خبر الهرب من نار العنصرية.. هآرتس

الساعة 10:08 ص|17 ديسمبر 2010

بقلم: سافي راخلفسكي

(المضمون: اسرائيل تسير في طريق خطر نحو الاحتراق الداخلي بنار العنصرية والتطرف إلا اذا هب المواطنون لمقاومة هذا التيار الجارف - المصدر).

كُبِتَ في ستار النار والغبار الذي صاحب دراما الهروب الشديد من المسؤولية، تحول اسرائيلي مهم، قبل اسابيع معدودة فقط ضجَّت العناوين الصحفية: صفقة التجميد لثلاثة اشهر منقضية. اجتمعت السباعية المجيدة في جلسة طارئة مع خروج السبت، وتنافست التصريحات الحكومية والمحللين الصحفيين في اعلان مبلغ إتمام كل شيء وأن شاس التي أصبح كل شيء معلقا بها مرة اخرى ستُمكّن من كل شيء "بطبيعة الأمر". وكانت النهاية الوحيدة صفار بيضة يسيل فوق رأس المبتسم.

كان ثمة سبب لتفصيل بواعث مُحدثي دراما اللاشيء هذه لو لم يكن هذا تحولا مكررا. فمع خروج سبت مشابه جُمعت السباعية لنقاش طاريء، نتيجته تصويت حاسم قد حُسم بيقين، قصدا الى الموافقة على صفقة محسومة لاطلاق سراح جلعاد شليط. بيد انه كانت ثمة مشكلة مرة اخرى لتفصيل صغير في السيناريو الجاهز؛ فنحن "برهنا على أننا حاولنا"، وجلعاد يرى الظلام.

ويتم تكرير اللحن. وعلى هذا النحو "كانت" صفقة التهدئة مع حماس في نهاية "الرصاص المصبوب"، وهكذا أُنشئت الحكومة المغلقة لتسيبي لفني قبل سنتين، وهكذا في ماض أبعد، توصلت المنطقة كلها الى الصفقة المنهية لاهود باراك في كامب ديفيد، بعد صفقة عناوين الورق المنهية مع الأسد. وهكذا بالضبط وقف شمعون بيرس على منصة الكنيست ينتظر حكومته الجاهزة التي لم تنشأ قط، وهكذا وُعدنا الآن بلجنة تحقيق في تقصير الحريق. أيتها السذاجة غير المقدسة.

في فيلم "الخاتم السابع" لانغمار برغمن يلعب البطل الشطرنج مع الموت. بيد أن شيئا ما صغيرا في اللعبة يتشوش، ويبقى للبطل فقط أن يقلب لوح اللعبة عندما تأتي نتيجتها الحقيقية غير الممتنعة. قد يوجد في حياة الفرد دور للكبت في مواجهة النهاية غير الممتنعة، لكن الجمهور الذي يُدمن الكبت وخداع الذات يحكم على نفسه بيديه.

يُداور الاسرائيليون مرة بعد اخرى وعلى نحو عجيب أنفسهم للايمان بالسيناريو الذي يقول ان الطرفين اذا جلسا فقط الى المائدة في حين تغطي صيغ جوفاء على حقيقة انه لا طعام عليها ولا يريد المدعوون تناول الطعام ألبتة – فستأتيهم الوجبة السماوية أو يمكنهم على الأقل اتهام شخص آخر. فاننا "فعلنا كل شيء" وجلسنا.

ينبغي أن يحل محل هذا الاعتقاد الادراك البارد والصعب والواضح من تلقاء نفسه وهو انه لن يتغير شيء في اسرائيل المحترقة بنار العنصرية والتحريض اذا لم توجد ثلاثة شروط أساسية ألا وهي: واحد وستون نائبا برلمانيا يحصل عليهم غير اليمين؛ وأن يوافق رؤساء جميع الاحزاب غير اليمينية على الاعتماد على الاحزاب "العربية" والتعاون معها؛ وأن تدرك قيادة "الكتلة" كلها ان عليها أن تُحدث ثورة أساسية في الوجود الاسرائيلي.

انه بغير انشاء دستور اسرائيلي، يقوم على وعود اعلان الاستقلال بـ "حرية العبادة والضمير" و"التساوي التام في الحقوق بلا فرق دين وعِرق وجنس"؛ وبغير الغاء تيارات التربية وانشاء تيار واحد ذي صبغات مختلفة – وهو تيار يلتزم التربية الانسانية والعلمية والعصرية؛ وبغير بناء أسس الوجود والديمقراطية من الأساس – فلن يتغير شيء في اسرائيل. كذلك لن يُحرز اتفاق سلام حقيقي وحتى لو أُحرزت "صيغة" فلن تُطبق في الحقيقة. لن يحدث أي شيء في حين يلتهم الحريق الداخلي كل شيء.

في اسرائيل حيث يتعلم 52.5 في المائة من أبناء الصفوف الاولى ممن يُعرَّفون بأنهم يهود تعليما دينيا أو حريديا ممولا مدعوما، يُعلمهم "في ضوء" فتوى رسالة الحاخامات، ستستمر النار في الاشتعال – كل ذلك في حين أن الدولة فضلا عن انها لا تسارع الى اخماد الحريق، تشعل نارا أكبر – فالكنيست بعد رسالة الحاخامات فورا تنوي استكمال سن "قانون لجان التمييز"، الذي يهدد بمنع جميع "غير الملائمين" لـ "النسيج الاجتماعي الثقافي" السكن في أكثر البلدات في اسرائيل. وأن تجعل فتوى الحاخام شموئيل الياهو بذلك ورسالة الحاخامات هما القانون الرسمي في اسرائيل.

في الثمانينيات نشرت "كول هعير" في القدس أعداد الاكثرية السكانية المعادية للديمقراطية التي تتشكل في التربية الأساسية. كانت القدس آنذاك مدينة تعددية مليئة بالحياة ولم تعد تلك القدس موجودة. اسرائيل في الطريق الى القدس. إن أكثرية سكانية متدينة معادية للديمقراطية مع تهديد ذري خارجي سيدفعان من يستطيعون الخروج الى خارج دولتهم. هذا في أحسن الحالات حينما لا يُبكر آخر الزمان بالمجيء.

اذا ثار المواطنون فقط على هذا الامر، واشمأزوا من الخدع التي تُبيّن أن كل شيء قد ترتب "تقريبا"، وعملوا كي يحققوا شروط التغيير الثلاثة فلربما لا تصلهم النار.