خبر المفاوضات «في أزمة صعبة» .. مجرد أزمة!! ..ياسر الزعاترة

الساعة 11:11 ص|11 ديسمبر 2010

المفاوضات «في أزمة صعبة» .. مجرد أزمة!! ..ياسر الزعاترة

في تعليقه من أثينا على الإعلان الأمريكي عن فشل الجهود الرامية إلى إقناع نتنياهو بتجميد الاستيطان لمدة ثلاثة أشهر من أجل استئناف المفاوضات المباشرة، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن مفاوضات السلام قد دخلت في أزمة صعبة، وإنه يأمل في "أن يحين قريباً الوقت الذي يضطلع فيه الاتحاد الأوروبي بدور مع الولايات المتحدة" في عملية المفاوضات.

 

هي مجرد أزمة إذن (أزمة تفوت ولا حد يموت). أزمة تنجلي ولا أحد يستقيل ولا سلطة تنحل ولا هم يحلون. أرأيت كيف خرج المستشارون يفسرون وينفون حين أثر عن الرئيس ما يفيد بإمكانية حل السلطة، فيما لم نعد نسمع بحكاية الاستقالة كثيراً، ربما لأن شيئاً لن يترتب عليها، إذ يتوفر في الطاقم الموجود من يمكن أن يقومون بالواجب، والإسرائيليون ليسو أغبياء بحيث يتركون أنفسهم رهن الخيار الواحد.

 

ثم إن واشنطن لم تقل إنها يئست من عملية السلام، أو أنها بصدد التوقف عن جهودها لاستئناف المفاوضات، وها قد دعت الطرفين إلى واشنطن لإطلاق ما يمكن وصفها بمفاوضات غير مباشرة، ولعلها اقتنعت بحجة نتنياهو في رفضه تجميد الاستيطان، إذ كيف له وهو "الصقر الصهيوني" الكبير أن يفعل ما لم يفعله أسلافه، بمن فيهم الضعفاء على شاكلة أولمرت، والذي واصلوا الاستيطان، بل سعّروه أثناء المفاوضات، في وقت لم يكن الرئيس الحالي بعيداً عن سلطة القرار في رام الله؟

 

قبل أيام واجهنا أحدهم في برنامج تلفزيوني فكان يرفض مقولة أن الرئيس قد هدد بحل السلطة، ربما لكي لا يعترف بأن وجودها مصلحة إسرائيلية، لكنه دافع أيضاً عن التنسيق الأمني حين طالبنا قادة السلطة بالقيام بأضعف الإيمان في مواجهة الصلف الإسرائيلي ممثلاً في وقف التنسيق الأمني، وذلك بدعوى أنه وفر علينا ومعه وقف المقاومة بعض الجثث (الجثث وليس الشهداء).

 

شكراً لكم، مع أن علينا أن نسألكم بناءً على هذه النظرية العظيمة عن الآلاف المؤلفة من "الجثث" التي ضاعت خلال حروب المنظمة وحركة فتح، والتي كان بعضها صائباً وبعضها الآخر عبثياً منذ عقود وإلى الآن، وهل كان الشهداء مخطئين حينما خاضوا تلك الحروب، أم أن الخطأ من نصيب أصحاب القرار الذين لم يدركوا إلا متأخرين أن ما أخذ بالقوة لا يمكن أن يسترد بالقوة لأن قوة العدو أكبر، ما يستدعي اتباع سياسة الاستجداء، وفي أحسن تقدير سياسة إحراج العدو أمام الرأي العام الدولي التي جربناها منذ أكثر من عشرين عاماً إلى الآن بلا جدوى.

 

لا جديد إذن لدى القوم بعد الإعلان الأمريكي الجديد، فهم سيذهبون إلى واشنطن، وسيواصلون "إحراج" عدوهم، أو "شريكهم التفاوضي"، كما سيذهبون إلى لجنة المتابعة العربية التي يستبعد أن تطالبهم بحلّ السلطة أو أن تطالب الرئيس بالاستقالة، ودائماً حرصاً على مصالح الشعب الفلسطيني.

 

ولعل السؤال الذي كان ولا يزال يُطرح على هؤلاء ومن يمنحونهم المرجعية، هو ماذا كان سيحدث لو وافق نتنياهو على تجميد الاستيطان لمدة ثلاثة أشهر؟ هل كانت المدة المذكورة ستكفي لإنجاز ما لم يُنجز خلال عشرين عاماً، وما هو الإنجاز المتوقع منها؟

 

إذا لم يكن الأمر مجرد توفير سلم للنزول عن الشجرة التي صعدوا إليها عندما تبنوا شرط وقف الاستيطان إثر تبنيه من قبل أوباما، فإن الأمر لن يتجاوز إعلان "اتفاق إطار" فضفاض يعطي الشرعية للمخطط الذي يتحرك على الأرض منذ أربع سنوات ممثلاً في ترتيب شأن الدولة المؤقتة بعد تراجع الرفض السابق لها، وإعلان إمكانية القبول بها إذا كانت محطة للحل الدائم (هم يدركون أنها ستتحول إلى دائمة ذات نزاع حدودي مع جارتها).

 

لا حاجة إلى التذكير هنا بأن حكاية البحث عن اعتراف دولي على دولة بحدود 67 ليست سوى خطوة استعراضية لأن القرارات الدولية على هذا الصعيد كثيرة، لكن من يتحكم بالأرض هو الذي يحدد ماهية تلك الدولة أكثر من أي أحد آخر.

 

في هذه الأجواء، ستكون الفرصة مهيأة أمام حركة حماس والجهاد وبعض المؤمنين بخط المقاومة أن يطرحوا رؤية جديدة حول إدارة بالتوافق لقطاع غزة بوصفه منطقة محررة (من الداخل)، مع مقاومة شاملة في جميع المناطق، إلى جانب العمل على إعادة تشكيل منظمة التحرير كي تمثل جميع الفلسطينيين وتقرر طبيعة حراكهم في مواجهة الاحتلال.

 

هل سيحدث شيء من هذا؟ الإجابة لا على الأرجح مع الأسف الشديد، ما يعني أننا سنظل في انتظار الهبة الجماهيرية في وجه الاستيطان وتهويد القدس، والتي ستشعل الانتفاضة الجديدة وتضع حدا للعبة السلام الاقتصادي التي يستمتع بها الصهاينة، كما يستمتع بها من الطرف الفلسطيني رجال المال والأعمال وحملة بطاقات الفي آي بي وضباط دايتون (الآن مولر) في الضفة الغربية. وستكون تلك الانتفاضة أكثر أهمية إذا تبين لاحقا أن القوم يديرون مفاوضات سرية بعيدا عن الأعين والكاميرات كما فعلوا سابقاً في أوسلو.

 

صحيفة الدستور الأردنية