خبر علاقاتنا الى أين؟ محظور الاعتذار لتركيا.. اسرائيل اليوم

الساعة 09:33 ص|15 ديسمبر 2010

بقلم: بوعز بسموت

المضمون: ينبغي لنا أن نشكر جدا المساعدة التركية في اطفاء الحريق في الكرمل، والاسف لفقدان حياة تسعة أتراك في مرمرة، حتى لو كانت دوافع الاسطول استفزازية لغرض الاستفزاز، ولكن يجب الا نعتذر، فهذا مؤشر على الضعف - المصدر).

لاسرائيل وتركيا يوجد اليوم شيء مشترك، وليغفر لي رئيس الوزراء التركي اردوغان: للدولتين يوجد وزيرا خارجية أقل اعتدالا بكثير، على اقل تقدير، من موظفيهم في وزارتيهما. ولعل هذا يشرح الاشارات الايجابية التي تصل الينا من وسائل الاعلام التركية في الاونة الاخيرة. مصدر هذه الانباء الايجابية يعود الى موظفين كبار في أنقرة، يبشرون بانعطافة محتملة ايجابية في علاقات الدولتين. وحسب مقالات افتتاحية في تركيا، فاننا على مسافة خطوة من المصالحة، فقط اذا ما قبلنا بالصيغة التي تقترحها أنقرة، تلك التي تتمثل بـ "نأسف – وانتهينا". فهل حقا؟

من كثرة الانباء عندنا في الاونة الاخيرة، دحرت تركيا قليلا الى الزاوية. ما العمل في انه في الوقت الذي هددنا فيه اردوغان من لبنان في شهر تشرين الثاني ("تركيا لن تجلس جانبا الى ما هاجمت اسرائيل مرة اخرى لبنان أو قطاع غزة") كنا منشغلين بـ "أ"، واليوم، حين يطرح السؤال اذا كان ينبغي لنا ان نعتذر لتركيا عن احداث الاسطول كما تطالب هي نكون مشغولين بالكوارث الطبيعية.

الازمة الشديدة مع تركيا لم تنشب مع الاسطول. بالعكس، الاسطول كان نتيجة الازمة الاخذة في التعاظم مع تركيا بمبادرة أنقرة: من مسرحية الرعب لاردوغان في دافوس بحضور الرئيس بيرس غداة حملة رصاص مصبوب وحتى التهديد في لبنان، اضطروا في القدس الى احتمال الكثير من الوحل من الصديقة الكبرى السابقة. وباستثناء اهانة السفير التركي من قبل نائب وزير الخارجية ايالون، وهي الزائدة جدا وغير اللطيفة، امتنعت اسرائيل عن الانجرار وراء الاستفزاز التركي.

السؤال في ما سعى اليه اردوغان لتحقيقه في تصعيد العلاقات معنا لم يعد يطرح. لرئيس الوزراء التركي، الذي يترأس "حزب العدالة" يوجد توجه اسلامي ديني صرف. السياسة التي اختارها أدت في السنتين الاخيرتين بايران، بحزب الله وبحماس الى أن ترى من أنقرة كالثلاثي المقدس، بالضبط مثل المجلس الاول للقسطنطينية (اليوم اسطنبول)، التي اعترفت بمبدأ معتقد الاب، الابن والروح القدس.

ومن جهة اخرى، يمكن أن نخمن ما هي الدوافع البارزة لدى تركيا في محاولة لاستئناف قناة الاتصال مع اسرائيل وتسلية العالم بفكرة تطبيع العلاقات قريبا، ولكن أصعب من ذلك ان نعرف ماذا يريد اردوغان حقا. حتى اولئك الخبراء في عملية المفاوضات لا يعرفون ما هو الجواب – وهذا أمر بات يجعل الاعتذار رهانا زائدا.

تركيا، كما يجدر بالذكر، تطلب من اسرائيل الاعتذار والتعويض المالي لعائلات قتلى احدى سفن الاسطول، مرمرة. ليس لاسرائيل، حسب المنشورات التي تسربت عن الاتصالات بين الدولتين والتي بدأت في جنيف أي مشكلة مع دفع التعويض، ولا أيضا مع الدلالة التي تميز بين اسرائيل "تأسف" ولكن لا "تعتذر". يجب أن نفهم بان اردوغان في احدى كلماته امام البرلمان التركي، روى لي هذا الاسبوع زميل تركي، طرح شرطا ثالثا لعودة العلاقات الطبيعية مع اسرائيل: رفع الحصار عن غزة.

طلب "المغفرة" لاسرائيل من تركيا لن يولد واقعا جديدا في الشرق الاوسط. فهي لن تجمد النزاع، لن تجمد سعي منظمة الـ IHH التي بادرت الى تنظيم الاسطول العنيف، الى تنظيم اساطيل اخرى بل ولن تجمد مسعى تلك المنظمة "الانسانية" من مواصلة السعي الى جر اسرائيل الى محاكمة جنائية في المحكمة الدولة للعدل في لاهاي، تلك الهيئة القضائية التي قررت قبل ست سنوات بان جدار الفصل ليس قانونيا والحقت ضررا سياسيا – صوريا هائلا باسرائيل.

رغبة اسرائيل في تصفية القضية والامتناع عن الدعوى في لاهاي واضحة، ولكن يوجد حدود للثمن. صحيح أن تركيا هامة لاسرائيل استراتيجيا، ولا داعي للخجل – سياحيا، ولكن يوجد بديل، حتى لفرع السياحة. ما كان ينبغي لنا ان ننتظر ويكيليكس كي نرى بان العالم ليس معجبا ولا ينفعل لاداء اردوغان السياسي. بالعكس، دول بشكل عام تنتقده سياسيا، مثل فرنسا، قلقة من تركيا بقدر لا يقل عنا.

في الايام القريبة القادمة سيسافر وزير الخارجية التركي أحمد داوداوغلو الى واشنطن وهو يتطلع الى لقاء جيد مع بايدن ومعاملة حسنة في مجلس الشيوخ. مريح أكثر بكثير زيارة واشنطن وهو يحمل لغة تلمح بحل وسط محتمل في العلاقات.

ينبغي لنا أن نشكر جدا المساعدة التركية في اطفاء الحريق في الكرمل، والاسف لفقدان حياة تسعة أتراك في مرمرة، حتى لو كانت دوافع الاسطول استفزازية لغرض الاستفزاز، ولكن يجب أن نذكر كل اولئك الذين يوعظون بالمغفرة أين نحن نعيش، إذ هنا، اذا ما اقتبسنا جون واين من فيلم "أحاطت رقبتها بوشاح أصفر" – "لا تعتذر يا سيدي، فهذا مؤشر على الضعف".