خبر احتفال البناء في ذروته -هآرتس

الساعة 10:15 ص|14 ديسمبر 2010

احتفال البناء في ذروته -هآرتس

بقلم: درور أتكس

(المضمون: برغم حديث اسرائيل عن السلام، ما يزال البناء في الضفة الغربية في ذروته بلا مانع ولا رادع وهذا ما يجعل الفلسطينيين ينقضون معاودة مفاوضة اسرائيل - المصدر).

يستقبل من يزور الضفة في الاشهر الأخيرة ضجيج جرافات ومطارق هوائية تقتلع الجبال، والى جانبها محافير أسس ضخمة، تنثر غيوم الغبار التي تبدو عن بُعد كيلومترات. تعمل خلاطات اسمنت على مدار الساعة، وكل ذلك يتم في جو خطف بقدر المستطاع.

        في عشرات المستوطنات، وفيها مستوطنات لم يتحرك فيها حجر مدة سنين، تجري أعمال مستعجلة، يفترض أن تحقق لمئات العائلات الاسرائيلية الاخرى حلم البيت الملاصق للارض، الواقع فيما ما يزال يُرى في اسرائيل منظرا طبيعيا ريفيا. يضاف الى ذلك اعداد اراض ضخمة وبناء في أكبر المستوطنات، حيث لم تنقطع الاعمال فيها ولو للحظة عشرات السنين وهي: معاليه ادوميم، واريئيل، وموديعين العليا وبيتار العليا. بخلاف ما تم في الاشهر التي سبقت التجميد، وفي عشرة أشهر "التجميد" (التي لم تكن أكثر من حيلة دعائية صدرت عن بنيامين نتنياهو)، والتي تم فيها جزء كبير نسبيا من البناء في المستوطنات شرقي الجدار – انتقل البناء الذي بدأ في الاشهر الاخيرة مرة اخرى الى المستوطنات غربي مسار الجدار المُجاز، تلك التي تحاول اسرائيل أن تُعود العالم أن يراها جزءا من "كتل المستوطنات".

        لم يخلُ ايضا مكان البناء غير القانوني. فثمة مشروعات جديدة في مستوطنات رسمية ليس فيها حتى بيت واحد قانوني، مثل عالِيه وعوفرا تنمو كالفطر. لم يُر في البؤر الاستيطانية منذ زمن زخم بناء كثيف الى هذا الحد. والحديث في عدد منها – مثل شفوت رحيل، ونوف هريم، وبلغيه مايم، وبروخين ومتسبيه كرميم – عن بناء ثابت، لم يكن له مثيل منذ 2002 – 2003. يبني مئات العمال في جد مئات البيوت على نحو متراكم مع صرف النظر المطلق من الادارة المدنية، التي كان عشرات مراقبيها مشغولين كما يبدو في المدة الاخيرة بهدم مائدة التنزه وسلة القمامة التي وضعها المستوطنون قرب ينبوع بجوار ألون موريه. لانه لماذا يشغلون انفسهم بالامور الحقيقية اذا كان يمكن كما كانت الحال دائما الاستمرار على عدم فعل شيء سوى إرسال رسائل الى مراسلي المناطق عن اعمال فرض القانون.

        لم يُر بناء في المستوطنات بمقادير كهذه منذ فترة اهود باراك إذ كان رئيسا للحكومة – وهو الذي وبّخ الفلسطينيين في لحظة نادرة في المدة الاخيرة لعدم استعدادهم للعودة الى التفاوض، بحجة أن التفاوض في فترة رئاسته للحكومة استمر، برغم أن مقدار البناء كان أكبر بأربعة أضعاف مما هو اليوم. برغم المبالغة في كلامه، المثير في هذه الحال هو ما نسي باراك ذكره خاصة: وهو كيف انتهى ذلك التفاوض الذي أجراه مع الفلسطينيين.

        ربما هنا بالضبط يكمن سبب أن الفلسطينيين يطلبون العودة الى التفاوض. فقد كانوا ذات مرة في هذا الفيلم الذي بدأ مع 110 آلاف مستوطن في 1993 وبلغ الآن نحوا من 330 ألفا وما تزال اليد مبسوطة. لا عجب في هذا الوضع من انهم يفضلون نقل ساحة الصراع مع اسرائيل الى الامم المتحدة. فهم يُرون هناك كما كان اليهود في 1947 الجانب الضعيف الذي يحظى مطلبه الاعتراف بدولته في حدود 1967 على نحو طبيعي عادل بتأييد أكثر دول الجماعة الدولية.

        لم يعد الامر، كما شخصّه أحد اصدقائي منذ زمن بعيد هو اليمين في مواجهة اليسار في اسرائيل، لانه لم يعد يوجد يسار في اسرائيل. الحديث في واقع الامر عن معركة يجريها اليمين المستوطِن بمساعدة حكومة نتنياهو التي تُسوّف مع العالم كله، اذا استثنينا اصدقاءنا الجدد في حلقات اليمين الفاشي الجديد في اوروبا والانجليكاني في الولايات المتحدة. يجدر باسرائيل مع هؤلاء الاصدقاء أن تزن في جدية التوصل الى سلام مع العالم العربي وسريعا.