خبر القمقم الكهربائي- هآرتس

الساعة 09:47 ص|30 ديسمبر 2010

القمقم الكهربائي- هآرتس

بقلم: شاؤول ارئيلي

(المضمون: أمام نتنياهو يوجد بديلان فقط، اتفاق دائم أو في غيابه انسحاب من جانب واحد الى خط الجدار المخطط له. وعليه فانه يتعين على الجمهور ان يطلب من نتنياهو الكشف عن مساحة التوافق الممكنة القائمة في ارضية هذا القمقم منذ عقد من الزمن ووضعه امام عباس كي يحسم مسألة الشريك لحل النزاع - المصدر).

        مثل القمقم الكهربائي، فان السياس الاسرائيلية تجاه النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني في العقود الماضية سخنت وبردت في جملة محاولات حقيقية ووهمية بتحقيق اتفاق، كان يعوزها الاستعداد لدفع شارة الثمن التي حددتها الامم المتحدة، الولايات المتحدة، الجامعة العربية وم.ت.ف . وعلى طريقة كل قمقم، فان التوقعات غير الحقيقية خلفت وراءها في وعي الجمهور الاسرائيلي رواسب كلسية من "جربنا كل شيء". هذه الرواسب يستخدمها بنيامين نتنياهو كي يخفي عن ناظر الجمهور مساحة التوافق التي رغم ذلك تبلورت في قعره، مثلما عرضها هذا الاسبوع في المقاطعة محمود عباس أمام ممثلي معظم الاحزاب الاسرائيلية، ممن دعاهم الى المكان جماعة مبادرة جنيف.

        في أساس الاتفاقات الانتقالية في مسيرة اوسلو قبع الافتراض بانه من خلال "ثمار السلام" وتنازلات تدريجية سيبنى واقع مؤيد لتحقيق التسوية الدائمة. هشاشة الاتفاقات في ضوء العنف على اشكاله من جانب معارضي الاتفاق في الطرفين، ادت بايهود باراك الى أن يفهم بانه "لن يكون ممكنا اجتياز هوة بقفزتين". وعليه فقد جر ياسر عرفات وبل كلينتون الى كامب ديفيد. ولكن فشل باراك وكلينتون في عرض الحد الادنى اللازم لعرفات ومحاولات عرفات "الركب على ظهر النمر" للانتفاضة الثانية سلبت المسيرة ومجدت النهج احادي الجانب.

        الوهم، في أنه مقابل الانسحاب من غزة سيسوغ الامريكيون عشرين في المائة من الضفة حاول ارئيل شارون ضمها من خلال جدار الفصل، تبدد مع سيطرة حماس على غزة والضغط الدولي، الذي ترك بالذات غوش عصيون ومعاليه ادوميم خارج الجدار المبني.  ايهود اولمرت عاد الى مسار الحوار وقطع فيه شوطا اضافيا في انابوليس. ولكن اولمرت لم ينجح، قبل أن يجبر على الاستقالة، من الاقتراب في اقتراحاته الى الحافة اللازمة لعباس كي يبيعها كتفسير معقول للقرارات الدولية والعربية التي يسير عليها. ولكنه على الاقل سمح لعباس وسلام فياض بتنفيذ اصلاحات امنية واقتصادية استكملت الالتزامات الفلسطينية في المرحلة الاولى من خريطة الطريق ووضعت مرة اخرى مسألة التسوية الدائمة امام نتنياهو.

        في ظل اعتراف نتنياهو الذي نزع منع بمبدأ الدولتين للشعبين، فانه يقترح اقامة دولة فلسطينية على جزء من اراضي الضفة، وذلك كي ينزع عبء الاحتلال عن اسرائيل، دون أن يمس بالمسائل الاخرى. ولكن هكذا، مثل خطة فك الارتباط، يخدم نتنياهو مصلحة حماس التي تسعى الى تحرير قطعة أرض اضافية من "فلسطين" دون مقابل. وعليه فينبغي العودة لتذكير رئيس الوزراء باننا معنيون بانهاء النزاع، وليس الاحتلال فقط.

        اسرائيل والفلسطينيون لم يبدأوا في الحوار لان واحدا "اكتشف" حقوق الاخر، بل لانهم فهموا بان لا مفر. اسرائيل خافت من فقدان هويتها اليهودية ونظامها الديمقراطي، والفلسطينيون خافوا من فقدان الارض في صالح المشروع الاستيطاني. في العقد الاخير تعلمنا بان خطوة احادية الجانب او تسوية انتقالية لا تقدمنا الى الامام بل تعزز في اوساط معارضي الاتفاق في الطرفين الوهم في أن الزمن "الذي كسبوه" سيسمح لهم باخضاع الطرف الاخر. أمام نتنياهو يوجد بديلان فقط، اتفاق دائم أو في غيابه انسحاب من جانب واحد الى خط الجدار المخطط له. وعليه فانه يتعين على الجمهور ان يطلب من نتنياهو الكشف عن مساحة التوافق الممكنة القائمة في ارضية هذا القمقم منذ عقد من الزمن ووضعه امام عباس كي يحسم مسألة الشريك لحل النزاع.