خبر لا بديل عن واشنطن.. هآرتس

الساعة 09:21 ص|31 ديسمبر 2010

بقلم: عاموس هرئيل

(المضمون: يجب على نتنياهو والقيادة الاسرائيلية ان يحسبوا لامريكا حسابها دائما وأن يُقدّروها، وان تعلق اسرائيل بامريكا ومساعدتها هو تعلق كبير حاسم - المصدر).

قبل سنتين، في اليوم الثامن لعملية "الرصاص المصبوب" في قطاع غزة، تعرّف الجيش الاسرائيلي متأخرا نقصا حادا من واحد من أنواع الذخيرة التي يملكها. توجهت اسرائيل الى الولايات المتحدة طالبة المساعدة على عجل في إكمال هذا النقص الذي حدث. أخر الامريكيون الذين يبدو انهم لم يتحمسوا لبدء المرحلة البرية من العملية قبل دخول رئيس جديد البيت الابيض بلحظة، أخروا جوابهم 24 ساعة. مرت على هيئة القيادة العامة عدة لحظات مقلقة حتى تلقي موافقة واشنطن. افترضوا في الجيش الاسرائيلي بعد ذلك ان هذا كان ابراز عضلات مقصودا من الولايات المتحدة. إن "الرصاص المصبوب"، مقارنة بسيناريوهات حرب شاملة في المستقبل هي حكاية بسيطة نسبيا. يتمتع الجيش الاسرائيلي بتفوق مطلق على حماس وكان تهديد الجبهة الداخلية الاسرائيلية من غزة محدودا في السعة والقوة. لكن التعلق الاسرائيلي بالولايات المتحدة في المجال السياسي والاقتصادي ولا سيما الأمني عظيم. فهو يمتد فوق سلسلة طويلة من القضايا: المعدات العسكرية التي يملكها الامريكيون في مخازن طارئة في البلاد، والتزويد بطائرات "اف 35"، والدعم في مجلس الأمن في اجراءات مثل الضغط بتقرير غولدستون والعقوبات الدولية على ايران.

التعلق بالولايات المتحدة مُضاءل على نحو عام في الخطاب العام الاسرائيلي لكن الرأي العام هنا غير ساذج. فسابقة ازمة الضمانات مع ادارة بوش الاولى التي أسهمت في هزيمة اسحق شمير في انتخابات 1992 ما تزال مذكورة جيدا. تبين هذا الاسبوع ان مساعدة امريكية مضمونة مقدارها 205 ملايين دولار لشراء نظم تثبيط اخرى من طراز "القبة الحديدية" يتم تعويقها بسبب اختلاف داخلي في مجلس النواب الامريكي. تتوقع اسرائيل هذا العام من الادارة ان تفي بالتزاماتها وان تزيد المساعدة الامنية السنوية لتصبح ثلاثة مليارات دولار، وهذا رقم قياسي لجميع الأزمان، في حين ما زالت مترددة هل تقتطع من نفقات الأمن في ميزانيتها.

زالت مبادرة اوباما لاطالة التجميد في المستوطنات عن جدول العمل السياسي بسبب ادارة فظة من قبل الادارة الامريكية وتكتيكات التسويف التي استعملها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. قد يكون ما يلي ذلك اسوأ. إن دعوة صاحب العمود الصحفي توماس فريدمان الى وقف تزويد الاسرائيليين بـ "الكراك" يُعبر عن موقف يصبح ذا قوة في واشنطن. يستطيع الامريكيون ان يُديروا كتفا باردا لاسرائيل بألف طريقة وطريقة في حين يدفعون تملق التزامهم أمنها.

إن الفراغ السياسي الذي نشأ في المنطقة مؤخرا ستملؤه في القريب اجراءات قد تكون اشكالية بالنسبة لاسرائيل: مثل محاولة لتوسيع القطيعة من قبل مستهلكين واتحادات مهنية في اوروبا، وزيادة حدة حملة سلب الشرعية، وتأييد دولي متسع لاعلان استقلال فلسطيني في صيف 2011. سيصعب على اسرائيل في حين يُجدد البناء في المستوطنات بكامل قوته ان تحصل على تفهم دولي لمواقفها. وكذلك يعلم قادة السلطة الفلسطينية التعقيدات الكامنة في اعلان من جانب واحد لكن ربما يصعب عليهم ان يوقفوا كرة الثلج التي بدأوا يدحرجونها هم انفسهم. في الربيع القادم قد يجد نتنياهو نفسه يدور على أبواب الادارة في جهد متأخر لتجنيد واشنطن من اجل احباط المبادرة الفلسطينية.

أسرع منتقدو نتنياهو من اليسار الى وصف رجوعه عن استمرار التجميد بأنه برهان ساطع على ان رئيس الحكومة يكذب في جميع الاتجاهات طوال الوقت. لكن نتنياهو ليس وغدا. فمشكلته مختلفة، فهو عندما يعتقد انه يوجد اجراء ضروري (مثل الاعتراف بحل الدولتين) ينظر طول الوقت الى البديل. يُخيل الينا انه حتى عندما يشخص رئيس الحكومة في نهاية الاسبوع من القدس الى بيته في قيسارية فانه يجب عليه ان يقف في الطريق في باب الواد كي يتبين مهب الريح.

في الوقت الذي يكون فيه نتنياهو متردد جدا في المسار الفلسطيني يكون كثير التصميم فيما يتعلق بالتهديد الايراني. فمساعدوه يصفون شخصا مملوءا بالتصميم على ازالة الخطر الجديد الذي يغشى الشعب اليهودي. هذا اخلاص يستحق الاجلال، لكن يُستحسن ان يتذكر نتنياهو في هذا السياق ايضا أهمية الولايات المتحدة. إن اعتقاد ان اسرائيل ستبعث في المستقبل الطائرات ويكتفي الامريكيون بالهتاف والتأييد، داحض من أساسه.