خبر سنة الحقيقة.. هآرتس

الساعة 09:22 ص|31 ديسمبر 2010

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: سقط هذه السنة القناع عن الوجه القبيح لاسرائيل ومجتمعها فربما يكون هذا باعثا على التغيير عند اولئك الذين ما زالوا في غفلتهم - المصدر).

كانت هذه (ايضا) سنة خير: سنة الحقيقة. كانت السنة التي ستُختم الليلة بقبلة سنة نهاية حفل الأقنعة الاسرائيلي، وسنة تمزيق ألبسة التنكر واخراج الحقيقة للنور. كُشف الوجه من الداخل الى الخارج. هذه هي السنة التي خرجنا فيها نهائيا من الخزانة فلم تعد ثمة أحاديث حلوة فارغة عن العدل والمساواة، ولا أحاديث فصيحة جوفاء عن السلام والدولتين، في هذه السنة سُمعت الحقيقة على رؤوس الأشهاد تدوي من أقصى البلاد الى أقصاها مقلقة تثير الكآبة.

لم يعد أحد يتحدث عن السلام وقد أدخلنا "مسيرة السلام" هذا العام بين هلالين للسخرية منها وجعلها سخيفة كما تستحق. لم يبق من السلام في هذه السنة سوى ميتشيل. ولم يبق شيء ايضا من رؤيا الدولتين لرئيس الحكومة وأكثر الجمهور في استطلاعات الرأي: فقد قالت حكومة اسرائيل في هذه السنة "لا" حتى للتجميد المؤقت في المستوطنات، وسكت الاسرائيليون. لن يستطيع أحد بعد سنة الحقيقة هذه أن يزعم في جدية أن اسرائيل متجهة الى السلام مع الفلسطينيين حتى ولا مع السوريين الذين تكلموا بالسلام وعادوا خائبين. جميع التعّلات فرغت من المضمون: فقد وقف الارهاب الفلسطيني ويوجد نصف شريك على الأقل معتدل لا مثيل له ونحن سادرون مع كل ذلك. ستصرخ الحقيقة من الجدار وهي ان الاسرائيليين لا يريدون السلام حقا. انهم يفضلون العقارات.

مزقت الاقنعة ايضا عن وجه المجتمع الاسرائيلي في الداخل. فمظهر المجتمع المتسامح والديمقراطي ومجتمع التساوي استُبدل به بمرة واحدة صورة حقيقية أصيلة، قومية وعنصرية على نحو مخيف. فقد صرخ الحاخامون والحاخامات ورؤساء البلديات والمُشرعون في جوقة سيئة الانشاد لا للعرب ولا للاجانب.

في السنين التي سبقت سنة الحقيقة هذه أخرجوا العنصريين خارج القانون؛ وفي سنة الحقيقة هذه قلنا بلا استحياء ان كهانا كان على حق. ان نصف الاسرائيليين تقريبا يعارضون ايجار العرب الشقق؛ وأكثر من نصفهم يؤيدون قانون الولاء؛ وتنضم حاخامات الى أزواجهن ويدعون بنات اسرائيل التقيات ألا يخرجن مع العرب؛ ويدعو عضو كنيست الى اطلاق النار على رؤوس مهربي "المتسللين"، كما سمّينا هذه السنة مهاجري العمل ولاجئي الحرب؛ ويتهم زميله الروس بعادات شرب الاسرائيليين؛ وثم اقتراح قانون طرد الاجانب الذين يزورون اسرائيل؛ ولا يسمح مدير ثانوية في يافا لتلاميذه بالتكلم بالعربية؛ وسُجن نشيط يقاوم الاحتلال بسبب مظاهرة دراجات نارية، وسجن نشيط حقوق البدو فترة أطول بسبب مرأب غير قانوني – وهذه جملة أنباء يوم واحد في حياة دولة في أواخر سنتها اللعينة هذه كما صُفعت بها وجوهنا خلالها بالضبط.

الغريب ينشر الامراض والجريمة، والطالب الجامعي العربي يريد أن يرثنا، بثمن استئجار شقة من غرفتين واتجاه هواء واحد. حملات تخويف وبث رعب من الاجنبي والآخر لا تُخزي أي مجتمع ظلامي من الماضي، ومظاهرات قبيحة على اللاجئين والعرب بتشجيع جزء من المؤسسة وسكوت جزئها الآخر في حين يرتفع منها جميعا نشيد التكبر والقومية.

كانت هذه ايضا سنة افيغدور ليبرمان. لم يعد ذئبا في إهاب كبش، بل اصبح أزعر الحي الذي لا يحسب حسابا لأحد. إن محاولة تحسين العلاقات بتركيا تُقابَل بضربة هراوة على الرأس. ومحاولة الحفاظ على وهم ان وجهنا نحو السلام تُقابَل بلكمة في الوجه. وبدل خطب السلام التي لا نهاية لها لشمعون بيرس تلقينا هذه السنة بصقات وزير الخارجية على العالم بأكمله. ليس كهانا وحده على حق بل ليبرمان ايضا. فهو يتكلم بالحقيقة، حقيقة اسرائيل.

لا يوجد ما يشبه ضوء الشمس في التعقيم. لهذا كانت هذه سنة جيدة نسبيا. قد يكون طوفان قبائح النفس القومية الظلامية خاصة التي كانت خفيّة غامضة لسنين هي التي تثير في نهاية الامر الشعب النائم كي يعمل. وربما بعد هذه السنة التي لن نستطيع بسببها ان نمشي مع ونشعر دون، تتنبه من سباتها الأقلية التي تعتقد اعتقادا مخالفا. ربما والنار قد أخذت تُحرق ما حول كل واحد منا ندرك ان ليس هذا هو المجتمع الذي نريد أن نحيا فيه. وقد يدرك العالم ايضا عمَ يتم الحديث.

هذه الليلة في منتصفها عندما تسيل الشمبانيا كالماء وتُلصق القُبل الفرنسية بشفاه أحبابنا، ربما نبدأ فهم ان السنة القادمة ستكون مصيرية. ستكون آخر سنة نستطيع فيها انقاذ شيء ما. اذا وقعت المعجزة وسيحدث هذا فسنشكر السنة المنصرمة، سنة حقيقة اسرائيل.