خبر أسرار معروفة مسبقا وسام شرف للصحافة المكتوبة.. يديعوت

الساعة 03:53 م|07 ديسمبر 2010

بقلم: سيفر بلوتسكر

(المضمون: بوسائلها الهزيلة نسبيا نجحت الصحافة المكتوبة الحرة في أن تقدم لقرائها صورة للعالم تطابق تقريبا تماما صورة العالم التي تنشأ عن البرقيات السرية للدبلوماسية الامريكية - المصدر).

جيمس روبين، الذي كان الناطق بلسان وزيرة الخارجية الامريكية مادلين اولبرايت في ادارة بيل كلينتون نشر مؤخرا مقالا في نشرة الانترنت لمجلة "نيو ريببلك" الامريكية تحت عنوان (تغير في هذه الاثناء): "تسريبات ويكيليكس – ضربة قاضية لليسار المتطرف". هذا اليسار، كما قدر روبين، ترقب بحبس للنفس لكشف فضائحي، يثبت شرور الادارة – وخاب أمله بشدة. فالبرقيات الدبلوماسية التي كشفت وان كانت رسمت بعمومها صورة قوة عظمى محرجة ومترددة، الا انها بالتأكيد ليست امبراطورية شر.

"لا تؤجد مؤامرة ولا يوجد تظاهر"، كتب روبين، "الدبلوماسيون الامريكيون أبرقوا للمسؤولين عنهم في واشنطن بنفور وغضب عن ازدواجية الوجه، الفساد، الطمع، قمع حقوق الانسان والسخرية الاجرامية لزعماء بارزين، معظمهم في العالم غير الديمقراطي. ليس هكذا تصوروا في اليسار العميق للهزة الارضية العالمية التي ستحدث بعد الكشف".

ليس اقل، بل أكثر بكثير، خاب أمل اليسار المتطرف من القصة الاسرائيلية كما تظهر في البرقيات السرية. عبثا انتظروا هناك مكتشفات عن اسرائيليين يتناولون لوجبة الفطور رضع عرب ويشعلون نار الفزع الكاذب في مسألة النووي الايراني.

لو أكد كاتبو البرقيات أهم ما في أو بعضا منه على الاقل، ما ورد في الـ الدعاية المتطرفة المناهضة لاسرائيل، لكان مؤسس ويكيليكس حُمل على اكتاف نشطاء اليسار العميق كبطل سام، ولكن تبين بان صورة اسرائيل ليس فقط لم تتضرر من الكشف، بل تحسنت جدا، وان سلسلة من رؤساء الدول، بما في ذلك في العالم العربي، يشاركون القلق الاسرائيلي من نظام الظلام في طهران ويرون فيه الخطر الاساس على البشرية بأسرها.

وفي لحظة تحول أسنج من ذخر الى عبء. في مواقع اليسار غريب الاطوار بدأت تظهر مقاطع من التحليلات المفعمة بالتشهير بويكيليكس لدرجة وصف الموقع بانه الذراع الطويلة للموساد. وهكذا انقضت هالة المجد.

اليسار العقائدي فوجيء وهو غاضب. بالمقابل، فان قراء الصحف في العالم الحر لم يفاجأوا. إذ ان هذا هو الاستنتاج الواضح الذي ينشأ عن محيط برقيات ويكيليكس. الصحافة المنفتحة والليبرالية لا تكذب. ما نشر فيها – هو الحقيقة بجسدها. بما في ذلك أخطاء القذافي، فتيات برلسكوني، الحساب البنكي لاردوغان وحرب الابادة للقيادة الشيوعية الصينية ضد غوغل.

بوسائلها الهزيلة نسبيا نجحت الصحافة المكتوبة الحرة في أن تقدم لقرائها صورة للعالم تطابق تقريبا تماما صورة العالم التي تنشأ عن البرقيات السرية للدبلوماسية الامريكية ومن المعقول الافتراض لدبلوماسية دول اخرى ايضا. التسريبات لم تغير ولم تقدم ما هو جديد. فقد عرفت الصحافة والصحفيون (ورووا لقرائهم) الاسرار الكتيمة قبل ان يطبع الدبلوماسيون اختامهم "السرية" عليها.

قبل نحو أربعة أشهر، عندما نقل ويكيليكس تقارير ضباط استخبارات امريكيين من ميادين القتال في افغانستان كتبت هنا: "مواقع الانترنت، بصفتها منتجات لشبكة عالمية، قادرة على تلقي المعلومات من مصادر مغفلة، ستعمل في المستقبل كمراكز التقاط لوثائق مسربة وشهادات من الميدان. اما الصحف من جهتها فسيتعين عليها أن تعيد تعريف نفسها كمن يساعد القراء على فهم فوضى العالم وترتيب فسيفساء لغز الواقع".

حيال كوم البرقيات الدبلوماسية السرية كان بوسعي أن ارتب الامور على نحو مغاير بعض الشيء: الصحافة المكتوبة ليس فقط ستساعد قرائها على أن تنظم مقاطع المعلومات الخامة المسربة الى مواقع الانترنت في صورة للعالم مفهومة. وهي ستسبق المواقع في قدرتها على تركيب الصورة الحقيقية من المواد الموجودة لديها، كما حققتها بقواها الذاتية. الكشف الذي سيأتي من الشبكة سينخرط في الكشف الذي سبقه.

في اختبار الدقة من حيث الحقيقة ومصداقية التحليل تلقت الصحافة المكتوبة الحرة هذا الشهر علامة تقدير فائقة.