خبر بعد نشأة فلسطين- هآرتس

الساعة 02:54 م|04 ديسمبر 2010

بعد نشأة فلسطين- هآرتس

بقلم: حزقيال درور

إن تفكيرا نوعيا في اتفاق مع الفلسطينيين، ينتهي بالضرورة الى انشاء دولة "فلسطين"، مشروط بادراك أن ليس الحديث عن "نهاية تاريخ" الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي. والحديث بقدر أقل من ذلك ايضا عن نهاية الصراع العربي – الاسرائيلي، الذي أسبابه أعمق كثيرا من القضية الفلسطينية مع أهميتها كلها. لهذا ينبغي أن نفحص مسبقا عن تطورات بديلة بعد انشاء دولة فلسطين وأن نصوغ بحسب ذلك الاتفاق والخطوات الى احرازه.

تعرض اربعة سيناريوهات امكانات مختلفة في أمد عشر سنين:

        1- أن تكون فلسطين التي تُسكّن اقامتها الصراع عامة، دولة باحثة عن السلام. وبفضل مساعدة دولية وقيادة مستنيرة، تتطور الدولة مع حُسن جوار لاسرائيل. وتنشيء أكثر الدول العربية علاقات مع اسرائيل مع تعاون اقليمي واحتواء لايران.

        2- تقوض فلسطين الاستقرار في الاردن. وتعاني الدولة الفلسطينية "ضيقا" وتخضع لضغط اللاجئين الذين يريدون الاستيطان فيها. ويعمل الفلسطينيون من سكان الاردن في إدماج المملكة مع دولة فلسطين، لكن الادارة الاردنية تقمعهم في قسوة. تؤيد فلسطين اعمال التآمر في الاردن الذي يتقوض استقراره. مع ذلك يعلن قادة فلسطين لاسرائيل بأنهم يقبلون السلام مع اسرائيل بصفته ملزما.

        3- الاتفاق الاسرائيلي – الفلسطيني يُدخل سوريا الى العمل. فبعد الاتفاق تصبح الادارة السورية في موقع متدني قياسا بالنجاح الفلسطيني. فتبادر سوريا الى عمل عنيف محدود على شمال اسرائيل، مع تصريح صريح بأنها لا تنوي سوى استعادة "ما لها، كما استعاد الفلسطينيون". وتعد ايران ومنظمة حزب الله بالتأييد ويُحركان القوات. وتختلف الآراء في فلسطين هل "نقف جانبا" أم لا.

        4- تسيطر حماس على فلسطين بعد اغتيال زعماء أيدوا الاتفاق "الخائن" مع اسرائيل؛ وتوصي الولايات المتحدة اسرائيل بعدم التدخل؛ ويستحث حُكام الاردن والسعودية اسرائيل سراً على غزو فلسطين والقضاء على حماس؛ وتعلن ايران وسوريا بأن كل تدخل اسرائيلي سيُعد "اعلان حرب".

هذه بضعة سيناريوهات فقط من كثيرات، لكنها تُبرز الحاجة الى أن تأخذ المفاوضة في الحسبان تطورات مختلفة للدولة الفلسطينية المستقبلية. يتم تأكيد هذه الحاجة باعتبار تقدير أن احتمال السيناريو الاول، المتفائل، متدنٍ، اذا لم تتغير دينامية الشرق الاوسط. لأن تطور فلسطين سيكون مشروطا بمحيطها الجغرافي السياسي. سيُسهم اتفاق سلام شرق اوسطي في استقرار فلسطين، أما نشوب العنف العربي – الاسرائيلي فقد يقوضها في سهولة.

لا ينبغي أن نستنتج من ذلك أن دولة اسرائيل تستطيع ويجب عليها الامتناع عن انشاء دولة فلسطينية. فهذه السياسة قد تفضي الى سيناريوهات أشد، مثل العنف سيتصاعد تصاعدا خطرا، وضعف جوهر اسرائيل اليهودي وصبغتها الديمقراطية، والمس بعلاقتها بالولايات المتحدة والمس بمكانتها الدولية عامة. لهذا توجد اسباب تقتضي مبدئيا، من جهة أمن اسرائيل القومي، التقدم نحو اتفاق يشتمل على انشاء دولة فلسطينية. مع ذلك، يظل ثمة مجال واسع لاشتراطات مختلفة وخطوات تُمكّن من مجابهة تطورات غير مرغوب فيها.

على سبيل المثال من المهم تزويد الدولة الفلسطينية بكل شيء حيوي لاستقرارها وتطورها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي. وفي الوقت نفسه يجب على اسرائيل أن تستعد لمجابهة تطورات سلبية. يُحتاج مثلا الى خطط ووسائل قدر المستطاع في التعاون مع الاردن والسعودية ومصر للمساعدة على السعي الى حكومة شرعية لفلسطين.

يجب على اسرائيل أن تعمل في جد لتُدمج في اتفاق مع الفلسطينيين اتفاقا شرق اوسطي شامل. يُلمح كلام رئيس الحكومة أخيرا الى هذه النيّة، لكن يُحتاج الى أكثر من ذلك: الى اقتراح اسرائيلي لاتفاق سلام شامل في الشرق الاوسط مع الاعتماد على مبادرة السلام العربية مع تغييرات، ويكون أحد عناصرها انشاء دولة فلسطينية مستقرة.

الشرط المسبق لذلك هو التصور الصحيح للمسألة الفلسطينية بأنها حلقة واحدة في المسار التاريخي الذي ثبت فيه الصراع العربي – الاسرائيلي عامة لا بكونها مسألة مستقلة بذاتها. هذا تحدٍ مركزي لسياسة اسرائيل مُلقى من جهة فنية على مجلس الامن القومي وسياسية على رئيس الحكومة ووزير الدفاع.