خبر من هو اليميني ومن هو اليساري؟.. هآرتس

الساعة 09:34 ص|24 ديسمبر 2010

من هو اليميني ومن هو اليساري؟.. هآرتس

بقلم: ايليا ليفوفيتش

(المضمون: المعيار الذي يفرق بين اليساري واليميني في اسرائيل هو رأي الاسرائيلي في مسألة المناطق المحتلة التي هي أهم مسائل الاختلاف في المجتمع الاسرائيلي - المصدر).

        إن ورقة الـ "ليكموس" هي أداة عمرها 700 سنة للتمييز بين محلول حمضي ومحلول قاعدي. فعندما نغمسه في محلول حمضي يصبح احمر اللون ويصبح لونه ازرق في محلول قاعدي. هذه الورقة هي معيار تفريق واضح بين الحمض والقاعدة لمن يهتم بهذا التفريق مثل الكيميائيين والصيادلة أو صانعي الاغذية.

        إن الحاجة الى معيار تمييز بين المركبات ليست محدودة في حقل الكيمياء أو الصيدلة. لانه يُحتاج الى معيار تمييز بين مركبات في مجال مهم آخر هو المجال السياسي. في الخطاب العام الذي يتعلق بمشكلة الدولة الاولى، أي مسألة الاحتلال والمناطق، اعتادوا ان يميزوا عناصر مختلفة من هذا المجال بصفات مثل يمين خلاصي، ويمين متطرف ويمين معتدل ومركز – يمين، ومركز – يسار، ويسار صهيوني، ويسار معادٍ للصهيونية ويسار حالِم وغير ذلك.

ثمة علماء اجتماع وساسة سيقولون انه ليس في السياسة الاسرائيلية أي خطوط تفرق تفريقا واضحا بين التصورات السياسية المختلفة، وانه يمتد بين اليمين الخلاصي واليسار الحالِم سلسلة توجهات سياسية ليست بينها حدود واضحة.

        ربما يمكن الموافقة على قول ان قائمة الصفات لا تُعرف على نحو حاد قيم أي جماعة بشرية ما. فما يُسميه رؤوبين مركز يسار يُسميه شمعون يسارا متطرفا، ويُسميه ليفي يمينا. في هذا الواقع لا احتمال ولا داعي لمحاولة البحث عن معيار يُعرف الناس بأنهم اعضاء في واحدة من هذه الجماعات السياسية.

        لكن هذه الصورة للواقع السياسي تقوم على ادعاء استعمال نظارتين تُمكّنان من رؤية تعقيد التنفس وخبايا قلوب البشر. هاتان النظارتان المُتخيلتان وغير المناسبتين تُخفيان عن الناظر خطا واضحا يفرق على نحو واضح بين طائفتين من السكان من مواطني دولة اسرائيل. انها حدود حادة تفرق بين اليمين واليسار في شأن المناطق لا في عالم الأحلام والاعتقادات والخيالات ولا حتى الارادات، بل في الواقع السياسي وفي الاعمال في المجالين العسكري والسياسي.

        يوجد للخليط السياسي في اسرائيل ورقة "ليكموس" يمكن بواسطتها تمييز كل شخص بأنه يميني أو يساري. يوجد في الحقيقة مجال واسع جدا في طيف التصورات السياسية في اسرائيل، في ضمنه أناس مختلفون ينقلون خطوط الحدود بين اليمين واليسار في اماكن مختلفة بحسب فهمهم السياسي. لكنه بسبب استعمال النظارتين غير الصحيحتين يصبح تشوش صورة خليط الايديولوجيا والسياسة المتعلقتين بالمناطق كبيرا جدا الى حد انه برغم سعة المجال ثمة إخطاء للحد الحقيقي الواقع بعيدا خارجه.

        إن من أزال هاتين النظارتين المشوهتين هو الذي يلاحظ الحد الحاد الواضح الوحيد ذا الصلة للتمييز الفعلي بين اليمين واليسار في اسرائيل. والحد يمر بحيث انه يُبقي عن يساره القليل من المواطنين الاسرائيليين اليهود فقط أقل مما اعتيد أن يُقدر بأنه حجم اليسار المتقلص في البلاد. إن سؤال من هو اليميني ومن هو اليساري في اسرائيل يجب أن يعني كل مواطن يخاف على سلامته وسلامة أعزائه ولا سيما في موسم انتخابات. إن كل اولئك الذين تشير ورقة الـ "ليكموس" الى انهم يمينيون يؤيدون نظريا وعمليا سياسة اسرائيل الخارجية والأمنية. وبرغم فروق التوجه الثانوية، يناصرون جميعا في خطوط عامة السياسة التي استعملتها كل حكومات اسرائيل منذ سنة 1967 ما عدا الحكومة القصيرة العمر التي قُتل رئيسها بسبب محاولته، الوحيدة في تاريخ الـ 43 سنة الاخيرة، الخروج عن هذه السياسة. ومن قضت ورقة الـ "ليكموس" بأنه يساري هو شخص قد يحاول فعل شيء آخر.

        إن ورقة الـ "ليكموس" التي تستطيع ان تحدد على نحو واضح في أي جانب من الخط الثخين يوجد كل اسرائيلي هي الاجوبة التي يقدمها لهذين السؤالين: 1- هل في رأيك في يوم ميلاد اسرائيل المئة ستظل الدولة ديمقراطية غربية وتبقى اريئيل على حالها يسكنها يهود هم مواطنوها؟ 2- اذا أراد مسرح الغرف في تلك السنة عرض مسرحية على مسرح دار الثقافة في اريئيل، فهل يستطيع المسرح فعل ذلك دون الحصول على رخصة من موظف فلسطيني ما، أو ممن يتلقى راتبه من سلطة دولية ما؟.

        الجواب بـ "نعم" عن السؤالين يُموضع المجيب على نحو واضح في جانب الحدود الأيمن. والجواب بـ "لا" عن واحد من هذين السؤالين يشهد بأن المجيب يساري.