خبر وكالة الأونروا وتراجع خدماتها الصحية / بقلم علي بدوان

الساعة 07:01 م|09 ديسمبر 2010

وكالة الأونروا وتراجع خدماتها الصحية / بقلم علي بدوان

 

يعاني ويكابد الشعب الفلسطيني في عموم الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 أوضاعًا اقتصادية وصحية وتعليمية صعبة جدًا، فضلاً عن المعاناة الناجمة عن وجود الاحتلال ذاته وسياساته القائمة على مصادرة الأرض واستمرار عمليات تهويدها، كما في الانقسام الداخلي وذيوله الذي بات مصدر قلق كبير لمجموع قطاعات الشعب الفلسطيني في فلسطين والشتات على حد سواء.

 

وما زاد (الطين بلة) على حد تعبير المثل الشعبي الفلسطيني، أن خدمات وكالة الأونروا باتت بدورها تتراجع من حين لآخر نتيجة الاختناق والشح المالي الذي تعاني منه الوكالة منذ سنوات خلت، وازدياد الأعباء الملقاة عليها مع تزايد حاجات مجتمع اللاجئين الفلسطينيين، خصوصًا في ظل الحصار المطبق على قطاع غزة منذ أربعة أعوام، فقد سبق وأن لعبت وكالة الأونروا دورًا مهمًا في توفير الرعاية الصحية للفلسطينيين، انطلاقًا من دورها المنوط بها داخل المجتمع الفلسطيني بشكل عام ومجتمع اللاجئين منه بشكل خاص،

 

فقد تراجعت تقديمات وكالة الأونروا بجوانبها الثلاثة الصحية والتعليمية والإغاثة الاجتماعية، وهو ما انعكس سلبًا على جوانب الحياة المختلفة للفلسطينيين الذين يشكل اللاجئون منهم غالبية سكان قطاع غزة (بحدود 65%) وبحدود (40%) من سكان الضفة الغربية والقدس ناهيك عن الشتات في بلدان الطوق المحيطة بفلسطين (سوريا، لبنان، الأردن) والتي يتواجد فوق أراضيها الجزء الآخر من الشعب الفلسطيني.

 

ان التراجع والتخفيض في برامج الوكالة وخدماتها الذي يتعاكس مع الزيادة الطبيعية في أعداد اللاجئين الفلسطينيين, ترك اثارًا كارثية طالت الجوانب الانسانية والاجتماعية لعموم اللاجئين الفلسطينيين في فلسطين والشتات, في وقت أصبح فيه اللاجئون الفلسطينيون أحوج ما يكونون إلى الاونروا وخدماتها في هذه المرحلة الصعبة بسبب عوامل مختلفة سياسية واقتصادية حادة تركت آثارها السلبية على عموم التجمعات وعلى اللاجئين الفلسطينيين بشكل خاص.

وعلى سبيل التوضيح، فإن سجل نظام الرصد الوبائي الذي تديره وكالة الأونروا ويغطي كل سكان قطاع غزة، فإن هناك زيادة في انتشار الأمراض التالية: الاسهالات الحادة بشقيها المائي والالتهابي والتهاب الكبد الفيروسي.

 

في هذا السياق، تتواتر المعلومات المخيفة التي تتحدث عن انتشار حالات متزايدة من أمراض التهاب الكبد الوبائي من النوع (بي) والتهاب الكبد الوبائي من النوع (سي) بشكل متفاوت في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ووصول نسب الإصابة به إلى حدود (2,5%) على المتوسط في عموم المناطق المحتلة عام 1967، وذلك نتيجة تراجع خدمات وكالة الأونروا بجوانبها الثلاثة، ومنها الجانب المتعلق بالرعاية الصحية والرعاية الصحية الوقائية، وتراجع عملية تطعيم المواليد الجدد، واستخدام حقن عضلية بعد غليها لعدة حالات نتيجة فقدانها في السوق بفعل الحصار، برغم المساعدات الكبيرة، والتي وصلت، والتي لا تلتزم دائمًا باللوائح التي تضعها الجهات الفلسطينية المعنية بشأن الحاجات الضرورية، فهناك نقص في العديد من الأدوية والمواد الأساسية والتي تتجدد باستمرار.

 

فمرض الوباء الكبدي المعروف بالمرض الصامت، يصيب الآن نحو (300) مليون شخص في العالم حسب المعطيات الأخيرة لمنظمة الصحة العالمية، وينتشر وفق ثلاثة تصنيفات، أولها في مناطق نسبة انتشار المرض فيها منخفضة وتصيب (2%) من عدد السكان، ومنطقة متوسطة ونسبة المصابين فيها تتراوح بين (2% ـ و7%) وهذا يعني أن فلسطين في الحد الأدنى من المتوسط، وأخيرا منطقة انتشار عالية وتزيد على (7%) كما هو الحال في مصر وبعض الدول العربية.

 

ورغم طمأنة الجهات الرسمية الفلسطينية بقولها "إن انتشار المرض ما زال ضمن المستويات الطبيعية، وأن نسبة انتشاره في الأقطار العربية المختلفة ومنها الخليجية أكثر من نسبة انتشاره في فلسطين "إلا أن قلق المواطنين الفلسطينيين والأطباء يتزايد من تأثيراته".

وتشير التقارير الطبية الفلسطينية ان معدل انتشار هذا المرض في الضفة الغربية بلغت معدل (0,5 لكل 100 ألف من السكان)، أما عن معدل حاملي الفيروس فأشار التقرير إلى التبليغ عن (1983) حالة لحاملي المرض (لا يتأثرون بالفيروس لكنهم قد ينقلونه لغيرهم) بمعدل إصابة (35,1 لكل 100 ألف) من السكان، غالبيتها في الضفة الغربية (1025) بمعدل إصابة (40,9 لكل 100 ألف)، والباقي في غزة (357 حالة) بمعدل إصابة (24,0).

أما التهاب الكبد الوبائي (سي) الأشد خطورة، فذكرت الإحصائيات أنه تم خلال نفس العام رصد حالتين فقط بين سكان الضفة الغربية، في حين سجلت (166) حالة لحاملي المرض من السكان، منها (122) حالة في الضفة الغربية و(44) في قطاع غزة.

 

ويشار إلى أن أمراض التهاب الكبد الانتانية الالتهابية (التهاب بي + التهاب سي) تعتبر من الأمراض الصامتة والقاتلة، إذ تظهر فجأة دون مقدمات بعد أن تكون قد استفحلت داخل النسيج الكبدي، ويصبح أمر القضاء عليها عسيرًا وتنتهي بصاحبها نحو الموت أغلب الأحيان.

وتختلف العوارض من شخص إلى آخر، حسب الإصابة الكبدية وسببها ونوعها، وما يقع عادة مع أصحاب الإصابات الكبدية الشائعة حالات من اصفرار الوجه والهزال الجسدي، وفقدان الشهية، وارتفاع وظائف الكبد ... الخ، وتنتهي الأمور إما بوقوع حالة "تليف أو تشمع كاملة للكبد" أو إلى داء "السرطان الكبدي" حيث تبقى عملية (زرع كبد جديد) هي المجال الوحيد المتاح لإنقاذ حياة الإنسان المصاب، وهي عمليات جراحية مكلفة جدًا وصعبة في الوقت نفسه ومحفوفة بالمخاطر.