خبر كراهية العرب- معاريف

الساعة 09:19 م|08 ديسمبر 2010

 

كراهية العرب- معاريف

بقلم: ياعيل باز ملماد

في اليوم الذي انهار فيه جوهر شبكة شركة "سلكوم"، نشر في وسائل الاعلام أننا أصبحنا رسميا دولة عنصرية من اسوأ نوع. لنبدأ بأقسى المعطيات: يعتقد ثلث الجمهور انه ينبغي ادخال مواطني اسرائيل العرب معسكرات حصار زمن الحرب. معسكرات حصار. لا أقل من ذلك. هلّم نترجم هذا الى لغة الفعل: يعتقد اليهود (ينبغي افتراض انهم ليسوا عربا) انه ينبغي اخراج مواطنين اسرائيليين من بيوتهم مع اطفالهم وشيوخهم، وحبسهم في معسكرات، واحاطتهم بأسلاك شائكة، ووضع رجال شرطة بل جنود حولهم، وإبقاؤهم هناك الى أن يقرر شخص ما انه يمكن اطلاق سراحهم الى بيوتهم وحياتهم. فماذا اذا أثاروا غضبنا مرة اخرى؟ سنسارع الى حبسهم مرة اخرى.

لنتابع. يعتقد 55 في المائة من الجمهور انه ينبغي أن يتم تخصيص للعرب موارد أقل مما يخصص لليهود. و86 في المائة على قناعة بأنه يجب اتخاذ القرارات المصيرية للدولة بأكثرية يهودية فقط. ويعتقد 53 في المائة انه ينبغي العمل من اجل هجرة المواطنين العرب، ويريد 70 في المائة ألا يتم تعيين عدد كبير من العرب في مناصب رفيعة. لا تيأسوا. فثمة معطيات اخرى تُبين مبلغ وطنيتنا: إن 81 في المائة فرحون جدا لانهم اسرائيليون، ونفس النسبة تُحب الجيش الاسرائيلي وتؤمن به كثيرا. ربما لاجل ذلك يريدون تسهيل عمله زمن الحرب بادخال العرب في معسكرات حصار.

وُجِدَت هذه المعطيات وكثير غيرها باستطلاع رأي شامل عن المعهد الاسرائيلي للديمقراطية، كُشف النقاب عنها بما أفظعنا في يوم الثلاثاء الماضي ونشرت في يوم الاربعاء. ينبغي أن نأخذ في الحسبان أن هذه هي المعطيات بين الجمهور عامة اليهود والعرب (بيد أن النسب أعلى كثيرا بين اليهود). إن كلمة زلزال فيها شيء من عدم الافراط في وصف ما يُبين هذا الاستطلاع، بيد انه لم تكن لنا هواتف محمولة، ومن ذا يهمه الجنون المطلق، والجهل، والحماقة، والحيونة التي رُميت بها وجوهنا على نحو جاف بالارقام والحقائق. لم يطلب أي عضو كنيست بحثا عاجلا للموضوع (وما يزال هذا صحيحا حتى يوم الخميس)، ولم يطرح أي وزير هذا الموضوع في الحكومة، وقد حزن وزير التربية إثر خسارة ريال مدريد في "السوبر كلاسيكو"، وتناولت وسائل الاعلام في أكثرها عدم تعيين القائد العام الجديد للشرطة، ذاك الذي سيضطر الى العناية بحراسة معسكرات الحصار ايضا.

لهذا يفضل اختيار شخص ما مناسب حقا. والحقيقة انه لا يجوز لنا، نحن القوى السليمة العقل في الدولة، الاعتماد على القيادة. فوضع الديمقراطية آخر شيء يشغلها. فمن الذي يمكن الاعتماد عليه؟ هل على الثلثين الذين لا يعتقدون انه ينبغي ادخال العرب في معسكرات حصار، أم على الـ 46 في المائة الذين لا يؤيدون اقتراح الالزام بتصريح ولاء للدولة. ليس هذا قليلا. انها قوة جدية لكنها مبعثرة في احزاب كثيرة جدا، وفي منظمات وجمعيات تشغل نفسها في الأساس بحقوق اللاجئين السودانيين، ومن ذا يملك الرأس والقوة ليزعزعه أن مئات آلاف المواطنين الاسرائيليين من غير اليهود يُعدّون في نظر مئات آلاف من اليهود غبار بشر لا يستحقون حقوق مواطنة أساسية. لنحل قبل ذلك مشكلة بضعة آلاف من اللاجئين السودانيين ولنرَ آنذاك. ربما.

ليس زلزال استطلاع الرأي هذا خاصة في وصف الوضع الذي صدقته الأرقام، بل في أن أحدا لا يخجل من الاعتراف بذلك على رؤوس الأشهاد. ففي المناخ السياسي والثقافي لاسرائيل في فترة خطب افيغدور ليبرمان التحريضية يكاد هذا يكون شعارا عاما. ليعش كارِه العرب. فكلما أصبحت الكراهية أكبر، أصبحت تعتبر في نظرك الذاتي وفي نظر من حولك أشد شعورا بالوطنية. هذا حراك معروف معلوم لكل من يعرف شيئا ما في التاريخ القريب جدا لدول مثل المانيا النازية.

لكننا أكثر استنارة. فمعسكرات الحصار ستظل الى أن يمضي غضب الحرب. ولن يُجوعوا العرب هناك حتى الموت. دعونا نجتاز الحرب فقط وعندها تستطيعون العودة الى بيوتكم. يجب على أصحاب الشعور الوطني الحقيقي في هذه البلاد توحيد القوى لمجابهة هذا التصور الليبرماني والكهاني الفظيع. ولمجابهة ضعف قيادة وصلت الحكم بسبب هذه الروائح السيئة خاصة. يجب على الاشخاص الطيبين في هذا البلد وهم كثير ترك كل شيء وأن يَجْروا لانقاذنا من أنفسنا.