خبر الخطيئة الاولى- يديعوت

الساعة 09:31 ص|26 ديسمبر 2010

الخطيئة الاولى- يديعوت

بقلم: ايتان هابر

يصعب على اسرائيليين قدماء وما زال يوجد كثيرون منهم حتى الان، ان يتذكروا فترة أمنية أكثر هدوءا وسكينة: فمصر والاردن تعيشان معنا في سلام، والرئيس هناك والملك قربنا لا يشحذان سيوف الحرب. ليس السلام في الحقيقة كما رأيناه في أحلامنا لكنه لا حوادث، ولا عمليات رد، ولا يوجد قتلى في الاساس. ولبنان، بعد الانسحاب لا تلصقنا بكل نشرة اخبار في المذياع. وسورية هادئة.

ما الذي بقي؟ آه، السلطة الفلسطينية، التي تكسر رأس كل من يثور عليها، وحماس في قطاع غزة التي تهيج الارهاب. وماذا بعدهما؟ آه، ايران التي تطبخ في مطابخها مادة لقنبلة ذرية لكن علماء الذرة فيها يفجَرون في خلال ذلك في منتصف الشارع – وعندنا يغمز "العالمون" باعينهم انهم لا يعرفون شيئا. "كل شيء عسل"، كما يحب أفيغدور ليبرمان ان يقول مستهزءا – كما يقولون. "كل شيء عسل".

أتت أيام المسيح (المخلص). وماذا يُطلب منا في الحقيقة؟

يعلم كل ولد في اسرائيل بطبيعة الامر ان الاخطار على حياتنا هنا ما زالت لم تمضِ بل زادت في السنين الاخيرة، ومن قبل ايران قبل كل شيء لكنها ليست وحدها. فثمة أخطار كبيرة تكمن في مستودعات الصواريخ التي أخذت تكبر لحزب الله في الشمال وحماس في الجنوب. فبحسب تسريبات صحفية يوجد لهما الاف وثمة من يقولون عشرات الالاف من الصواريخ والقذائف الصاروخية التي قد تصل بعيدا حتى قلب غوش دان. ومع ترسانة الصواريخ السورية "تغطي" هذه المدفعية المشتركة البلاد كلها.

ليس عرضا ان تسلحت سورية ومنظمات الارهاب في السنين الاخيرة بالاف الصواريخ والقذائف الصاروخية. فمن حرب الخليج الى حرب لبنان الثانية وفي الفترة الصعبة بينهما، تعلموا وراء الحدود درسا مهما من جهتهم وهو أنه ليس لهم أمل في خطوط المواجهة. فهناك يضربهم الجيش الاسرائيلي حتى يثخنهم. ولا أمل في الاساس في التغلب على سلاح الجو الاسرائيلي. فماذا يفعلون إذن؟ يحاولون اجتياز الجيش الاسرائيلي في خطوط المواجهة واجتياز تفوق سلاح الجو والوصول الى ما يبدو لهم الحلقة الضعيفة – الجبهة الداخلية الاسرائيلية، والمواطنين ولا سيما في غوش دان.

اليوم بعد عشرين سنة تقريبا، لا يوجد جدل في أن سلوك السكان المدنيين في حرب الخليج 1991 هو الذي أقنع من حولنا بان الحلقة الضعيفة في السلسلة الامنية الاسرائيلية هي السكان في الجبهة الداخلية. برغم أنه لا مخالفَ عن الرغبة الطبيعية في الهرب من مناطق الخطر وانتظار أن يقع على رأسك صاروخ سكاد، فان هرب نحو من نصف مليون شخص كل مساء من تل ابيب الى الضواحي أحدث تحولا في وعي قادة الدول العربية والمنظمات الارهابية.

وكانت هذه أول حرب في تاريخ اسرائيل وقف فيها مواطنون مكشوفي الوجوه ازاء عدسات تصوير التلفاز في مطار بن غوريون ولم يستحيوا من قول انهم يهربون الى ان ينقضي الغضب. يخيل اليّ أن رئيس بلدية تل أبيب آنذاك شلومو لاهط الذي كان جنرالا قبل ذلك في الجيش الاسرائيلي هو أول من وقف على خطر التأثير الاستراتيجي لهذا الهرب الجماعي. وسمى الهاربين من ميدان القتال التل ابيبي "آبقين". وقد هوجم آنذاك بطوفان من الردود الشديدة. هزمته دولة تل أبيب.

في تلك الحرب اطلق من العراق في الحاصل تسعة وثلاثون صاروخا، أحدثت ضررا ماديا ضئيلا نسبيا وحصدت حياة انسان واحد فقط، أي اقل من الحاصل اليومي لحوادث الطرق في اسرائيل (ومات نحو من اثني عشرَ مواطنا آخر اختناقا نتاج استعمال غير صحيح للاقنعة الواقية).

كما قلنا آنفا الدرس الاستراتيجي الذي تعلموه حولنا هو أنه يمكن لوسائل بسيطة وقليلة نسبيا اخراج دولة اسرائيل عن توازنها. لكن ما هو الدرس الذي يجب علينا نحن الاسرائيليين تعلمه؟ ماذا كنا نقترح اليوم على بنيامين نتنياهو وايهود باراك ان يعلمانا اياه؟ انشاء روح جديد قبل كل شيء كذاك الذي كان وخفق ذات مرة عند الشعب الذي يسكن صهيون. لا يُحتاج من أجل ذلك الى ميزانيات والى مال والى منظمات. انه قبل كل شيء مسألة قيادة جارفة وصادقة وثقة وفي الاساس – منشئة للامل.