خبر صواريخ قسامنا.. هآرتس

الساعة 09:36 ص|29 ديسمبر 2010

بقلم: عميره هاس

(المضمون: اسرائيل هي المسؤولة الحقيقية عن تصاعد العنف بين اسرائيل وقطاع غزة بفعل الحصار الطويل - المصدر).

لو أن شخصا ما في العالم قال ان اسرائيل دُمّل - لأحدثنا موجة احتجاجات ولحاضر باحثون في معاداة السامية عالِمون في معجم الكلمات من علم الجريمة وعلم الأحياء الدقيق الذي استعمله النازيون. لكن عندما يستعمل نائب وزير في اسرائيل وعضو حزب العمل استعارة طبية في حديثه عن غزة ("غزة هي دُمّل ، وصديد مشكل")، لا يهتاج أحد. فلنا يحل دائما ما يُحظر على الآخرين.

حذر نائب وزير الدفاع، متان فلنائي، ذات مرة الفلسطينيين "كارثة أكبر" يجلبونها على أنفسهم اذا استمروا على اطلاق صواريخ القسام. كان ذلك في شباط 2008 عشية هجوم "الشتاء الساخن" الذي قتل فيه الجيش الاسرائيلي 107 فلسطينيين أكثر من نصفهم مدنيون. وقُتل جنديان اسرائيليان.

لم يُفهم فلنائي آنذاك على وجه صحيح أو شوش كلامه على عمد وكأنه "وعد" أن تُحدث اسرائيل محرقة ("أكبر" من ماذا؟ أمن كارثة 1948؟) في غزة. وقد أعلن بانتقام اسرائيلي قريب، وألقى المسؤولية على الفلسطينيين. ومن غير أن يقصد، أظهر بلادة حس مميِّزة إزاء معنى الكلمات واستخفافا بتاريخ شعبنا.

بعد مرور سنتين بالضبط على بدء "الرصاص المصبوب" وهي هجوم احتجز مليون ونصف مليون من البشر بتفوق النار الاسرائيلية الواضح، اختار فلنائي أن يُعرّف القطاع بأنه دُمّل. ما الذي أراد أن يقول بحديثه أول أمس في المجلس الاقليمي اشكول؟ أأنه يجب الآن اتخاذ وسائل جراحية أكثر تطرفا للقضاء على التلوث المركز نهائيا؟ تحلل مرة اخرى من كل مسؤولية اسرائيلية عن تفجر الوضع وألقى المسؤولية كاملة على حماس. وقال "بدل أن تهتم حماس بناسها تحاول احتلال القدس".

لم يعتمد فلنائي على ذاكرة اسرائيلية قصيرة لانهم لا ينسون ما لا يريدون معرفته. لقد اعتمد على عدم اهتمام اسرائيلي مطلق بصواريخ قسامنا: أي اطلاق جنودنا كل يوم تقريبا النار على مواطنين من غزة واصابتهم وقتلهم احيانا وهم في الأساس مزارعون يحاولون فلاحة ارضهم، وصيادون مصدر رزقهم في البحر ومتعطلون وأبناؤهم ممن ينبشون أكوام الأنقاض لمستوطنات القطاع.

انه مثل مقنعي عز الدين القسام تماما يتحدث بمنطق "هم بدأوا ولهذا من حقنا أن نرد". لا تستطيع حماس أن تضمن حتى خروج الطلاب للدراسة واعادة بناء الأنقاض، لهذا عليها أن تتبجح بمستقبل أسطوري ما. إن قادة حماس لاحتياجات داخلية (ولتسويغ الدعم المالي الاسلامي) يزيفون تناسب الردع العسكري. ويأتي فلنائي ويستعمل هذا لاحداث واقع وهمي ليست فيه اسرائيل هي القوة المحتلة بل الضحية. كي يقول إن السبب الذي يجعل مواطني اسرائيل في الجنوب لا يشعرون بالأمن لا يتعلق بسياسة حكومته بل مصدره تلوث خارجي ما.

عندما كان فلنائي قائد المنطقة الجنوبية وقع في كانون الثاني 1991 على الأمر العسكري الذي تعتمد عليه السياسة الاسرائيلية المشحونة بالكارثة نحو غزة. كان هذا هو أمر الغاء رخصة الخروج العام التي بُذلت للفلسطينيين في بدء السبعينيات. وبعبرية بسيطة نقول إن هذا هو الأمر الذي سلب الفلسطينيين حقهم في حرية التنقل وأرسى نظام حظر الحركة ("حصار") الذي ساد بلا انقطاع حتى اليوم. زيادة على التدهور الاقتصادي والاضرار الصحي والبيئي الشديد الذي سببه الحصار ويسببه، فان الانقطاع عن سائر العالم ولا سيما المجتمع الفلسطيني في البلاد سد سبل التطور الثقافي والعلمي والاجتماعي في القطاع. ليس التلوث العنيد بل توقيع فلنائي هو الذي قضى على القطاع بأن يكون معسكر الاعتقال الأكبر والأكثر ازدحاما في العالم. ونحن الاسرائيليين سجّانوه.