خبر واحد منهم -هآرتس

الساعة 09:48 ص|30 ديسمبر 2010

واحد منهم -هآرتس

بقلم: آري شبيط

 (المضمون: اذا لم يرفع المستشار القانوني للحكومة لائحة اتهام في قضية ليبرمان بان طريق ايفات الى الحكم سيكون مفتوحا - المصدر).

        قبل سنة ونصف زار وزير الخارجية افيغدور ليبرمان موسكو والتقى بالرئيس مدفديف، رئيس الوزراء بوتين ووزير الخارجية لافروف. وجرت المحادثات بالروسية، وسادتها حميمية عميقة وعنيت ضمن امور اخرى بالانتقاد اللاذع على الولايات المتحدة. وكونها كذلك فقد أثارت اهتماما في السفارة الامريكية في المدينة. وحسب ويكيليكس، في برقية سرية نقلتها الى واشنطن المفوضة اليس والس في 2 حزيران 2009 قضت بان كبار رجالات الحكم الروسي يرون في ليبرمان واحدا منهم.

        ليس صعبا وصف ما كان سيحصل في البلاد، لو تبين أن الروس او الصينيين او الفرنسيين يرون في بنيامين نتنياهو أو في ايهود اولمرت او في ايهود باراك واحدا منهم. ولكن كشف ويكيليكس لم يترك في اسرائيل أي أثر. لا عناوين رئيسة، لا تحقيقات صحفية تواصل الحدث، ولا مقالات افتتاحية. وكما اننا لا نعرف شيئا عن الحياة الشرق اوروبية لوزير الخارجية قبل ويكيليكس، فاننا لا نعرف عنها شيئا اليوم ايضا. الرجل القوي في السياسة الاسرائيلية كان لغزا ويبقى لغزا.

        ويكيليكس ليس وحده. في احاديث مغلقة جدا، بصوت هامس جدا، يتحدث مسؤولون اسرائيليون كبار كثيرون معبرين عن تخوفهم من ليبرمان. فقد قال احد المسؤولين ان ليس لديه فكرة من هو ايفات. مسؤول آخر قال انه حتى بعد سنوات من العمل المشترك ليس لديه فكرة عما يحرك ايفات، ما هي اعتباراته ومع من يعمل. مسؤول ثالث قال انه لم يفاجأ في شيء بالنسبة لايفات، ولكن ايا من هؤلاء المسؤولين لا يشارك الجمهور بمخاوفه. ولا يحذر أي زعيم مركزي من التيار الاسرائيلي المركزي من ليبرمان. نتنياهو يخاف منه. تسيبي لفني تعول عليه. باراك يصمت. وبشكل غريب، السياسة الاسرائيلية تعمل من أجل وزير الخارجية الاغرب الذي تسلم هنا هذا المنصب في أي وقت مضى.

        ليبرمان يمكنه حقا أن يشعر في الكرملين كواحد منهم. مفهومه الفكري هو المفهوم الفكري لبوتين. مبناه القيمي هو المبنى القيمي لبوتين. ليبرمان ديمقراطي كبوتين ومتنور كبوتين وحساس كبوتين. فقط في شيء واحد يختلفان: الجدية. بوتين، بطريقته، هو زعيم جدي. خدم وطنه، عززه واعاد له مكانة القوة العظمى الدولية. بالمقابل، فان ليبرمان هو شخصية غير جدية. يخرب على وطنه، يضعفه ويجعله نكتة دولية. ليبرمان ليس بوتين، بل كاريكاتير لبوتين. بعقل صافٍ وبتهكم يمس بالمصالح الاكثر حيوية لدولة اسرائيل.

        الصورة الجماهيرية لليبرمان هي صورة الوطني العظيم. اما الحقيقة فهي أن ليبرمان ليس وطنيا. فلو كان وطنيا لما كان ضعضع الحكم، شق المجتمع وعرض للخطر التحالف مع الولايات المتحدة. لو كان وطنيا لما أثار الشقاق في الداخل وعمق العزلة عن الخارج. لو كان وطنيا ما كان يجعل الدولة والحكومة اللتين يلتزم بالولاء لهما خرقة بالية. دون ولاء لا زعامة، كما هو معروف. ولكن ليبرمان يحاول أن يبني زعامة في ظل عدم الولاء الظاهر لصالح الدولة التي يفترض أن يخدمها.

        لو كان ليبرمان وزيرا في حكومة بوتين، لكف منذ زمن بعيد عن أن يكون وزيرا. لو كان وزير الخارجية الروسي يحقر روسيا مثلما يحقر وزير الخارجية الاسرائيلي اسرائيل، لكان ارسل منذ زمن بعيد الى المنفى. فالدول الجدية مثل روسيا لا توافق على أن يلحق اناس غير جديين كليبرمان ضررا جديا بها. ولكن اسرائيل هي دولة غير جدية. ولهذا فان نتنياهو لا يقيل ليبرمان، ولهذا فان لفني لا تقاطع ليبرمان. ولهذا فان باراك يصمت. الزعامة الوطنية كلها تسلم بظاهرة ليبرمان وتجعله تهديدا حقيقيا.

        فهل سينزع يهودا فينشتاين التهديد؟ محتمل. ولكن اذا لم يرفع المستشار القانوني للحكومة لائحة اتهام في قضية ليبرمان بان طريق ايفات الى الحكم سيكون مفتوحا. في البداية سيبتلع نتنياهو، وبعد ذلك سيذيب لفني وبعد ذلك سيكون رئيس الوزراء. بقيادة ليبرمان وبالهام من بوتين ستكون اسرائيل بالفعل دولة اخرى. دولة خاصة بهم.