خبر دراسة فقهية: طلاق الهمزة يقع كطلاق القاف..

الساعة 10:50 ص|26 ديسمبر 2010

دراسة فقهية: طلاق الهمزة يقع كطلاق القاف..

ومن قال "أنت طالئ" سيقع طلاقه ما دام الأمر بيّناً على ذلك

فلسطين اليوم- وكالات

  انتشر فى الأيام الماضية فتوى عن مفتى مصر فضيلة الدكتور على جمعة بشأن أنه لا يقع الطلاق بالهمزة وتكلم كثيرون فى الموضوع ما بين ساخر وشامت وقل من أنصف وإلى الآن لم نسمع كلام الرجل بالضبط إنما ثارت المسألة وفهمت عنه بشكل معين، فهل يا ترى هو يقول ذلك وما وجهة نظره وهل تعتبر أم لا؟ أم أن القصة كما جاءت فى المواقع والصحف ولم يفهم أحد ما أفتى به الشيخ فقد نص أحد الناس على أن الأمر كان بصورة أخرى وهذا نص من ذكر الأمر قال (ليس فتوى للشيخ وإنما هو مجرد مناقشة بحثية له وقد ذكر هذه المسألة وكان هذا من ثلاث سنين تقريبا فى أحد مجالس العلم يعنى ليس بجديد وكان الشيخ يذكرها على سبيل حكاية آراء العلماء للطلبة لا على أنها فتوى معتمدة منه فقد كان يذكر أن هذا كان فعل بعض شيوخه حين يأتيه أحد العوام ممن لا يفقهون شيئا فيقول للعالم لقد قلت لزوجتى أنت طالئ بالهمزة وأنا نادم الآن ولم أكن قاصدا للطلاق فماذا أفعل فكان هذا الشيخ يسأله ويحلفه على نيته أنها لم تكن للطلاق فيقسم العامى فيرد عليه الشيخ بأن الطلاق لم يقع على أن كلمة أنت طالئ ليست دالة فى لغة العرب الصحيحة على الطلاق فتكون من كنايات الطلاق التى يحتاج فى إيقاعها إلى نية الطلاق من المتلفظ هذه هى القصة وليست فتوى معتمدة) هذا نص ما جاء فى المواقع والصحف.

 

ولما أثارت تلك المسألة جدلا واسعا لدى الرأى العام فى مصر والعالمين العربى والإسلامى قام الشيخ علاء سعيد - الداعية الإسلامى بقناة الرحمة الفضائية – بإعداد دراسة حول المسألة أورد آراء العديد من العلماء والفقهاء الموجودة بأمهات الكتب ليصل نتيجة هى تأييد فضيلة المفتى فى رأيه الذى فهم فهما خاطئا.

بدأ دراسته بقوله: إن كان من كلمة أنصح بها نفسى وإخوانى فى مثل هذه الأمور وليست المسألة خاصة بشخصية مفتى الجمهورية أو غيره إنما الكلام عام فينبغى أن نحسن الظن بالآخرين فأحيانا يقع بعض الناس فى أهل الفضل دون تثبت أو تروى وقد قال ربنا سبحانه: "لوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً"النور: 12، فنحن مأمورون بالظن الحسن وفى ذلك يقول عمر بن الخطاب رضى الله عنه: "لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شرًّا، وأنت تجد لها فى الخير محملا"، وقال ابن سيرين رحمه الله: "إذا بلغك عن أخيك شىء فالتمس له عذرا، فإن لم تجد فقل: لعل له عذرا لا أعرفه". والإمام الشافعى رحمه الله حين مرض وأتاه بعض إخوانه يعوده، فقال للشافعى: قوى لله ضعفك، قال الشافعى: لو قوى ضعفى لقتلنى، قال: والله ما أردت إلا الخير، فقال الإمام: أعلم أنك لو سببتنى ما أردت إلا الخير فلنحسن الظن خصوصا مع حملة العلم وورثة الأنبياء.

واستشهد ببعض أقوال العلماء فيما قيل إن الفتوى مستندة عليه فى مسألة إبدال الطاء بالتاء فى الطلاق وقياس أمر الهمزة فى إبدالها مكان القاف عليه.. أغلبهم ذكر أنها إن كانت من لغته وقع الطلاق بها إن نوى بها طلاقا كما جاء فى كتاب الفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر الهيثمى رحمه الله تعالى: (وَسُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ أَنْتِ تَالِقٌ بِالتَّاءِ فَهَلْ يَحْنَثُ؟ (فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ لُغَتُهُمْ إبْدَالُ الطَّاءِ تَاءً كَانَ صَرِيحًا لِأَنَّ هَذَا الْإِبْدَالَ لُغَةُ قَوْمٍ مِنْ الْعَرَبِ وَإِلَّا فَهُوَ كِنَايَةٌ.

وكذا استشهد بما جاء فى كتاب الحاوى للفتاوى للسيوطى عمن قال لزوجته أنت تالق ناويا به الطلاق هل يقع به طلاق فأجاب أنه إن نوى به الطلاق وقع سواء كان عاميا أو فقيها ولا يقال إنه بمنزلة ما لو قال أنت فالق أو مالق فإنه لا يقع به شىء لأن حرف التاء قريب من مخرج الطاء ويبدل كل منهما من الآخر فى كثير من الألفاظ فأبدلت الطاء تاء فى قولهم طرت يده وترت يده أى سقطت وضرب يده بالسيف فأطرها وأترها أى قطعها وأندرها والتقطر التهيؤ للقتال والتقتر لغة فيه ويقال فى القمطرة كمترة بإبدال القاف كافا والطاء تاءً وفى القسط كست كذلك ويقال فى ذاطه أى خنقه أشد الخنق حتى دلع لسانه ذاته بالتاء ويقل غلط وغلت لغتان بمعنى ويقال فى الفسطاط فستاط فى ألفاظ أخر مذكورة فى كتب اللغة والكتب المؤلفة فى الإبدال، وأبدلت التاء طاء فى نحو مصطفى ومضطر ومطعن ومظطلم وأطيرنا إلى ما لا يحصى فثبت بذلك أن التاء والطاء حرفان متعاوران وينضم إلى هذا الوضع العربى مع النية العرف وشهرة ذلك فى ألسنة العوام كثيرا ولشهرة اللفظ فى الألسنة مدخل كبير فى الطلاق اعتبره الفقهاء فى عدة مسائل فهذه ثلاثة أمور مقوية لوقوع الطلاق فى هذا القسم فإن كان اللافظ بذلك عاميا حصل أمر رابع فى التقوية فإن قال قائل هذا اللفظ ليس من الصرائح ولا من الكنايات فلا يقع به شىء قلنا أقل مراتبه أن يكون من الكنايات فإن أصل اللفظ بالطاء صريح وخرج إلى حيز الكناية بإبدال حرف الطاء تاء.. إلى آخر فتواه.

وعرض إلى أنه جاء كذلك فى كتاب (الْفَوَاكِهُ الدَّوَانِى عَلَى رِسَالَةِ ابْنِ أَبِى زَيْدٍ الْقَيْرَوَانِى )، تحت عنوان ألفاظ الطلاق (تَنْبِيهٌ) لَمْ يَتَكَلَّمْ كَخَلِيلٍ عَلَى حُكْمِ اللَّحْنِ فِى لَفْظِهِ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقًا بِالنَّصْبِ أَوْ أَنْتِ طَالِقٍ بِالْخَفْضِ، وَالْحُكْمُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ كَمَا قَالَ الْقَرَافِى ؛ لِأَنَّهُ عَلَى فَرْضِ عِلْمِهِ بِالنَّحْوِ هَازِلٌ، وَالْهَازِلُ يَلْزَمُهُ مَا لَفَظَ بِهِ ، لِأَنَّ هَزْلَ الطَّلَاقِ جِدٌّ ، وَأَمَّا لَوْ أَسْقَطَ بَعْضَ حُرُوفِهِ بِأَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ : أَنْتِ طَالِ وَلَمْ يَأْتِ بِالْقَافِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مِنْ الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ ، وَمِثْلُهُ إذَا قَالَ : أَنْتِ تَالِقٌ بِإِبْدَالِ الطَّاءِ تَاءً حَيْثُ لَمْ تَكُنْ لُغَتُهُ كَذَلِكَ ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَهَا : أَنْتِ الطَّلَاقُ فَهَلْ يَحْلِفُ وَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا نَوَاهُ أَوْ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَلَا يَنْوِى قَوْلَانِ : الْأَوَّلُ لِلْمُتَيْطِى وَالثَّانِى لِأَصْبَغَ اه

كما أبرز ما ورد فى كتاب تُحْفَةَ الْمُحْتَاجِ بِشَرْحِ الْمِنْهَاجِ فى كتاب الطلاق –بعد ذكر فروع المسألة - وَالْحَاصِلُ أَنَّ هُنَا أَلْفَاظًا بَعْضُهَا أَقْوَى مِنْ بَعْضٍ فَأَقْوَاهَا تَالِقٌ ثُمَّ دَالِقٌ وَفِى رُتْبَتِهَا طَالِكٌ ثُمَّ تَالِكٌ ثُمَّ دَالِكٌ ، وَهِى أَبْعَدُهَا وَالظَّاهِرُ الْقَطْعُ بِأَنَّهَا لَا تَكُونُ كِنَايَةَ طَلَاقٍ أَصْلًا ثُمَّ رَأَيْت الْمَسْأَلَةَ مَنْقُولَةً فِى كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ صَاحِبُ الْخُلَاصَةِ وَفِى الْفَتَاوَى رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ تَالِقٌ أَوْ تَالِعٌ أَوْ طَالِعٌ أَوْ تَالِكٌ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الْجَلِيلِ أَبِى بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ أَنَّهُ يَقَعُ ، وَإِنْ تَعَمَّدَ وَقَصَدَ أَنْ لَا يَقَعَ وَلَا يُصَدَّقُ قَضَاءً ، وَيُصَدَّقُ دِيَانَةً إلَّا إذَا أَشْهَدَ قَبْلَ أَنْ يَتَلَفَّظَ وَقَالَ إنَّ امْرَأَتِى تَطْلُبُ مِنِّى الطَّلَاقَ وَلَا يَنْبَغِى لِى أَنْ أُطَلِّقَهَا فَأَتَلَفَّظُ بِهَا قَطْعًا لِعِلَّتِهَا وَتَلَفَّظَ وَشَهِدُوا بِذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ لَا يُحْكَمُ بِالطَّلَاقِ وَكَانَ فِى الِابْتِدَاءِ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْجَاهِلِ وَالْعَالِمِ كَمَا هُوَ جَوَابُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِى ثُمَّ رَجَعَ إلَى مَا قُلْنَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى .

وبين الشيخ علاء سعيد أنه جاء فى كتاب "صوت القاف بين كتب التراث والتحليل الصوتى الحديث"لـحليمة عمايرة: "تقلب القاف همزة فى كثير من مدن الأقطار العربية، فهم يقولون مثلا:"الأفز"، بدلا من القفز.

فيما يرى بعض الباحثين أن هذه ظاهرة طارئة، ليس لها جذور تاريخية، ويرى باحثون آخرون، يسيرون على هدى المنهج التاريخى المقارن، أن هذه الظاهرة، قديمة فى اللغات السامية، فالقاف تحولت فى "الفنيقية" فى بعض الأحيان إلى همزة، ثم سقطت، كما سقطت الهمزات الأصلية فى الفنيقية.

 

وكذا أوردت المعاجم العربية مجموعة من الألفاظ رويت مرة بالقاف، وأخرى بالهمزة، مع حمل الدلالة ذاتها، من ذلك:" القوم زهاق مائة، وزهاء مائة "، بمعنى " قريب من ذلك"، ويقال: " زنق على عياله، وزنأ عليهم، إذا ضيق عليهم فقرا أو بخلاً " ، ويقال: تأبض وتقبض، بمعنى: شد رجليه ، وروى أبو عمر الشيبانى: " الفشق: انتشار النفسمن الحرص، ويقال: " تفشأ الشىء: أى انتشر ".

 

بيد أن تأصيل هذا القلب يمثل صعيداً لهجياً لا يرقى إلى مستوى المعيار، ومن ثم لا يعنى التهاون فى استعماله فى العصر الحديث، وذلك لأن الجذور التاريخية لهذه الظاهرة تؤدى إلى لبس فى الدلالة، فالقاف والهمزة (ألوفونان) فى الكلمتين، ومن ثم فإن دلالتهما واحدة، أما بعض الإبدال فى اللهجات الدراجة، فإنه يترتب عليه اختلاف كبير فى الدلالة بين أصحاب لهجتين متباينتين بخاصة، وقد يحدث ذلك على صعيد اللهجة الواحدة، نحو: إبدال القاف همزة فى كلمة "قلم وألم". إضافة إلى أن الإبدال أدى إلى ما يشبه ردة الفعل عند بعض الحريصين على التحدث بالفصحى، مما جعلهم يبدلون الهمزة الأصلية "قافا" أحيانا، كما فى مثل "مقروض" بدلا من "مأروض" بمعنى قصير، لاصق بالأرض، وهى نوع من القياس على الخطأ توهماً (Hyperkorrecktform)، إضافة إلى أن هذا الإبدال فى اللهجات الدراجة، يشير إلى ثنائية واضحة تفصل بين العامية والفصحى، ثنائية لا تكتفى بالتحلل من خصائص الترابط النحوي، بل تتعدى ذلك إلى نطق الأصوات.

 

واشار إلى أن العبرة بالمقاصد والمعانى لا الألفاظ والمبانى كما ذكر المحققون من أهل العلم رحمهم الله تعالى إذ جاء فى كتاب زاد المعاد لابن القيم: "والله سبحانه ذكر الطلاق ولم يعين له لفظا فعلم أنه رد الناس إلى ما يتعارفونه طلاقا فأى لفظ جرى عرفهم به وقع به الطلاق مع النية والألفاظ لا تراد لعينها بل للدلالة على مقاصد ألفاظها فإذا تكلم بلفظ دال على معنى وقصد به ذلك المعنى ترتب عليه حكمه ولهذا يقع الطلاق من العجمى والتركى والهندى بألسنتهم بل لو طلق أحدهم بصريح الطلاق بالعربية ولم يفهم معناه لم يقع به شئ قطعا فإنه تكلم بما لا يفهم معناه ولا قصده وقد دل حديث كعب بن مالك على أن الطلاق لا يقع بهذا اللفظ وأمثاله إلا بالنية وقال كذلك ابن القيم فى زاد المعاد قواعد الفقه وأصوله تشهد أن المرعى فى العقود حقائقها ومعانيها لا صورها وألفاظها وقال فيموضع آخر:[ والتحقيق أنه لا فرق بين لفظ ولفظ فالاعتبار فى العقود بحقائقها ومقاصدها لا بمجرد ألفاظها ] زاد المعاد 5/813

 

وفى النهاية يؤكد الشيخ علاء سعيد أنه يتبين بذلك أن المسألة ليست هينة وليعلم أن من تلفظ بكلمة أنت طالئ سيقع طلاقه ما دام الأمر بيننا على ذلك وليتق الله تعالى كل من يريد الترخيص بزلات العلماء فلن تخرج سالما قال الله تعالى "وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا"

وقال تعالى "وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ"

وتأتى هذه الدراسة فى وقتها لتكشف الحقيقة الغائبة بأدلة جامعة وترد على المتصيدين للعلماء ولتبين ان فهم معانى ودلائل ونصوص الفتاوى وطبيعة المستفتى والمفتى وظروف ذكرها وان تحرى الحقائق أولى من ترويج الأكاذيب والإفتراء على العلماء .. ولسنا هنا فى موقف دفاع عن المفتى الدكتور على جمعه وانما فقط لنبن الحقائق ولتبقى الأمور فى نصابها.