خبر انتهازي وكذاب.. معاريف

الساعة 09:21 ص|31 ديسمبر 2010

بقلم: شالوم يروشالمي

(المضمون: الرئيس السابق نزعت عنه في المحكمة كل ادعاءاته، وانهارت كل الشهادات التي تقدم بها كبرج ورقي متهالك وقصص دفع الحجة دحضت وانهارت. وتقرر أنه مغتصب مواظب - المصدر).

بوعز قصاب، الابن الاصولي لموشيه قصاب، وصل امس الى المحكمة المركزية وهو يحمل كتاب "أضواء" للحاخام ابراهام اسحق هكوهن كوك. قصاب الشاب جلس في الصف الثاني وتابع فصل يسمى "محبة اسرائيل". مرت ساعة ونصف الساعة الى ان تبين انه في القاعة 606 في المحكمة لا يوجد الكثير من الضوء، بل ظلام دامس، ولا توجد محبة اسرائيل بل افعال اغتصاب، افعال شائنة وتحرشات جنسية ببنات اسرائيل الى جانب تشويش الاجراءات القضائية. عنها جميعها مسؤول موشيه قصاب، ابو بوعز، فخامة الرئيس الثامن لدولة اسرائيل، من سمح بوصفه منذ الان كمجرم خطير، حتى خروجه من البلاد محظور. لو كان الحديث يدور عن شخص آخر، لاعتقال على الفور.

القاضي جورج قارة، مزق لقصاب الوجه. فقد تلا قرار المحكمة بهدوء وبتأني، وبدا عليه أنه يعاني من التقزز في ضوء الاوصاف القاسية التي اضطر الى نثرها في المحكمة. قارة والقاضيتان مريم سكولوف ويهوديت شيفح صاغوا وثيقة مفصلة ومعللة. الرئيس السابق نزع عنه الواحد تلو الاخر كل مزاعمه، والشهادات التي جلبها انهارت كبرج ورقي متهاوٍ، وقصص حجة الغيبة خاصته دحضت الى أن في النهاية بقي عاريا مكشوف العورة. مغتصب مثابر ولكن ايضا رجل انتهازي وكذاب، مناور وخداع، باللهجة الفظة للمحكمة.

قصاب جاء الى قاعة المحكمة بالضبط في الساعة التاسعة صباحا. وقف هناك مع أخيه وابنائه، واستعرض من هناك صفوف الحاضرين مثلما في الطابور العسكري في مقر الرئيس. في هذه الدقائق كان لا يزال يبدو واثقا بنفسه، لعله اعتقد بانه سيخرج من كل هذه القضية بسلام، رغم أنه لم يكن لديه أي احتمال، ومحاموه عرفوا ذلك جيدا.

في السياق رد بألم كبير على الضربات المتواصلة التي وجهتها له المحكمة. ادانة وادانة اخرى وادانة اخرى. ابتسامة مريرة ارتسمت على وجهه الشاحب، الرأس التصق بالحائط الخشبي خلفه، نظرته علقت لفترات طويلة على المدعيين نسيم مروم ورونيت عميئيل. "ماذا فعلتما لي"، سألهما دون كلمات. السؤال الحقيقي هو ما الذي فعله هو بنفسه؟

***

لسنوات طويلة جدا وأنا اتابع موشيه قصاب. على طول هذه الفترة توجهت اليّ شابات عملن معه وهن تحملن قصص فظيعة، تحصل في مكتبه. وأتذكر الان حديثا كان لي مع "ع" في 1981، عندما كان قصاب نائب وزير البناء والاسكان لدى دافيد ليفي. وأنا استعيد ذكرى لقاءاتي ايضا مع "أ" من وزارة المواصلات و "أ" من وزارة السياحة. مع احداهن جلست في مطعم موردخ في محنيه يهودا في القدس في شتاء 1990. وروت لي عن تنكيلات قصاب بعد أن رفضت اقامة علاقات جنسية معه، عن الاهانات، عن المس بمكانتها وكيف أنه شطبها من الجولات. "أ" اياها لم ترغب في كشف الامور، وأنا بقيت بيدين مقيدتين. يحتمل أنه كان ينبغي لي أن أتصرف بشكل مغاير ولعلي في حينه كنت سأنقذ "أ" من وزارة السياحة من فعلي اغتصاب.

الرئيس الثامن لدولة اسرائيل كان حسب قرار المحكمة نوعا من رجل المافيا، وعليه يمكن أن نفهم الشابات اللواتي كن ستسرن مع حقيقتهن الى القبر، لولا "أ" الشجاعة من مقر الرئيس، التي فجرت كل شيء ولم تدخل في النهاية في لائحة الاتهام.

قصاب شغل حوله مجموعة من القوادين، المغرين ومنظفي القمامة. أحدهم كان اوري يوئيلي، الرجل الذي اقنع "أ" من وزارة السياحة بان تكتب لقصاب رسالة حب، ظاهرا، والتي سيستخدمها فخامته في وقت لاحق. هذه الرسالة برأيي كانت جوهر الملف المعقد هذا. في اللحظة التي تبين بان شابة قادرة في أوقات الضائقة على أن تكتب تهنئة سنة طيبة لرجل اغتصبها، لم تتبقى أي ذخيرة في الجعبة الفارغة لموشيه قصاب وفريق الدفاع.

تحدثت أمس مع "أ" من وزارة السياحة، التي لا بد ستصبح رمزا لكل الشابات اللواتي وقعن ضحية لاعتداء جنسي على اجيالهن. وقد طلبت الا أنشر مضمون الحديث. شعرت أنها تشعر بان القصة انتهت من ناحيتها على أفضل شكل ممكن. كابوس استمر عشر سنوات انتهى.

"أ" عانت من قصاب ورجاله لسنوات بعد الاغتصاب.  في أثناء تحقيقات الشرطة لاحقوها، تجسسوا على أعمالها، حاولوا التشكيك فيها ونشروا عنها أكاذيب فظة. وقد أدانت المحكمة أمس هذه الافعال وقررت بان "أ" من وزارة السياحة هي إمرأة مصداقة، ساذجة وبريئة في خلاف تام مع قصاب. برأيي سترفع في النهاية ضد قصاب دعوى مدنية، كي يعوضها عن الظلم الفظيع الذي أحاقه بها وبعائلتها.

***

من الصعب الا نشفق على محامي قصاب. فقد تلقوا زبونا صعبا وحققوا له صفقة قضائية رائعة. في نظرة الى الوراء من الصعب أن نفهم كيف وافق على مثل هذه الصفقة المستشار القانوني السابق، ميني مزوز، الذي بدونه ما كان لشيء ان يحصل. افتراضي هو أن قصاب رفض الصفقة القضائية لان الاعتراف كان سيمنع عنه ميزانيات الدولة بقيمة ملايين الشواكل. وفي السياق ورط قصاب محاميه مثلما قررت المحكمة، مع خطوط دفاعية يتعارض الواحد مع الاخر. مرة لم يلتقِ المشتكيات في ظروف حميمية ومرة اخرى كانت قصة غرام بالتوافق. "القانون الجنائي ليس لعبة"، اقتبس القاضي قارة بغضب رئيس المحكمة العليا السابق اهارون باراك.

أمام محامي العشرية العليا لقصاب وقف محامو مروم وعميئيل من النيابة العامة لتل أبيب. يجب أن نرى كي نصدق في أي ظروف عمل الرجلان في الغرفة الضيقة التي خصصت لهما في بيت هدار دفنة، المجاور للمحكمة. توجد هناك أكوام من الكراتين في الرواق. ملفات ملقى بها من عهد قضية غاد هراري وقضية رميديا، ميزانية قهوة صغيرة وجرات مياه توقفت عن الامتلاء. وكلاهما أخذا الملف من وضع صفر، بعد أن استعملتها الصفقة القضائية والمحكمة العليا. وأنا أعرف انهما لم يؤمنا بادانة على هذا القدر من الشمول.

أمس قلت لعميئيل ان قرار المحكمة هو انتصار للمحامين في خدمة الدولة على ايلان لفين، المسؤول عن الاجور في المالية، الذي يقبض امامهم يده. "فكرت بالضبط في ذلك"، قالت.

* * *

في اذار 2009  عقد موشيه قصاب مؤتمرا صحفيا في كريات ملاخي. في أثناء الحدث اقتبس عن مقال كتبته في صفحة الرأي في "معاريف" قبل بضع سنوات، وهناك طلبت من أقسام الشرطة بان تحقق رغم ذلك في ما يجري في المكاتب وفي الغرف المغلقة للوزير قصاب الذي أصبح رئيسا. قصاب دعا ذلك بانه "مكارثية". وأنا آسف اليوم فقط على أن اقتراحي للشرطة لم يقبل. في المؤتمر الصحفي اياه كذب قصاب على المكشوف في مواضيع اخرى تتعلق بي. وعندما ثرنا على ما قاله طردنا صديقي رينو تسرور وأنا من القاعة. قصاب بقي هناك ثلاث ساعات اخرى كي يطرح الادعاءات البائسة خاصته. ربما في السجن، حيث سيجلس على ما يبدو لسنوات طويلة، يمكنه أن يجري تعديلا.