خبر « لنان » وحقوق الإنسان- رياض خالد الأشقر

الساعة 08:22 م|25 ديسمبر 2010

"لنان" وحقوق الإنسان- رياض خالد الأشقر

مختص في شئون الأسرى، و مدير الدائرة الإعلامية بوزارة الأسرى

 

سمعنا كثيراً عن الأكذوبة التي تسمى "حقوق الإنسان" ، والتي يدعى المجتمع الدولي بأنه وضع لها لوائح وقوانين ومواثيق ولا يجوز لأحد أن يتخطاها أو يتعدى عليها ، وإلا نزل عليه العقاب الأليم، كما أن كيان الاحتلال يوهم العالم بأنه ديمقراطي  ونزيه ، ويمارس تطبيق هذه الحقوق على البشر ، سواء كانوا فلسطينيين أو غيرهم .

 

ولكن يبدو أن ورقة التوت التي يتستر بها العالم المتحضر والاحتلال معاً سقطت سقوطاً مدوياً وبانت عوراتهم جليه للعيان، وبات واضحاً بان حقوق الإنسان واحترام أدميته لا توهب  للجميع، وان الناس في ميزانهم درجات، بل أن الحيوان " أكرمكم الله"  في بعض تلك الدول يحصل على حماية وحقوق أكثر مما يحصل عليها البشر في دول أخرى ، لان حساباتهم ومصالحهم لا تسمح بذلك.

 

وهذا الكلام ليس من باب المبالغة أو الافتراء بل أن الشواهد عليه تكاد لا تحصى ، فكثيراً ونحن نتابع وسائل الإعلام  نسمع عن قطة تم تجنيد عشرات العمال ولعدة أيام لإنقاذها من أعلى شجرة علقت بها، أو وضع ميزانيات ضخمة لإنقاذ سمكة فريدة من نوعها مهددة بالانقراض ، أو تسخير كل الطاقات من اجل حيوان نادر، أو توجيه الأبحاث والتكنولوجيا نحو تهجين نوع جديد من الطيور والزواحف،  بينما في المقابل ألاف البشر يموتون جوعاً في أفريقيا وغيرها ولا يجدون من يقدم لهم يد المساعدة ، وعندنا آلاف الأسرى والأسيرات في فلسطين يموتون يومياً دون أن يرفع احد من هذا العالم الظالم صوته ليقول كفى .

 

اتفاقيات ومواثيق ونصوص لا تساوى الورق التي كتبت عليه ، فقد كذبتهم أسيرة فلسطينية تدعى "لنان ابوغلمة" محتجزة في سجن هشارون منذ 5 أشهر ، وشقيقتها تغريد تقبع في سجن الدامون ، لم تطالب بإطلاق سراحها أو توفير حياة كريمة داخل السجن ، إنما كان طلبها الوحيد أن تجتمع بشقيقتها الأسيرة  في غرفة واحدة ، كلى تبقى مطمئنة عليها ، وهو حق لها ليس منَّه من الاحتلال ، ولكن هذا المحتل المجرم رفض تلبيه رغبة الأسيرة "لنان"  وابقي كل واحدة من الأخوات في سجن منفصل ليزيد من عذابهن النفسي وقلقهن، ولوعتهن على الفراق حتى في داخل السجن .

 

فقررت الأسيرة "لنان " الدخول في إضراب عن الطعام بإرادة صلبة وعزيمة قوية ، لا يتمتع بها الكثير من الرجال ، وها هي تدخل أسبوعها الرابع على التوالي في الإضراب المفتوح عن الطعام ، وتؤكد على استمرارها ، حتى نيل مطلبها العادل .

 

اثنان وعشرون يوماً من الإضراب عن الطعام ولم نسمع أياً من المؤسسات والجمعيات التي تنادى بحقوق الإنسان  وحريته تقول بان هذه جريمة يجب أن تتوقف ، ولم نرى اياً من المنظمات التي تدعى النضال من اجل المرأة وحقوقها  تنظم احتجاج ولو بسيط من اجل "لنان "لتطالب بمنحها حقها بالاجتماع بشقيقتها في مكان واحد ..

 

 يبدو أنهم جميعاً أصيبوا بالصمم والعمى، أم أن الأمر عندما يتعلق بالاحتلال الاسرائيلى فله حسابات أخرى عند تلك المؤسسات .

 

اثنان وعشرون يوماً مضت ولا زالت "لنان" تنتظر أن ينصرها احد ، سواء من العرب، أو المجتمع الدولي الذي أقام الدنيا ولم يقعدها من اجل شاليط المجرم .. وهنا سؤال يطرح نفسه ماذا لو اضرب شاليط عن الطعام ، في اعتقادي يمكن أن تُسير الجيوش إلى غزة من اجل إنقاذ المسكين ، ومن المؤكد أننا سنسمع عن منظمات ومؤسسات لم نسمع بها من قبل تنتصر لشاليط وتطالب بتحسين ظروف حياته .

 

لذلك نقول "للنان" لا تنتظري دعاة حقوق الإنسان ، فان غيابهم سيطول، واصبري واحتسبي واثبتي على المواقف واعلمي انك الفائزة لا محالة ، وان جبروت الاحتلال واستكباره إلى زوال .