خبر خطوط صورة السلام- هآرتس

الساعة 09:08 ص|16 ديسمبر 2010

خطوط صورة السلام- هآرتس

بقلم: البروفيسور ايلي فوده

محاضر في قسم دراسات الاسلام والشرق الاوسط في الجامعة العبرية

(المضمون: يرى الكاتب أن اسرائيل برغم تبجحها بذكر السلام لا تفعل ما يكفي لتقديم السلام الى الأمام - المصدر).

        قد يكون السلام حلما – لكنه ليس حلمنا؛ حان وقت أن نعترف بحقيقة ان اسرائيل تستعمل خطابة السلام لكنها تسهم قليلا جدا في احرازه من جهة عملية. إن من يواصل التمسك بصيغة "سنقلب كل حجر" من اجل احراز السلام، يجب أن ينظر في المرآة. هل اسرائيل تسعى في تصميم ومثابرة لاحراز هذه الغاية؟.

        اعلان الولايات المتحدة واسرائيل عن فشل الاتصالات لتجديد المحادثات المباشرة بعد أقل من نصف سنة من بدئها، شهادة مباشرة على ذلك. الذنب ملقى على باب اسرائيل في الأساس: لن يغفر التاريخ لمن اعتقد أن قضية تجميد الاستيطان – ولو ثلاثة اشهر اخرى – أهم من الاستمرار في المحادثات والتوصل الى حل سياسي.

        يمكن بطبيعة الامر اتهام براك اوباما بالفشل، بزعم انه لم يحث الأطراف حثا كافيا ولا سيما اسرائيل، ولم يستعمل ما يكفي من أدوات الضغط الاقتصادية والسياسية لـ "اقناعهم" بجدوى الاستمرار في المحادثات. لكن التاريخ يُعلمنا انه لم ينجح أي سلام – ولا حتى تفاوض في ذاته – لو لم يكن الطرفان المتخاصمان ناضجين وجديين في نواياهما اجراء حوار حقيقي.

        ان السلام مع مصر والاردن، واتفاقات اوسلو، ومحادثات السلام مع سوريا وجهات اخرى على مدى السنين تمت عن مصلحة الأطراف المتعادية، وكانت القوى العظمى على نحو عام مصالحات ووسيطات. أجدت حوافز الوسيط عندما كان هناك استعداد من الأعداء أصلا للتوصل الى اتفاقات.

        لهذا ينبغي اتهام الطرفين المتعاديين بالاخفاق، لكنه لا يوجد تماثل في مقدار الاخفاق. لا شك في أن بنيامين نتنياهو وحكومته مسؤولان مسؤولية كبيرة عن الاخفاق. يصعب أن نفهم نتنياهو: ففي خطاب بدء المحادثات في واشنطن في ايلول 2010 كرر نتنياهو مرتين جملة "يمنحنا التاريخ فرصة نادرة لحسم المواجهة بين أبناء شعبنا". واستعمل كلمة "سلام" اربع عشرة مرة في الخطاب.

        من الواضح أن الساسة يستعملون الخطابة لدفع أهدافهم الى الأمام. لكن هذه الاجراءات وتلك الخطابة ينشئان دينامية توقعات وعندما تخيب هذه تفضي الى احباط والى انفجار في نهاية الأمر.

        يمثل نتنياهو وحكومته المجتمع الاسرائيلي بقدر كبير. تدل استطلاعات الرأي العام على مسارات تطرف – تبلغ حد العنصرية – في الرؤية اليهودية للعرب، وعلى اغتراب وعدم ثقة بنوايا العرب وأهدافهم. فلن يكون عجيبا في هذا الوضع ألا يوجد ضغط عام على الحكومة للتقدم في المسار السياسي، وكذلك جاز اعلان وقف الاتصالات الدرامي بلا رد عام ذي شأن.

        في كل ما يتعلق بالسلام، اسرائيل موجودة اليوم في وضع يشبه الذي كانت فيه بعد حربي 1948 و1967: إذ كان ثمة امكانية مسارات سياسية، لكن الثمن الذي كان يجب على اسرائيل دفعه عنها كان يُرى باهظا غير مرغوب فيه. واستمرار الوضع الراهن الان ايضا يبدو أفضل من تغييرات يراها الاسرائيليون مُهددة وإن لم تكن كذلك بالضرورة.

        وهكذا تواجه اسرائيل في العقد الأخير غير قليل من المبادرات العربية للتفاوض: خطة السلام العربية، واقتراحات تفاوض من قبل سوريا، واستعداد فلسطيني للتقدم، بل تصريحات معتدلة من حماس. ردت اسرائيل على كل ذلك – على اختلاف حكوماتها – ببرود وعدم اكتراث وضبط للنفس (ما عدا فترة أواخر حكم اهود اولمرت). لا يمكن أن يُعد الرد الاسرائيلي الضعيف على هذه الاقتراحات عرضيا أو متعلقا بالظروف بل هو بمثابة نمط سلوك. ومن جهة اخرى، وفي رد على ذلك، لم تعرض اسرائيل قط مبادرة تخصها تشير الى رغبتها في السلام. لهذا فان الاستنتاج المؤسف هو أن اسرائيل – حكومتها ومجتمعها – غير معنية بالسلام حقا؛ فهي في الأكثر تصدر أصوات سلام وهذا لا يكفي.