خبر توماس فريدمان..أمريكا تمر في لحظة شديدة الخطورة

الساعة 05:56 م|04 ديسمبر 2010

توماس فريدمان..أمريكا تمر في لحظة شديدة الخطورة

قبل أن يدخل الرئيس الأمريكي باراك أوباما البيت الأبيض بفترة وجيزة قال 48% «إن أفضل أيامنا لم تأت بعد»، بينما اعتقد 35% أنها جاءت وانتهت، وهذا اتجاه مثير للقلق.

ماذا يسبب هذا الاتجاه؟ دعوني أحدثكم عن العوامل التي لا تؤثر في هذا الاتجاه. إن الأمر لا يتعلق بأن الملايين من الأمريكيين بدأوا فجأة ينتابهم القلق بشأن الديون الوطنية.

هل تعرفون أي شخص يقول لكم: «لم أستطع النوم الليلة الماضية، فكنت أتقلب باستمرار حتى الفجر من وطأة القلق.. إن الدين الوطني قد وصل إلى 14 تريليون دولار!» عذرا، فإن هذا لا يحدث إلا في الحملات الإعلانية المختلقة.

اعتقد أن ما يدفع الناس للتشاؤم هذه الأيام هما قضيتان متقاطعتان، الأولى هي أن الناس لديهم فهم حدسي أننا في أشد الحاجة الآن لبناء الأمة الأمريكية. إنهم يفهمون ذلك من خلال النظر فقط إلى البنية التحتية المتداعية، وآليات خلق الوظائف لدينا التي تتلاشى بسرعة. وبدأ يدرك الكثير من الناس أننا بدأنا في الانزلاق كبلد، ورأت الناس في أوباما أو على الأقل توقعت منه أن لديه الرؤية والقدرة على تجميع الأمريكيين وراء خطة لبناء الأمة في الداخل.

لكنى أعتقد أن الناس بدأت أن تدرك شيئا آخر، وهو أننا نواجه لحظة شديدة الخطورة. ويجب علينا أن نضع خطة بناء الأمة موضع التنفيذ لأننا أشبه بمن يقود دون إطار احتياطي. إن خطط الإنقاذ والتحفيز الاقتصادي تركتنا دون وقاية كافية.

قد تكون هناك مساحة وحتى ضرورة لمزيد من خطط التحفيز ولكن يجب علينا أن نضعها موضع التنفيذ. إذا فشلنا في أن نتحد ونستثمر وننفق ونخفض الإنفاق بحكمة حقيقية فسنجد أنفسنا على الحافة. إذا أصبحت أمريكا ضعيفة، فإن أطفالك لن ينهوا في بلد مختلف فحسب، بل فى عالم مختلف تماما. ينبغي أن نغير طرق إدارة السياسة الخارجية الأمريكية ونضع خطة لإعادة بناء البلاد في الداخل في وقت أصبحت فيه مواردنا المالية وقوتنا الجيوسياسية محدودة أكثر من أى عهد مضى وفى وقت التزاماتنا فيه للخارج والوعود المقدمة للداخل أصبحت أكثر إلحاحا.

ولهذا السبب أعتقد أن معظم الأمريكيين لا يريدون خطة لخفض العجز. إن رؤية حزب حفل الشاي ضيقة وغير ملهمة. الأمريكيون يريدون خطة لتعود بلدهم عظيمة مرة أخرى، وبالنسبة للبعض فإنهم يعرفون أن مثل هذه الخطة ستتطلب السياسة الهجينة، تلك التي تمزج بين عناصر رؤية الحزبين، وفى هذه الحالة سيتبع الأمريكيون الرئيس. سيدفعون مزيدا من الضرائب ويتخلون عن مزيد من الخدمات إذا اعتقدوا أن لدى رئيسهم خطة لتعود أمريكا بلدا عظيما مرة أخرى، وليس فقط لتحقيق النصر له فى 2012 بنسبة 50.1 %.

 

 

 

وتتطلب السياسة خيارات صعبة. فنحن بحاجة إلى رفع الضرائب على البنزين والكربون للحد من استخدامهما والعمل على إيجاد صناعة الطاقة النظيفة الجديدة. بينما نقوم بخفض الرواتب وضرائب الشركات يجب أن نعمل على تشجيع التوظيف والاستثمار المحلى. كما نحتاج لخفض مستحقات الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي في نفس الوقت الذي نقوم فيه باستثمارات جديدة في البنية التحتية والمدارس وبرامج الأبحاث الممولة من الحكومة.

ونحتاج أن ننهى عملنا في العراق، ولكننا نحتاج أن نخرج من أفغانستان، حتى لو انطوى الأمر على مخاطر، لأننا لا نستطيع أن ننفق 190 مليون دولار يوميا لجلب أمراء الحرب الفاسدين من القرن 15 إلى القرن 19.

نعم، ورث الرئيس أوباما فوضى كبيرة من فريق بوش المتهور ولكنه يستحق المزيد من الثناء والثقة من أجل استقرار الاقتصاد وإحياء صناعة السيارات. والسبب في أنه لم يحصل على الثناء هو لأن 40% من الأمريكيين التابعين للطبقة المتوسطة، والذين حددوا نتائج الانتخابات الماضية، والتي سبقتها لا يرون خطة أمريكية متناسقة تقتدى إنفاقا أكثر واتخاذ قرارات صعبة.

أفضل شىء يمكن أن يقوم به الرئيس الآن هو أن يعلن تأييده لمشروع التوصيات بشأن كيفية خفض عجز الميزانية في البلاد، التي وضعت من قبل الرئيسين المشاركين في اللجنة المالية للبيت الأبيض، إرسكين بولز، وآلان سيمبسون. ففي خطتهم، الجميع يتلقى الضربات.

وبفعل هذا، بإمكان أوباما الإمساك بزمام الأمر. ويمكن أن يصرح بأنه لا يتفق مع كل الاقتراحات الخاصة بخفض العجز وأنه يريد أن يضيف استثماراته الخاصة إلى مستقبلنا. ويمكنه القول إن هذا النهج الذي يعتمد على السياسة المهجنة هو السبيل العملي الوحيد لهذا البلد في الوقت الراهن، وهو ما ينوى أوباما استخدامه كأساس لخطته لبناء الأمة الأمريكية بحيث لا نرى مرة أخرى استطلاعات تشير إلى أن سكان الولايات المتحدة يعتقدون بأن أفضل أيامنا قد ولت.