خبر ركْلُ قلب الشعور القومي.. هآرتس

الساعة 09:34 ص|15 ديسمبر 2010

بقلم: تسفي برئيل

(المضمون: خوف الأسرة المالكة في الاردن من نمو شعور الفلسطينيين بالظلم في المملكة وأن يتحول هذا الشعور الى انقلاب على الأسرة المالكة وأن تستغل اسرائيل هذا الشعور لمصلحتها في تقديم فكرة أن يكون الاردن وطن الفلسطينيين - المصدر).

انتهت اللعبة التي تمت يوم الجمعة بين فريق الفيصلي وفريق الوحدات في الدوري الاردني في كرة القدم الى فوز الوحدات 1 – صفر. لكن النتيجة ثانوية في هذه اللعبة التي أصبحت اعمال شغب بعد أن جُرح 250 مشجعا ورجل شرطة على إثر انهيار الجدار الحديدي الذي يفصل بين المشاهدين والملعب، وبعد أن بدأ مشجعو الفريقين التشاجر. لم يكن ذلك تشاجر مشجعين فقط صاحبه ترامٍ بالحجارة، وهراوات رجال الشرطة التي هشمت العظام واعتقال المشاغبين، بل ساحة حرب وطنية، تصارع فيها مشجعو الوحدات، وأكثرهم فلسطينيون يمثلون نحوا من 1.8 مليون فلسطيني ومواطنون اردنيون من أصل فلسطيني مع فريق الفيصلي الذي يُمثل مواطني الاردن الأصليين.

ليست هذه اول مرة تصبح فيها لعبة بين هذين الفريقين معركة وطنية. في احدى الحوادث السابقة، التي وقعت في 17 تموز 2009 في مدينة الزرقاء، قطعت الشرطة اللعبة لان مشجعي الفيصلي بدأوا يشتمون اللاعبين الفلسطينيين، والملكة رانية وولي العهد، بسبب أصلهما الفلسطيني. هذه الحادثة التي أُبلغ عن قليل منها آنذاك في الصحف الاردنية التي تعمل تحت رقابة صارمة، أثارت اهتمام سفارة الولايات المتحدة في الاردن خاصة. فقد جهدت هذه في ابلاغها في احدى البرقيات اللاذعة التي أرسلتها الى وزارة الخارجية ونشرت في الاسبوع الماضي في "ويكيليكس".

تُبيّن البرقية، أن مصدر الشجارات بين الفريقين ينبع من التمثيل القومي المتعلق بكل واحد منهما: "فالفيصلي الذي أخذ اسمه من اسم الملك الهاشمي فيصل، تسيطر عليه القبيلة المهمة عدوان، التي يوجد مركز تأثيرها في مدينة السلط. أما الوحدات المسمى باسم مخيم اللاجئين الفلسطينيين الكبير، فيسيطر عليه رجل الاعمال طارق خوري الذي استغل منزلته في النادي لاحتياجات سياسية بل تم انتخابه لمجلس النواب بسبب ذلك في 2007".

للفريقين تاريخ طويل من الألعاب والمشاجرات. تقول السفارة الامريكية إن المواجهة بينهما "هي مقياس لمبلغ التوتر بين ناس الضفة الغربية وسكان الضفة الشرقية". بلغ هذا التوتر ذروته في 2009، حينما طلب مشجعو الفيصلي الى الملك عبد الله قائلين "طلِّقها (أي الملكة رانية)، وسنزوجك اثنتين منّا".

لكن يبدو أن ليست الهجمات في ذاتها هي التي أثارت اهتمام السفارة الامريكية كالرد الرسمي الاردني الواهن. "نشر الأمير علي، أخو الملك عبد الله غير الشقيق، الذي يرأس اتحاد كرة القدم الاردني، اعلانا يقول إن سلوك فريق الفيصلي لا يُحتمل، وفرض عليه غرامة قليلة نسبيا بلغت نحوا من سبعة آلاف دولار"، ورد في البرقية. كذلك ذُكر فيها "الهدوء الاعلامي" في الصحف الرسمية، حتى إن محللين يؤيدون نظام الحكم قد أُمروا كما يبدو بالامتناع عن الكتابة عن هذا الموضوع.

ترى السفارة الامريكية هذا الرد اشارة واضحة الى أن التوتر بين طائفتي السكان مقلق الى حد "أن المصادر الأقرب منا رفضت تناول الموضوع، مشيرة الى أنه يمس قلب السياسة التي تتناول الهوية الوطنية". ووافق أحد المصادر على أن يقول غير راغب، بأن اللعبة تشير الى "الجوانب القبيحة للقومية الاردنية المفرطة".

ينبع التوتر بحسب تقدير السفارة من نيّة الادارة الاردنية اجراء اصلاحات قد تضر باحتكار النخب الاردنية لمواقع السيطرة في الاردن وتقاسمها مع اردنيين من أصل فلسطيني يشكون منذ سنين التمييز المتعمد. ورد في ملاحظة ختامية في البرقية أن "صمت الملك عن اللعبة يصم الآذان" وأن "مسؤولين كبار في الادارة الاردنية يتساءلون عن عدم رده على الهجوم الشخصي على أبناء عائلته".

قال مصدر اردني هذا الاسبوع لصحيفة "هآرتس" إن "التوتر الثابت بين الفلسطينيين والاردنيين في الاردن لا يمكن تقويمه إلا بسلسلة من الاصلاحات التي تُمكّن الفلسطينيين من أن يصبحوا جزءا من النظام الأعلى في الاردن. لا يكفي أن يُعين الملك بضعة وزراء من أصل فلسطيني تظاهرا، كذلك لا يستطيع زواجه برانيا تسكين شعور الفلسطينيين بالظلم".

ليس الملك من جهته قلقا من التوتر الداخلي فحسب، الذي لا يحظى بنشر صحفي في الاردن، بل من امكانية أن تستغل اسرائيل هذا التوتر لتدفع قُدما بفكرة "الوطن البديل"، وظاهرها أن الاردن هو الدولة الفلسطينية.

أقلق راحة البلاط الملكي في الاسبوع الماضي الحلقة الدراسية التي بادر اليها عضو الكنيست أريه الداد، والتي دعا اليها عضو البرلمان الهولندي المعادي للاسلام حيريت فيلدرز – تحت عنوان "هل يمكن أن يصبح الاردن دولة الشعب الفلسطيني". أرسل الاردن الى اسرائيل رسالة احتجاج على اقامة الحلقة الدراسية، وسارع وزير الخارجية الهولندي الى تهدئة النفوس، عندما أوضح أن حكومة هولندا تبرأ من كلام فيلدرز الذي يقول إن الاردن هو وطن الفلسطينيين. لكن كلام تهدئة النفوس هذا لا ينجح في تهدئة جأش الملك. تظن مصادر اردنية انه الآن أكثر خوفا مما كان في الماضي من أن تشجع السيطرة اليمينية على السياسة الاسرائيلية وجمود التفاوض مع الفلسطينيين، سياسة اسرائيلية تتبنى الخيار الاردني بصفته دولة فلسطينية.

الملك خائب الأمل جدا ايضا من فشل الجهود الامريكية لاقناع اسرائيل بأن تجمد البناء في المستوطنات الذي يُبعد احتمال التفاوض في رأيه. هذا الفشل لذلك يزيد خطر ان يفضل مواطنون فلسطينيون من الضفة والقدس الانتقال الى الاردن وأن يزيدوا بذلك نسبة الفلسطينيين في المملكة زيادة قد تُعرض استقرارها للخطر.