خبر أيساكن المستوطنُ الفلسطينيَ- هآرتس

الساعة 09:40 ص|28 ديسمبر 2010

أيساكن المستوطنُ الفلسطينيَ- هآرتس

بقلم: نير حسون

(المضمون: يعوق نير بركات رئيس بلدية القدس اخلاء بيت يونتان ليبدو يمينيا فيحظى بأصوات اليمينيين من المتدينين القوميين فيفوز بولاية ثانية - المصدر).

        في قضية بيت يونتان المعقدة يثور سؤال واحد يجب على رئيس بلدية القدس نير بركات ان يجيب سكان مدينته عنه وهو: ما الفرق بين مستوطني بيت يونتان في قلب حي سلوان الفلسطيني وبين نواة من طلاب  علمانيين في قلب حي غيئولا الحريدي.

        عند بركات جواب يحتفظ به منذ ما قبل الانتخابات عن قضية تحول الاحياء العلمانية في القدس الى الحريدية وهو أن كل وسط محتاج الى احيائه. قال متحدث بركات قبل نحو من شهر لصحيفة "هآرتس" ان "سياسة البلدية هي أنه ينبغي تطوير كل وسط في حيه... عن جهد منع احتكاك لا داعي له بين السكان". فالخلط بين السكان الحريديين والعلمانيين كما يقول بركات ليس صحيحا بالنسبة للقدس.

        لكن الصحيح بالنسبة للعلمانيين والحريديين في غربي القدس أصح من ذلك بأضعاف عندما يكون الحديث عن مستوطنين وفلسطينيين في شرقيها. فبحسب كل مقياس – طاقة العنف الكامنة والكراهية المتبادلة والاحتياجات المختلفة – اذا كان من المراد الفصل بين الطلاب وسكان مئة شعاريم الحريديين، فبالحرى انه ينبغي الفصل بين عطيرت كوهانيم وسكان سلوان الفلسطينيين. لكن بركات يتخذ سياسة معاكسة في سلوان. فهو يحارب في السنين الاخيرة بما أوتي من قوة بل يدفع ثمنا عاما لمنع اخلاء بيت يونتان.

        قد لا يكون بركات خبيرا بما يجري في سلوان. وربما لا يسارع حراسه الى أخذه لزيارة الزقاق الضيق، المضروب بالحجارة والزجاجات الحارقة الذي يفضي الى بيت يونتان. لكنه يصعب من ميدان سفرا الا نرى ان وجود المستوطنين في بيت يونتان يسبب معاناة متصلة لالاف من سكان المدينة.

        ينحصر الاستيطان في سلوان في كتلتين: استيطان جمعية العاد قرب اسوار البلدة القديمة وجبل الهيكل، واستيطان عطيرت كوهانيم في قلب سلوان الذي يشتمل على بيت يونتان الذي تعيش فيه عشر عائلات، وعلى "بيت هدفاش" (بيت العسل) المجاور الذي تسكنه عائلة واحدة. الاحتكاك بين مستوطني القرية وحراسهم وبين الفلسطينيين ينشىء مواجهة بطبيعة الامر. فرمي الحجارة والزجاجات الحارقة أمر يومي بالنسبة للمستوطنين. واعمال الدهم الليلية من الشرطة وعشرات الاولاد المعتقلين والرائحة الدائمة للغاز المسيل للدموع نصيب الفلسطينيين.

        سيفضي اخراج بيت يونتان من المعادلة، في شبه يقين الى انهاء الاستيطان في قلب سلوان. وهكذا وبفعل واحد يقتضيه القانون ويستلزمه الواقع من الجهة السياسية والمنطقية ومن الجهة الانسانية ستقل معاناة سكان سلوان ويخرج الاف البشر من دائرة العنف. من كان يخشى ان يبحث الفلسطينيون عن مراكز احتكاك جديدة، يجب أن يسأل نفسه لماذا يعرف بصعوبة أسماء مثل السواحرة وبيت ساحور – وهما حيان فلسطينيان لا يعيش فيهما يهود ولا يوجد فيهما عنف في الاكثر.

        بقي سؤال لماذا يصر رئيس البلدية على الاستمرار على تسبيب معاناة لسكان مدينته؟ التفسير السياسي المقبول هو أن بركات أدرك ان الانتخابات القادمة في القدس سيفوز فيها من يفوز باصوات واضعي القبعات الدينية المنسوجة ومصوتي احزاب اليمين. يفترض بركات ان الحريديين لن يصوتوا له باية حال، وان العلمانيين سيصوتون له على كل حال، والمتدينون القوميون هم الذين سيحسمون الامر. لهذا يجب أن يبدو يمينيا كي يضمن لنفسه ولاية اخرى. لكنه حتى بحسب هذا المنطق البارد، في نقطة الزمن هذه – بعد ما لا يحصى من قرارات المحكمة وفي المحكمة العليا التي طلبت اخلاء المبنى وبعد عدد مشابه من رسائل التهديد من مستشارين قانونيين للحكومة – يستطيع بركات بسهولة أن يلقي الملف على "اليساريين" من وزارة العدل والمحكمة العليا.

        "حاربت مدة سنتين ونصف"، سيبين بركات لناخبيه، "وعوقت الاخلاء قدر استطاعتي لكنهم اجبروني". هذا كل ما يجب عليه ان يقوله أي الحقيقة. وبعد أن يقول عليه أن يأمر بالاخلاء بقلب ثقيل لكنه مسلم. وعندما يفعل هذا سنتخلى نحن سكان القدس عن الجواب.