خبر سلطة الخوف -هآرتس

الساعة 09:23 ص|27 ديسمبر 2010

سلطة الخوف -هآرتس

بقلم: عكيفا الدار

(المضمون: بدلا من التحذير من المخاطر الكامنة في استمرار النزاع، يحبذ نتنياهو تغذية الخوف البدائي من الاخر. وبدلا من التحذير من تعميق العزلة على اسرائيل فانه يعمق رعب الجمهور من المجهول. "الخائف يكره، والكاره يقتل"، قال الزعيم الجنوب افريقي الاسود نلسون مانديلا. نتنياهو يزرع الخوف، نحن نحصد الكراهية، واطفالنا يقتلون ويُقتلون  – المصدر). 

أي خوف! جموع اللاجئين السودانيين تهدد بالطوفان لاغراق انجازاتنا والمس بوجودنا كدولة يهودية وديمقراطية. أي خوف! أي خوف! ايران تهدد بابادتنا، والعالم مرة اخرى يقف جانبا. أي خوف! اذا ما خرجنا من "يهودا والسامرة"، ستطلق صواريخ على الطائرات في مطار بن غوريون. أي خوف! الفلسطينيون يرفضون الاعتراف باسرائيل بانها الدولة القومية للشعب اليهودي، وذلك من أجل اغراق دولة اسرائيل باللاجئين العرب ونزع أجزاء من الجليل والنقب. أي خوف! مجتثو اسرائيل شرعوا بهجوم لنزع الشرعية عن وجود الدولة اليهودية في حدود 1948.

هذا ملف سيناريوهات الرعب من مدرسة بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الاكثر اخافة في تاريخ اسرائيل. في يوم ما يشكو نتنياهو من الفلسطينيين الذين يرفضون الحديث معه عن نابلس والخليل، وفي الغداة يخيف الجمهور من أنهم يتآمرون على أن يأخذوا منذا كرمئيل وبئر السبع. في الصباح تلتقط الصور لنتنياهو مع طيارين أتراك جاءوا لاطفاء النار في الكرمل، وفي المساء يفرض الرعب بتلميحه بان العالم مرة اخرى يقف جانبا حين يكون اليهود يتعرضون لخطر الابادة.

القاسم المشترك لكل الرسائل المخيفة لرئيس الوزراء هو: ليس مهما ما يفعله اليهود – المهم أن الاغيار يكرهوننا. حتى لو اعطينا العرب شاطىء تل أبيب، فانهم لن يرتاحوا الى ان يلقوا بنا في البحر. في العام 1996 دفعت حملة التخويف من الارهاب الفلسطيني والخطر من أن يقسم شمعون بيرس القدس نتنياهو الى الحكم؛ وفي ظل غياب مخربين – انتحاريين، وفي الوقت الذي يغفو فيه بيرس في مقر الرئاسة فانه يخرج/ يخترع مخاوف جديدة.

الحاخام ابراهام اسحق هكوهين كوك كتب قبل أكثر من مائة عام ان الخوف المبالغ به هو مصدر كل ضعف، وهن مادي، اخلاقي وعقلي. "وهو سيهدد الانسان بحيث لا يفعل شيئا كي ينجو، الا يحرك ساكنا كي يحقق خلاصه". كتاب جديد "موانع السلام"، من اصدار معهد القدس للبحوث الاسرائيلية، يعطي شرعية بحثية لهذا التشخيص الذي قدمه الراعي الروحاني للصهيونية الدينية. نمرود روزلر من مركز سويسرا لبحوث النزاعات في الجامعة العبرية، يشير هناك الى أن الخوف ظهر كعامل يبقي على النزاعات ويشددها ويمنع تسويتها لانه يحدث وهما فكريا تجاه النزاع وتجاه الطرف الاخر، يخلق جمودا معرفيا وميلا للامتناع عن المخاطر ويؤدي الى تبرير السياسة القائمة.

لا ريب، انه من الناحية المعرفية رئيس الوزراء على علم بالثمن الباهظ الذي تجبيه السياسة القائمة بل وستجبيه من اسرائيل. ولكن الخوف من القرارات الصعبة، التي تنطوي على مخاطر اضطرارية، يسيطر عليه. الخوف من أن يؤدي تجميد الاستيطان الى أزمة حكومية أكبر لديه من التخوف من أن يؤدي تجميد المفاوضات الى ازمة في المكانة الدولية لاسرائيل.

لقد اثبت الخوف نفسه كأداة سياسية ناجعة لا مثيل لها. البروفيسور آشر اريان، مؤسس جدول الديمقراطية، الذي توفي قبل بضعة اشهر، وجد، انه كلما كان فهم التهديد من جانب العرب أقوى ينخفض الاستعداد للشروع في مفاوضات معهم والتنازل عن المناطق. كما وجد اريان صلة وثيقة بين المستويات العالية من الخوف وبين المواقف الصقرية. وقد وجدت هذه الاستنتاجات تعبيرها في نتائج الانتخابات الاخيرة وفي استطلاعات الرأي العام. الخوف هو احساس انساني شرعي. بل انه يمكنه أن يكون احساسا مجديا. اليسار الاسرائيلي يحاول، دون نجاح كبير، اخافة الجمهور في أن البديل لصنع السلام ليس الجلوس في المقهى بل تعاظم خطر الحرب وفقدان الهوية اليهودية والديمقراطية للدولة. لو كان نتنياهو يعرض خطة سلام شجاعة وواقعية، لكان بوسعه أن يستغل التجربة الجمة التي راكمها في تسويق الرعب والخوف.

بدلا من التحذير من المخاطر الكامنة في استمرار النزاع، يحبذ نتنياهو تغذية الخوف البدائي من الاخر. وبدلا من التحذير من تعميق العزلة على اسرائيل فانه يعمق رعب الجمهور من المجهول. "الخائف يكره، والكاره يقتل"، قال الزعيم الجنوب افريقي الاسود نلسون مانديلا. نتنياهو يزرع الخوف، نحن نحصد الكراهية، واطفالنا يقتلون ويُقتلون.