خبر في الحرب المقبلة .. هآرتس

الساعة 09:15 ص|22 ديسمبر 2010

بقلم: حنان شاي

يحاضر في قسم العلوم السياسية في المعهد الاكاديمي في عسقلان

(المضمون: يجب ان تستعد اسرائيل من جهة هجومية ودفاعية واخلاقية منذ الآن للمواجهة الحربية القادمة وإلا فانها ستقف عاجزة مع نشوب الحرب - المصدر).

أُضيف الى تنبؤات "أمان" القاتمة بما يُتوقع في الحرب القادمة في المدة الاخيرة تقدير مراقب الدولة انه في جولة القتال القريبة "يتوقع اطلاق مئات رشقات القذائف الصاروخية كل يوم على أنحاء البلاد، وقد تحدث اصابة متعددة المراكز واسعة متصلة للجبهة الداخلية – بالأرواح والممتلكات". والاستنتاج من هذا التقدير أن اسرائيل فقدت في واقع الامر السيطرة على مدة الحرب المقبلة وعلى مقدار الخسائر والدمار اللذين سيقعان بها.

سبّب فقدان السيطرة التحول الاستراتيجي في ميدان القتال وعدم وجود الرد الاستراتيجي من قبل اسرائيل على التغييرات التي تحدث في المنطقة. فبدل جيوش دول مناورة هددت في الماضي باحتلال اسرائيل أو أجزاء منها، يهددها اليوم جيوش ساكنة، وهي مستعدة لاستنزاف الجبهة الداخلية المدنية باطلاق صواريخ من بعيد في المرحلة الاولى وإضعاف الجيش الاسرائيلي إضعافا شديدا في المرحلة الثانية التي يُستعمل فيها الجيش لاختراق التحصينات التي تُطلق منها القذائف الصاروخية والقذائف.

إن محاولة مجابهة التهديد باحتلال الاراضي التي يتم منها الاطلاق على اسرائيل ستلعب لمصلحة العدو. وتدريع المقاتلين بوسائل باهظة الكلفة أو تبطئة ايقاع تقدمهم لمضاءلة الخسائر سيُطيل القتال كما في غزة في كانون الثاني 2009 ويُسبب وقوع نسبة أعلى من الخسائر المدنية وإضرارا أشد بالبنى التحتية والجهاز الاقتصادي الاسرائيلي.

إن مواجهة التهديد بوسائل استراتيجية دفاعية تعتمد على نظام "القبة الحديدية" وعلى تقنيات اخرى، مقرون بنفقات ضخمة. وحتى لو تحقق فانه لن يمنح السيطرة مدة القتال وعلى مقدار أضراره اذا لم يكن مدعوما بقدرة هجومية لحسم الحرب سريعا.

إن استراتيجية استعمال "أدوات ضغط الوعي"، للردع عن اطلاق النيران على اسرائيل، هي أسطورة فشلت في لبنان في 2006 وفي غزة في 2009. لهذا لا داعي الى التخطيط لاحراز سيطرة على الوضع في الحرب القادمة اعتمادا عليها.

لا يجب التسليم لأن يكون الرد على التحول الاستراتيجي الذي طرأ على ميدان القتال، بتأثير من الحريق في الكرمل، نفقات متسرعة على جهاز اطفاء الحرائق وحده. فمن الحيوي أن تُصاغ فورا تصورات دفاع وطني جديد لمنع دفع اسرائيل الى حرب استنزاف طويلة.

ينبغي تأسيس الاستراتيجية على ثلاثة اتجاهات عمل، يتم تحقيقها على نحو منسق تحت قيادة واحدة: جُهد رئيس هجومي غايته نقل الحرب الى الجانب الثاني. لا يتوخى هذا الجُهد احتلال الارض بل تدميرا كثيفا لنظم اطلاق النار على اسرائيل؛ وجُهد ثان دفاعي، يعتمد على تكنولوجيا متقدمة وعلى تحصين مادي غايتهما مضاءلة اصابات البنى التحتية والمراكز السكنية حتى الحسم في الحرب؛ وجُهد ثالث لمضاءلة المعاناة والعودة السريعة الى رتابة الحياة في استعمال وسائل انقاذ وتخليص واعادة بناء متقدمة.

من المتوقع أن تُستعمل في الجانب الثاني "دروع بشرية" ولهذا يجب ان يكون تطوير الجهد الهجومي مصحوبا بنقاش اخلاقي، ينحصر في مسألة حياة من هي التي تسبق: أحياة مواطني المجتمع الاسرائيلي المُهاجَم، أم مواطني المجتمعات التي تهاجم اسرائيل. نشك في أن يمكن التوصل الآن الى قرار واضح في هذا النقاش، لكن يمكن أن تردع قدرة اسرائيلية حقيقية على احراز حسم سريع في الحرب المتوقعة المبادرة الى ذلك بالفعل.

تدل التطورات منذ 2006 على ان قيادة اسرائيل ستقف عاجزة مع نشوب حرب كما وقفت إزاء لهب النار في الكرمل. يجب عليها لمنع ذلك أن تتنبه فورا، وإلا فانها حتى لو قررت زمن الحرب – ربما بتأثير وقوع مئات الصواريخ الموجهة الى تل ابيب – أن حياة مواطني اسرائيل تسبق حياة مواطني الدول المهاجِمة، فلن تملك القدرة على تحقيق قرارها.