خبر خطبة موحدة في الضفة لضمان عدم التحريض ..ياسر الزعاترة

الساعة 08:20 ص|24 ديسمبر 2010

خطبة موحدة في الضفة لضمان عدم التحريض ..ياسر الزعاترة

في الوقت الذي تتوالى فيه الفتاوى العنصرية من طرف حاخامات العدو دون أدنى رادع من المؤسسة الرسمية الإسرائيلية، وفي الوقت الذي يتوالى فيه العدوان على الأرض والمقدسات، وفي مقدمتها المسجد الأقصى، في هذا الوقت بالذات تلتزم السلطة في الضفة الغربية بشروط "خريطة الطريق"، ومن ضمنها ما يسمى "وقف التحريض"، مع أن العدو لم يسجل التزاماً يذكر بما عليه من استحقاقات، اللهم إلا ما انسجم منها مع برنامج السلام الاقتصادي والدولة المؤقتة.

 

في الضفة الغربية تلزم وزارة الأوقاف الخطباء بخطبة موحدة خالية مما يثر أعصاب العدو، مع العلم أن الأئمة والخطباء ذوي العلاقة بحماس قد تم التخلص منهم تباعاً، وبالطبع حتى لا يمنحوا الحركة حضوراً بين الناس من جهة، وحتى لا يتورطوا في كسر شروط عدم التحريض من جهة أخرى، فضلاً عن الحديث عن المقاومة المحرمة في عرف القوم.

 

بحسب صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، فإن الإجراء المذكور قد اتخذ استجابة لضغوط أمريكية إسرائيلية، فيما يجادل وزير الأوقاف بأن ذلك يتم تلبية للمصلحة الفلسطينية. نعم المصلحة الفلسطينية، مع العلم أن الحرب على المساجد والتدين في الضفة قد تجاوزت كل الحدود بجهود الوزير إياه، وبمساعدة المؤسسة الأمنية، الأمر الذي ينسحب على قراءة القرآن من المآذن، وسوى ذلك من الإجراءات التي يجاهد الوزير المذكور في البحث عن تخريجات شرعية لها، من قبيل القول إنها بدعة.

 

وقف إذاعة القرآن الكريم في مدينة نابلس كان جزءً من السياق إياه، والذي يجمع بين الحرب على حركة حماس وبين الحرب على التدين بشكل عام، ونعلم أن الإذاعة المذكورة لا تتدخل في السياسة، لكن دورها كان لافتاً بين الناس منذ تأسيسها في العام 1998.

 

لسنا بحاجة لكثير ذكاء حتى ندرك أن الأمر ذو صلة بالأجواء الجديدة التي يجري ترتيبها في الضفة الغربية، ذلك أن تحجيم مد التدين هو الضامن الأهم لعدم انخراط الناس في برنامج المقاومة، وبتعبير أدق لعدم اندلاع انتفاضة جديدة، وأي كلام آخر في هذا السياق هو بلا قيمة لاسيما حين يصدر من الوزير الذي يجاهد كل يوم من أجل إثبات ولائه، فضلاً عن الثأر من الحركة التي كان عضواً فيها (حماس) ذات يوم وتركها لهذا السبب أو ذاك.

 

ما قالته الصحيفة الأمريكية صحيح إلى حد كبير، فالسلطة ليست في وارد تحدي من يمنحونها بطاقات الفي آي بي، وكذلك من يقدمون لها المعونات من أجل الاستمرار، ونتذكر في هذا السياق تلك الفضيحة التي تابعنا فصولها قبل أسابيع عندما نشر المتوكل طه، وكيل وزارة الإعلام دراسة تتصل بحائط البراق تثبت أنه تراث إسلامي ولا صلة لليهود به، فقامت قيامة اليهود، وكذلك الأمريكان تبعاً لهم، فما كان من السلطة إلا أن أزالت الدراسة من على موقع الوزارة الإلكتروني. ولا حاجة للتذكير بأن الحائط المذكور جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى، والمسجد الأقصى يقع في القدس الشرقية، نقول ذلك لمن يوجعون رؤوسنا بالحديث عن الدولة المستقلة على الأراضي المحتلة عام 67 بما فيها القدس الشرقية، وأن أصحابهم لم يتنازلوا عن الثوابت.

 

لو حدث كل هذا الالتزام ببنود خريطة الطريقة ومن ضمنها وقف التحريض في وقت يلتزم الطرف الآخر بما عليه، إذا لبلعنا القصة بهذا الشكل أو ذاك، لكننا إزاء مجاملة استثنائية لعدو لا يجامل بأي حال، بل هو يرفض مجرد تجميد الاستيطان لمدة ثلاثة أشهر في الضفة دون القدس لمدة تسعين يوماً مقابل ضمانات أمريكية مهولة.

 

يستدعي هؤلاء كل ما في قاموسهم من شطارة حتى يقنعوا جماهير الشعب بصواب ما يفعلون، والمؤسف أنهم يجدون بعض العون من أبواق منذورة للدفاع عنهم بالحق والباطل، لكن شعب فلسطين والقدس والأقصى ليس بهذه السطحية حتى تمر عليه مثل هذه اللعبة البائسة.

 

صحيفة الدستور الأردنية