عن تشغيل المتهم على مصر والمتهم الثالث في القضية.

 

طالما أن هذه الشبكة تم تكوينها بشكل روتيني بحت كما تقولون، ألا يمكن أن تكون مجرد شبكة هامشية، لإشغال المخابرات المصرية، عما هو أهم؟

 

لا، لا أعتقد، فالفكرة الأساسية من تشغيل المتهم طارق حسن تنحصر أساسا في اهتمام الموساد بمحاولة الحصول على مرشحين في قطاع الاتصالات، بحيث يمكن الاقتراب من عدد منهم عن طريق طارق لاكتشاف مدى إمكانية تجنيدهم للعمل لصالح الموساد في هذا القطاع الهام، إلا أنه لم يتمكن في حدود هذه القضية من النجاح في تجنيد أحد هؤلاء المتقدمين لإعلان الوظائف الذي استخدمه للحصول على أسماء المرشحين.

 

ذكر رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية «أمان» السابق علموس يادلين، الشهر الماضي خلال تسليمه مهام منصبه، أن المخابرات الإسرائيلية نجحت في تحقيق اختراقات عديدة في مصر سياسيا واقتصاديا وأمنيا وعسكريا، ما حقيقة ذلك؟

 

أظرف تعليق يمكن أن يقال ويستخدمه الإخوة في سوريا ولبنان أن هذا «طق حنك»، بمعنى أنه كلام مرسل، وليس له أساس من الصحة حيث أن أجهزة الأمن المصرية تعلم جيدا نوايا إسرائيل تجاه مصر، واستمرار محاولتهم في الحصول على معلومات وبالتالي يقفون لهم بالمرصاد، وأكبر دليل على ذلك، هذا العدد الهائل من قضايا التجسس الإسرائيلية التي تم الكشف عنها والقبض على أفرادها، والتي قدمت لمحاكم أمن الدولة العليا في مصر.

 

تحدثتم عن أن إسرائيل مستمرة في محاولات الحصول على معلومات من وعن مصر، فهل هذا هو النشاط الاستخباراتي الإسرائيلي الوحيد في مصر؟

 

إسرائيل تريد وترغب في استمرار الحصول على معلومات خاصة عن الدول الحدودية، كما أن بعض الدول العربية لم تسلم من الأنشطة الاستخباراتية الإسرائيلية، ومنها مقتل عماد مغنية في سوريا، ومحمود المبحوح في دبي، وبالتالي فلا توجد حدود جغرافية لأنشطة العمل المخابراتي الإسرائيلي خاصة في المنطقة العربية.

 

وفيما يتعلق بمصر، فحتى الأن لم تقم المخابرات الإسرائيلية بأعمال خلاف محاولات الحصول على المعلومات، حيث لم تستطع أن تقوم بعمليات تخريبية أو اغتيال.

 

ولماذا تستهدف المخابرات الإسرائيلية مصر على وجه الخصوص، وتعتبرها ملعبها الأكبر والأساسي؟

 

إسرائيل تعلم أن مصر هي القوى الأساسية التي تهدد الكيان الإسرائيلي لعدة عوامل منها على سبيل المثال الحدود المشتركة، والتعداد السكاني الهائل الذي يفوق إسرائيل بعشرات المرات، إضافة إلى القوة العسكرية المصرية التي تعاملت مع إسرائيل في عام 1973 وذاقت مرارة الهزيمة التي لاتزال إسرائيل تتذكرها جيدا، وتعلم أنه يمكن تكرار هذا الانتصار مرة أخرى معها، ومن هنا تستهدف إسرائيل مصر بصرف النظر عن اتفاقية السلام الموقعة، وهذا الاستهداف لن يكون في الوقت الراهن فحسب، وإنما ستظل إسرائيل تضع مصر كهدف رئيسي لها وتستهدفها في كافة المجالات.

 

من المعروف في عالم المخابرات أنه رغم الصراعات الاستخباراتية، إلا أن هذا لا يمنع من وجود تعاون وعلى نطاق واسع بين تلك الأجهزة، فهل هناك تعاون بين المخابرات المصرية والإسرائيلية؟

 

أؤكد لك أنه لا يوجد على الإطلاق أي شكل من أشكال التعاون الأمني بين الأجهزة الأمنية المصرية والإسرائيلية، وعلى حد علمي أنه لن يكون هناك أي تعاون في المستقبل حيث لا توجد أي نية لذلك، وعلى العكس تماما فهناك تعاون أمني كبير بين الأجهزة الأمنية المصرية والعربية خاصة في مجالي مقاومة الإرهاب الدولي، والأنشطة الإسرائيلية المختلفة وليس فقط أعمال التجسس الإسرائيلي.

 

هل اختلفت أعمال وأنماط عمليات التجسس وتجنيد الجواسيس والعملاء الآن عما كان متعارف عليه من قبل؟

 

مع التطور التكنولوجي في مجال الاتصالات حدث تقادم لبعض الأساليب السابقة في تجنيد وتشغيل العملاء، منها على سبيل المثال، استخدام الحبر السري الذي كان شائعا خلال العقود السابقة، والذي اندثر حاليا نتيجة تواجد أساليب اتصال أخرى حديثة منها المحمول، وأجهزة الحاسبات المشفرة بشفرات خاصة مثل التي أعطيت للمتهم طارق عبد الرازق حسن في قضية التجسس الأخيرة على مصر.