خبر معجزة عيد الأنوار.. معاريف

الساعة 03:52 م|07 ديسمبر 2010

بقلم: عاموس غلبوع

(المضمون: من حسن حظ اسرائيل أن الحريق الهائل الذي شب في الكرمل لم يكن زمن الحرب فلو حدث ذلك لوجدت اسرائيل نفسها وحدها دون أن تتجرأ أي دولة اجنبية على ارسال طائرات لاطفاء الحريق - المصدر).

تلقى أمن دولة اسرائيل القومي في الاسبوع الماضي ضربتين، الاولى في صعيد ليس للدولة سيطرة عليه، والثانية في صعيد كله يقع تحت سيطرتها.

يتصل الصعيد الاول بالولايات المتحدة. فقد كشفت وثائق "ويكيليكس" امريكا مع صدقية ضئيلة وضعيفة، وبأنها في الأساس فيها فرق كبير بين السياسة المعلنة التي تُديرها وبين الواقع على الارض. إن الدبلوماسية الامريكية، التي هي الأداة المركزية لاستعمال "القوة الليّنة" تلقت ضربة قاضية. عندما يكون الاقتصاد الامريكي في وضع سيء، وعندما تكون ادارة اوباما قد طرحت في واقع الامر عن جدول اعمالها استعمال أدوات القوة العسكرية وأحلّت الدبلوماسية والحوار في مركز تصورها العام – فان الضرر كبير. ولما كانت الصلة الاستراتيجية والقيمية بالولايات المتحدة عنصرا مركزيا في تصورنا الأمني، فان كل ضعف امريكي يضر بنا ايضا.

لنعد إلينا الآن. يُخيل إلي أن ذلك كان في 2004، في "مؤتمر هرتسليا"، عندما عرض الجيش الاسرائيلي تصوره الجديد عن الحرب. لقد قضى انه زيادة على العناصر الثلاثة الكلاسيكية التي هي الانذار والردع والحسم أضيف عنصر رابع هو حماية الجبهة الداخلية. قبل زمن قصير من حرب لبنان قدّم دان مريدور تقريره عن التصور الأمني، واحتل فيه موضوع حماية الجبهة الداخلية مكانا مركزيا. ثم جاءت حرب لبنان الثانية وأثبتت في هذا السياق وفي أكثر الصور حدّة امورا ثلاثة مركزية وهي أن الجبهة الداخلية هي جبهة متقدمة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وأنها – مع الجبهة المتقدمة العسكرية في ميدان القتال – تكونان جبهة متقدمة وطنية واحدة؛ وأن اسرائيل غير مستعدة لحرب في الجبهة الداخلية لانها لا تملك القدرات المطلوبة؛ وأن دولة اسرائيل تخلّت مدة اسابيع عن السكان المدنيين شمالي الدولة.

منذ حرب لبنان الثانية الى الآن زادت قوة وكميات أدوات الدمار التي تملكها سوريا وحزب الله بمئات الدرجات المئوية. يقوم تصور حزب الله الحربي كله على المس الشديد بجبهتنا الداخلية المدنية، وقد ينضم السوريون ايضا الى هذا الاحتفال. وكل هذا دون أن نذكر ايران. قد يكون اطفاء النيران أحد القدرات المركزية التي يجب على الدولة التسلح بها كالصواريخ المضادة للصواريخ أو كل معدات عسكرية اخرى بالضبط. لانه ما معنى اطلاق آلاف الصواريخ والقذائف الصاروخية إن لم يكن الحرائق؟ ألم يكن عندنا مثال صغير في حرب لبنان الثانية.

بعبارة اخرى، وزير الداخلية هو في الحقيقة المسؤول الرسمي عن موضوع إخماد الحرائق (بسبب الخضوع الغريب لرجال الاطفاء للسلطات المحلية)، لكن الحديث عن قضية ذات معنى أمني من الطراز الاول، المسؤولون عنها قبل الجميع رئيس الحكومة ووزير الدفاع ووزير المالية.

كشف الحريق عن أن دولة اسرائيل لم تبنِ أي قدرة لمجابهة ضرر الحرائق التي سيُسببها اطلاق كثيف لصواريخ وقذائف صاروخية؛ وكشف للمرة التي لا يعلم أحد كم انه لا يوجد في اسرائيل ما يُسمى تحقيق ميزانيات في ضوء أهداف وطنية حقيقية؛ وقد أضر في رأيي بالردع الاسرائيلي، عندما ابتهج حزب الله وآخرون لكون اسرائيل غير مستعدة لمحاربة الصواريخ. قال رئيس الحكومة "إن المساعدة من الدول الاجنبية ليست عارا في القرية العولمية التي نعيش فيها". اجل، كل الاحترام لهذه المساعدة، ومرحى لنتنياهو الذي اجتهد في احرازها. لكن الواقع المؤلم هو أنه قد حدثت معجزة عيد أنوار كبيرة – هي معجزة أن هذا الحريق لم يكن زمن حرب. آنذاك ما كانت أي دولة لتُرسل طائراتها لمساعدتنا. كنا سنظل وحدنا.

ثمة معجزة اخرى عندنا كما في "حرب يوم الغفران": فثمة البطولة وتضحية الأفراد والمنظمات المدنية والمتطوعين من الشعب، برغم الاستعداد المُختل للمؤسسات الحكومية.