خبر « صهيونية »- يديعوت

الساعة 10:14 ص|14 ديسمبر 2010

"صهيونية"- يديعوت

إذهب إذهب يا محمد من بلادك، من وطنك ومن بيت أجدادك

بقلم: يرون لندن

كل طرف من الاطراف التي تكافح في سبيل طابع الدولة يدعي بانه المفسر المخول للصهيونية وان خصومه شاذون. وحتى الاصوليون الاشكناز، الذين قاتل اباؤهم بمرارة ضد حركة تحرير الشعب اليهودي، يتصدرون الان مستعينين بحجة أنهم هم الصهاينة الحقيقيون.

جملة المواقف التي تتعلق بالصهيونية تتضمن الامر ونقيضه، ولكن دوما خير للانسان السياسي ان يعتمد على سند من المدرسة القديمة. اذا قال ان رأيه معفي من الحاجة لتبرير ذاته بواسطة الصهيونية، فلا ريب أن الرأي العام سيقف ضده. التيار المركزي في المجتمع الاسرائيلي اليهودي يشعر بانه من الخطيئة عدم تبني الصهيونية، مهما كان معنى هذا التعبير.

سأروي لكم عن حدث وقع لي وهو تحصيل حاصل لنشاط أحد فروع الصهيونية. جاء الي زميلي في الصف في المدرسة الثانوية. صديق روحي هذا هو عربي، رجل مثقف وثري. احتسينا القهوة. "انت أخي"، قال لي بصوت أشج، "وبسبب مهنتك أنت تلتقي باناس ذوي نفوذ. ما الذي يفكرون به حقا عن المستقبل في هذا المكان؟".

هم لا يعرفون اكثر منك ومني، أجبت له وخمنت ما في قلبه.

قال: "أنا أتابع القوانين الجديدة التي تطالبني باعلان الولاء، وأقرأ نتائج الاستطلاعات عن موقف اليهود من العرب، وأنا أخاف على أبنائي وأحفادي، وأنا أسأل نفسي اذا كان ينبغي لي أن أفر من هنا. قل لي اذا كنت أشعر هكذا لاننا بتنا شيوخا وضعفاء، أم لانه يوجد حقا مما أخاف منه. قل لي الحقيقة".

قلبي تفطر، ولكني قلت الحقيقة. خاب أملي في أن يأتي يوم وكل أبناء هذه البلاد يتساوون في الحقوق بل ويشعرون بأنهم متساوو القيمة. قلت له: "حتى الأبد سيحرص اليهود على أن تعيشوا في احساس مستمر بالمهانة. أنت لست قوميا فلسطينيا متزمتا، ومستقبل عائلتك أهم لك من نتائج المعركة التاريخية بين اليهود والعرب. في كندا، في استراليا او في الارجنتين لن تشعر كما تشعر في وطنك، ولكن احفادك سينقذون.  خُذ العائلة وانصرف قبل أن يفوت الاوان. سنتكاتب على الانترنت".

غرق صديقي في مقعده وصمت. كانت هذه لحظة غير طيبة.

في موعد  قريب من 29 تشرين الثاني 1947، اليوم الذي قررت فيه الجمعية العمومية اقامة دولة يهودية في بلاد اسرائيل، تفكر حاييم وايزمن في صورة الدولة التي بعد عدة اشهر سيتولى منصب رئيسها الاول: "شريان الحياة لمجتمع مستقر هو العدل، وينبغي له أن يكون متساويا لكل الناس. محظور أن يكون دستور واحد لليهودي ودستور آخر للعربي. علينا أن نتمسك بالامر الاساس الذي وجد تعبيره في التوراة: "توراة واحدة وقضاء واحد سيكون لكم ويسكن الغريب معكم"... أنا واثق بان العالم سيحاكم الدولة اليهودية حسب ما تتعامل به مع العرب".

وفكر ايضا وسجل لنفسه: "باعتقادي، أن واجبنا هو أن نوضح منذ البداية بانه مع أن الدولة ستتعامل بكل الاحترام مع المشاعر الدينية للطائفة، لن تتمكن من ان تعيد عقارب الساعة الى الوراء لتجعل الدين أساس الاسس في قيادة الدولة... النموذج الحقيقي للرجل الديني لم يكن ابدا عدوانيا من ناحية سياسية. بالعكس، فهو لا يسعى الى الابهة، وفقط النموذج الجديد العلماني للحاخام، الذي يشبه قليلا عضو حزب ديني في الماني، في فرنسا او في بلجيكا يحدق منه الخطر... الحرب (ضدهم) ستكون جسيمة. أنا أرى بان بانتظارنا شيء قد يذكرنا بالحرب الثقافية في المانيا، ولكن علينا أن نكون حازمين، اذا كنا نحب الحياة".

لم ننصت لهذا التحذير.

(شكري لصديقي، البروفيسور افرايم ياعر الذي وجه انتباهي الى هذا النص، من كتاب "كتلة وفعل").