خبر أبالعودة الى « سورية أولا »؟ يديعوت

الساعة 09:34 ص|29 ديسمبر 2010

بقلم: سيفر بلوتسكر

(المضمون: يؤيد الكاتب كثيرا اتفاقا مع سورية يخرجها من دائرة الصراع ويراه أمرا ملحا عظيم الاهمية لكنه يحتاج الى شجاعة وزعامة من نتنياهو وهما صفتان تعوزانه - المصدر).

        يحيا اليسار السياسي الاسرائيلي في وهم خالص. فمنذ كانت "خطبة بار ايلان" لرئيس الحكومة نتنياهو، التي اعترف فيها رسميا بما يسمى "حل الدولتين"، اقتنع ناس اليسار ان الجدل في المناطق والسلام قد حسم لمصلحتهم. أي أن البلاد كلها سلام الان إما علنا وإما بالخفاء.

        هذا خطأ. إن أكثر الاسرائيليين مستعدون حقا للتسليم لانشاء دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل، ولكن الدولة التي يقصدونها لا تختلف كثيرا عن السلطة الفلسطينية القائمة اليوم – لا جغرافيا ولا سياسيا ولا عسكريا. سلوا من فضلكم في استطلاعات الرأي كم من الاسرائيليين مستعدون لاجلاء 150 الى 200 الف مستوطن من يهودا والسامرة، وانسحاب الجيش الاسرائيلي من قواعد عسكرية في الغور، ونشر شرطة حدود فلسطينية بين قلقيلية وكفار سابا، وحدود جديدة في القدس وجعل المناطق ارضا غريبة تستوعب مئات الاف اللاجئين المسلحين من مخيمات في لبنان – وانظروا كيف تتضاءل نسب تأييد "حل الدولتين" في اتجاه عدد من خانة واحدة. ان الفرق بين ما يفهمه الجمهور الفلسطيني ويتصوره بمصطلح "دولة فلسطين" وبين ما يتصوره ويفهمه الجمهور الاسرائيلي في تعبير "دولة فلسطينية" شاسع. الاسم نفسه لكن المنتوجين مختلفان تمام الاختلاف.

        مع نصف مليون يهودي اسرائيلي يسكنون وراء حدود حزيران 1967، فان الاختلاف في المناطق فضلا عن أنه لم ينقضِ ولم يحسم لصالح اليسار السياسي، حسم لصالح حركة الاستيطان. هذه حركة ذات زخم مستمر وبعد قليل سيولد – اذا لم يكن قد ولد – الحفيد اليهودي الاول في كريات أربع. أدرك رئيس الحكومة ارئيل شارون ذلك عندما أجلى بالقوة بضعة الاف من المستوطنين عن قطاع غزة، وبيّن بذلك للرأي العام في البلاد وفي العالم الصعوبة العظيمة التي ستواجهها كل حكومة في اسرائيل اذا قررت وعندما تقرر مضاعفة حجم الانسحاب عشرين ضعفا. وآنذا أيضا لم يرضَ الفلسطينيون فهم يريدون دولتهم الصغيرة نقية من الاسرائيليين. ولا يأخذون في حسابهم اتفاقا مرحليا آخر.

        ان نتنياهو في بحثه عن اجراء يحطم الجمود قد يتجه الى المسار السوري. سورية أولا. حاول رؤساء حكومات في الماضي السير في الطريق الى دمشق لكن اعوزتهم شجاعة بلوغ منتهاها. وأعوزهم ايضا التأييد الشعبي. لم يؤثر في الاسرائيليين في الماضي الخطر السوري ورأوا الجولان أرضا هادئة آمنة فلماذا تعاد ولماذا تخلى؟ لن نفعل هذا مرة اخرى. ان أسلمة لبنان المتصاعدة، وحلف سورية مع ايران والمنشأة الذرية التي انشأتها غيرت النظرة. فاليوم من السهل ان نبين للرأي العام في البلاد الاهمية الاستراتيجية الحاسمة لاتفاق سلام مع سورية. لم تكن هضبة الجولان قط جزءا لا ينفصل عن فكرة أرض اسرائيل الكاملة، ولن يحمي جنود الجيش الاسرائيلي فوق قمة جبل الشيخ الدولة من صواريخ ايرانية و/ أو لبنانية.

        ان اتفاق سلام مع سورية يبدو مساويا كامل الثمن وفي ضمنه وصول سورية الى ما كان في الماضي قبل الجفاف ضفة بحيرة طبرية الشرقية. ولذلك يؤيد جهاز الامن اتفاق سلام كاملا مع سورية حتى عوض انسحاب كامل من الجولان. بل لا حاجة الى صياغة الاتفاق فنسخه غير الموقعة محفوظة في ديوان رئيس الحكومة. لم يوقع عليه ايهود باراك. وكان ايهود اولمرت مستعدا للتوقيع فماذا عن بيبي؟

        لست أعلم هل بدأ نتنياهو تحسسا واتصالات سرية بالادارة السورية. ولن يفاجأني ان يكون فعل. لان الامر ملح جدا وحاسم جدا لمستقبل اسرائيل ويلبي كثيرا تصور نتنياهو العام الذي يرى ايران الخطر الوجودي الرئيس على الدولة. والى ذلك سيخلي أكثر مستوطني الجولان بيوتهم في اطار اتفاق سلام بلا أي عنف. انهم ذوو شعور وطني.

        توجد فقط مشكلة واحدة كبيرة مع اجراء سياسي في الحاضر مع سورية. وهي أنها تحتاج الى زعامة وشجاعة وهما صفتان نقصهما بارز عن رئيس الحكومة نتنياهو.